"يمشي الزين ويبقاو حروفو" مثل ينطبق على الكبيرة، إحدى نساء الشاوية ورديغة التي رغم بلوغها سن الثمانين، ما زالت بعض ملامح الجمال تعلو محياها الذي غزته التجاعيد.الكبيرة امرأة شهيرة في أحد دواوير "امزاب" بجمالها وكذا بقوتها،فزمام الأمور كانت بيديها، والكل في الدوار يضرب المثل بهذه المرأة التي تمكنت من نقل زوجها من العيش عيشة بئيسة إلى صاحب أملاك.كانت البداية بمشروع صغير يتعلق بتربية الدجاج وبعض الأغنام، ومع مرور الأيام كبر المشروع واقتنت بعض الأبقار، تنتظر إلى أن تلد وتكبر العجول ثم تعيد بيعها واقتناء أخرى، إلى أن أصبحت رفقة زوجها من الملاكين بالمنطقة، كما استثمرت جزءا من المال في اقتناء أراض فلاحية.مازال الجميع يتحدث اليوم عن الكبيرة، وقوة شخصيتها، فهي كانت تتحدى الرجال حين نزولها للعمل في الحقل، أو عند توجهها إلى السوق لبيع أو شراء الماشية. كانت من بين الأوائل الذين يصلون إلى السوق وفي جيبها مبلغ مالي كبير، تقتني به بعض الأغنام أو الأبقار أو تعمل رفقة مساعديها على بيعها، فيما كان الزوج، الذي عرف بين سكان الدوار بخموله وعدم اكتراثه بما يجري، نائما في المنزل. قوة المرأة دفعت الجيران وأبناء الدوار إلى مناداة أبنائها ب"اولاد الكبيرة"، خاصة أن الأب كان من النوع المتكاسل الذي لا يتدخل إلا في القليل من الأمور، فهي التي تخطط لكل شيء وهي التي تنفذ، ما جعل البعض يطلق عليها صفة "مرا ونص" في إشارة إلى أنها تختلف عن العديد من نساء الدوار.توفقت الكبيرة في تربية الأبناء، وحصل اثنان منهم على شهادات عليا خولت لهما العمل في مناصب مهمة، فيما توقف مسار ثالث في منتصف الطريق، لتجعل منه معينا لها ويدها اليمنى، خاصة بعد وفاة الزوج، قبل أن يمسك بزمام الأمور بعد أن تقدمت في السن.تعيش الكبيرة اليوم معززة مكرمة رفقة أحد أبنائها الذي كلف بإدارة كل شيء بعد أن تملكها التعب، ورغم مرور العقود الثمانية فإن الكلمة الأولى والأخيرة لها، فابنها لا يقوم بأي شيء إلا بعد أن يستشيرها.الصديق بوكزول