الحاجة حليمة وحيد، واحدة من هؤلاء العاملات القرويات اللواتي يشتغلن كالنحل. ترملت منذ أربعين سنة ولا تزال هي الآمرة الناهية، لا كلمة تعلو فوق كلمتها. منذ ولادتها في أواخر عشرينات القرن الماضي بدوار الرشاشدة وهي مرتبطة بالأرض. ومنذ زواجها وهي تسهر على تسيير شؤون بيتها بحكمة وتفان قل نظيره الآن.الحاجة حليمة القاطنة بدوار العطاطرة التابع لسيدي بنور، فخورة بحياتها وسيرتها، سيما أنها أنجبت، 12 بنتا وولدا، نصفهم توفي والنصف الآخر تزوج واستقل بذاته، إلا الابن الأصغر، الذي تزوج وظل قريبا منها، يعينها على تدبير أمور الفلاحة وتربية المواشي. توفي زوجها منذ أربعين سنة. حين تسألها عن سبب عدم زواجها مرة ثانية، تجيب بحياء وابتسامة عريضة ارتسمت على شفتيها، “آويلي واش اللي عندو ستة أبناء يتزوج”، قبل أن تضيف، نذرت حياتي لأولادي وبناتي إلى أن استقلوا بأنفسهم. تتحدث حليمة بتواضع، بعد أن انضمت إلى المشاركات في الحفل السنوي، المنظم من قبل معمل السكر بسيدي بنور، المخصص للنساء الفلاحات، المنتجات للشمندر. استلمت جائزة مقابل حصولها على أعلى نسبة للحلاوة، أضافتها إلى حلاوة حياتها وحلاوة كلامها.هي الآن أفضل حال مما سبق، تعيش رفقة ابنها وزوجته، التي تعينها على تحمل أعباء البيت، دون أن تستقيل من مهامها. تحكي الحاجة حليمة عن معاناتها بعد وفاة زوجها وتقول، “كنت المرأة و”الراجل”، أعمل داخل البيت وخارجه، أربي أطفالي وأسرح بهائمي وأستعين على ذلك بعمال مياومين، كنت سارحة ومروحة ومعاندة وفلاحة ومضادة ومعاندة”. وتضيف، “الحمد لله، أن الآلات قلصت من حجم الأعباء والأشغال المرتبطة بالفلاحة، الجرارات تحرث والحصادات تحصد، استفدنا من الماء والكهرباء والتلفزيون وحتى الهاتف المحمول، “الأيام زيانت أوليدي في وقتكم”، أما في عهدنا نحن، “كنا عايشين في القهرة وتمارة”.لا زالت الحاجة حليمة رغم تقدمها في السن محافظة على هيبتها وجمالها، تذهب بنفسها إلى السوق لشراء حاجيات بيتها. “لا زلت أداوم على زيارة السوق كل ثلاثاء، أبيع وأشتري كل ما أحتاج إليه من مواد غذائية ومواد علفية وألبسة وغير ذلك. أحرص على حرث أرضي التي تركها المرحوم، أزرع الحبوب والشمندر والقطاني والكلأ للماشية”..أحمد ذو الرشاد (سيدي بنور)