بوعياش تدعو إلى عدالة إفريقية تعويضية شاملة

دعت آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مساء الثلاثاء الماضي، في كلمة ترافعية مصورة عن بعد خلال اختتام المنتدى الإفريقي للمنظمات غير الحكومية، المنعقد في بانجول عاصمة غامبيا، ضمن فعاليات الدورة 83 للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان، (دعت) إلى إعادة التفكير في مفهوم “العدالة التعويضية” من منظور إفريقي يستحضر تحديات الحاضر ومآسي الماضي.
واستهلت بوعياش مداخلتها بتوصيف تاريخي للمعاناة الجماعية التي عاشتها القارة الإفريقية، مشيرة إلى أن إفريقيا “تحمل منذ قرون وصمة نظام غير عادل جعل من تجارة البشر وسيلة لتكوين الثروات على حساب آلام شعوبها”.
ووصفت العبودية والاتجار بالبشر والاستعمار بأنها ممارسات مهينة وغير إنسانية خلّفت آثاراً عميقة وندوباً لا تزال حاضرة في الذاكرة الجماعية والواقع الراهن للقارة.
وأكدت المسؤولة الحقوقية أن “الشتات الإفريقي” لا يزال يمثل شاهداً حياً على تلك المآسي، وضحية مستمرة لظلم تاريخي لم تتم معالجته بعد. وقالت إن العدالة التعويضية يجب أن تنطلق من هذا الوعي الجماعي، وأن تكون استجابة حقيقية لجرائم تركت أجيالاً محرومة من حقوقها وكرامتها.
وأوضحت بوعياش أن مسارات جبر الضرر تواجه تحديات معقدة، على رأسها تحديد المسؤوليات، وإمكانات التطبيق، وتحديد الأهداف النهائية. وشددت على أن الاقتصار على تعويضات مادية أو رمزية لا يكفي لمعالجة آثار الماضي أو تقليص الفوارق الحالية، مؤكدة أن الجبر لا يمكن أن يكون لحظة عابرة بل مساراً ممتداً ومتجذراً.
وشددت كذلك على ضرورة إشراك الجماعات المتضررة بشكل مباشر أو غير مباشر في صياغة وتنفيذ آليات الجبر، معتبرة أن هذا الإشراك ليس فقط شرطاً أساسياً لنجاح المسار، بل هو أيضاً اعتراف صريح بحقوقها الأساسية التي تم انتهاكها.
وأضافت أن التجارب الدولية، سيما في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، أظهرت أن العدالة التعويضية قابلة للتصميم والتنفيذ بشكل فعّال، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والتخطيط الهيكلي السليم. وأكدت أن الجبر ينبغي أن يكون جزءاً من رؤية شاملة لإعادة بناء المجتمعات على أسس العدالة والكرامة والمساواة.
ودعت بوعياش إلى جعل العدالة الاقتصادية محوراً أساسياً في سياسات جبر الضرر، من خلال إطلاق برامج تنموية مستدامة تستهدف المجتمعات التي عانت من التهميش تاريخياً، وتشجيع المبادرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي يقودها الأفارقة في الداخل وفي الشتات.
وختمت المسؤولة المغربية كلمتها بالتأكيد على الدور الحيوي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية، التي وصفتها بأنها “جهات فاعلة لا غنى عنها” في توثيق الجرائم التاريخية والمرافعة من أجل جبر ضررها، وضمان عدم تكرارها مستقبلاً.
جدير بالذكر أن منتدى المنظمات غير الحكومية، المنعقد هذا العام تحت شعار “سنة جبر الأضرار: العدالة للأفارقة وللأشخاص المنحدرين من أصل إفريقي”، سعى إلى توفير منصة للتبادل والتعاون بين الفاعلين الحقوقيين وصناع القرار والباحثين، مع التركيز على قضايا العبودية الحديثة، والعدالة بين الجنسين، ومأسسة تدابير الجبر، ضمن مقاربة قائمة على حقوق الإنسان.