بدون…”حكرة” ربات البيوت

أنيطت بهن المهمات الصعبة ولا يعترف لهن بمهنة في الأوراق الرسمية وفي عقود القران لا تعترف الدولة بالأم ربة البيت، فهي تسجل في السجلات الإدارية والرسمية على أنها بدون شغل، رغم أنها تشتغل أكثر وطيلة اليوم، وتتحمل أعباء لا يقدر على تحملها الرجال..."يشهد العدلان المنتصبان للإشهاد أن فلانة بنت فلان البكر حالتها...بدون مهنة...". "يشهد قائد المقاطعة الحضرية...أن السيدة فلانة تقطن في العنوان كذا بدون مهنة... سلمت لها هذه الشهادة لإنجاز البطاقة الوطنية". نماذج كثيرة لوثائق رسمية وإدارية تهمش المرأة، فأشغال تربية الأبناء والطهو والغسل والتنظيف والاعتناء بالبيت وبأثاثه وغيرها، ليست في تقدير محرري هذه الوثائق عملا يسجل بمداد الفخر في الوثائق الإدارية التي تطلبها، بل هو واجب لا يدخل في الحسابات.المساواة بين الجنسين، لا تتعلق فقط بما تبحث عنه المرأة من حقوق لتضاهي الرجل وتناصفه، بل تحتاج فيما تحتاج إليه اعترافا أوليا بما تقوم به من أعمال لا يقوى الجنس الآخر على القيام بها، ولا يتوفر على الميكانيزمات الخاصة بإنجاحها. فتربية الأبناء والاعتناء بهم لوحدها مهمة شاقة، لا تستقيم لا في مدرسة ولا في معاهد، بل هي فطرة وملكة للأم دون غيرها.عاشت الأمهات وسط جحود الدولة التي تنكرت لمجهوداتها، فهي التي ربت الأجيال وهي التي أهلت الأبطال وكونت الفدائيين قبل الجنود وربت فيهم حب الأوطان، ومع ذلك لم يتم الاعتراف لهن بها الدور ولو بملء خانة المهنة في البطاقة الوطنية السابقة، تحت مسمى ربة بيت على الأقل، لنحيطها بما تحتاجه من اعتراف وتشعر فعلا أن دورها فوق كل الأدوار.احتقار الأم، لا يظهر في الوثائق فقط، بل في سلوكات مستشرية في المجتمع، وهي سلوكات تربى عليها الناس حتى أصبحت عادية لديهم، لا يفكرون في معانيها ولا في ما تنتقص به دور المرأة.فغالبا ما تتم الإجابة عند السؤال عن عمل الأم أو الزوجة، بعبارة باللسان العامي تفيد أنها فقط "جالسة في الدار"، والجلوس في معانيه الخمول والركود، أي أنها لا تقوم بأي شيء، وهو ما يعتبر عن قصد عدم اعتراف عن سبق إصرار وترصد بدور الأم الكبير، سواء في تربية النشء، أو في القيام بالمهام المنزلية التي لا توقيت لها، عكس الشغل خارج العمل فقد قننه المشرع ووضع له ساعات محدودة كما مكن الأجير من عطلة أسبوعية وأخرى سنوية، ومن حقوق أخرى في حال المرض أو التغيب بمبرر. فجميع هذه الحقوق لا تتوفر للأم، بل لم تسمع عنها، فعملها يستمر طيلة اليوم، وفي حال المرض أو وقوع طارئ فقد يستمر في الليل، فالعناية بالآخرين شعارها في العمل. والأم لا يمكنها أن تضرب عن العمل أو تمتنع عنه، فهي تقوم بما تقوم به بحب وحنان، ولا تنتظر جزاء ولا شكرا سوى أن ترى أبناءها كبروا وأصبحوا قادرين على مواجهة الحياة. "جالسة في الدار" معناه أيضا أنها عنصر غير منتج يستهلك فقط، فيما ما تنتجه الأم لا يمكن حصره وما تقدمه للأبناء والمجتمع، لا يحصر في لائحة، ولم يخطئ حافظ إبراهيم الشاعر الراحل حينما قال : "الأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق". فرقي الشعوب وتقدمها يعود إلى رقي أسرها، وأكثر إنسان اهتماما بالأسرة هي الأم.مصطفى صفر

بدون…”حكرة” ربات البيوت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

لمياء نموذج ربات البيوت الفاسيات

الكبيرة..."مرا ونص"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات