نشرت مؤسسة الوسيط تقريرا منتقدا تعثر الإدارة، كيف تفاعلتم معه في المنظمة الديمقراطية للشغل؟ مما لاشك فيه أننا تعاملنا مع آخر تقرير لمؤسسة الوسيط بشكل إيجابي، وسجلنا التطور الملحوظ والنقلة النوعية لعمل المؤسسات الدستورية الرقابية في بلادنا لاعتمادها معايير الشفافية والموضوعية في إصدار تقارير مبنية على معطيات وتشخيص علمي للواقع في مختلف المجالات الإدارية والمالية والتدبيرية والحكامة والإنفاق العمومي. و لاحظنا تحولا ملموسا وإيجابيا لهذه المؤسسات الدستورية، وهو ما يعزز ثقة المواطنين والمؤسسات الدولية ويشجع فعلا على الاستثمار. ولم تعد هذه المؤسسات كما كانت عليه في السابق، مجرد "بوق للحكومة" "تتغنى بأسطوانة كل شيء بخير"، أو تشتغل على أنها "مؤسسات صورية"، بل أصبحت مؤسسات فاعلة وفعالة، تمارس اختصاصاتها الدستورية بموضوعية وشفافية كاملة في الكشف عن الاختلالات والانحرافات. ومقابل ذلك ، تتضايق الحكومات من هذه التقارير، وتشكك فيها، لأن ما تروجه الحكومات من نتائج حصيلة وأرقام ومعطيات تظل غير دقيقة، ويكتنفها الغموض، ويرفع معها شعار "العام زين". لماذا تتأخر الحكومات في تنزيل توصيات المؤسسات الدستورية بينها الوسيط؟ الحكومات دون استثناء تعاملت بشكل سلبي مع تقارير، وتوصيات وسيط المملكة، ما جعلها في مأزق لا يحسد عليه، لأن ثقة المواطن تبدأ من حيث التفاعل مع شكايته وتظلمه، وتوجهه إلى مؤسسة دستورية لعلها تنصفه. وغياب التفاعل الحكومي مع تقارير مؤسسات دستورية منها مؤسسة الوسيط، يثير أكثر من تساؤل حول الجدوى من إنتاج التقارير، إذا لم تتلق جوابا شافيا ومقنعا من صناع القرار. والحكومة ملزمة، أولا، باحترام وتطبيق المقتضيات الدستورية من الفصل 154 من الدستور الذي ينص على أنه " تخضع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، وتخضع في تسييرها للمبادئ والقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور"، وهو ما تأكد أيضا في الفصل 155 من الدستور الذي ينص على أنه "يمارس أعوان المرافق العمومية وظائفهم، وفقا لمبادئ احترام القانون، والحياد والشفافية والنزاهة والمصلحة العامة". وما معنى أن يتوفر مواطن على حكم قضائي ضد الإدارة لم ينفذ فيلجأ إلى المؤسسة لتقديم تظلمه، وتقوم المؤسسة بالمساعي اللازمة لأجل ضمان تنفيذ هذا الحكم بحجز أو بدونه، بغرامة تهديدية شخصية أو بدونها، إذ يكفي أن يتوفر حكم قضائي نهائي لتطبيق القانون. والمسؤولية السياسية والأخلاقية والمجتمعية تقتضي تنفيذ توصيات الوسيط، قبل الحديث عن وسائل التنفيذ القضائي بمنطق الحجز والغرامة التهديدية وتجريم عدم التنفيذ. هل يكفي تغيير القوانين لمحاربة البيروقراطية؟ > على الحكومة أن تتوقف عن الطعن في تقارير مؤسسات دستورية موكول لها حماية ثروات الوطن، ومحاربة الفساد، والاحتكار والبيروقراطية الإدارية. وأعتقد أن تغيير القوانين ضروري طبعا في اتجاه تبسيط المساطر الإدارية، وتسهيل الولوج إلى المؤسسات والإدارات العمومية والحصول على خدماتها، واحترام حقوق المرتفقين والعاملين، واحترام ميثاق تدبير المرفق العمومي، وإصدار ميثاق للمرفق العام لتعزيز آليات الحكامة الجيدة والشفافية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. أجرى الحوار: أحمد الأرقام * علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل