كان العدالة والتنمية يقاتل في جبهة فصل المال عن السلطة، وتضارب المصالح، مكتسحا مزيدا من "الأراضي" في مساحات الرأي العام والإعلام الوطني ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى تفاجأ بـ "قائده العظيم"، يضع السلاح، وذهب يرتاح في فاس، ويتفرغ للهجوم على صحافي أعزل. فما فعله الحزب، في أيام، هدمه عبد الإله بنكيران، في رمشة عين، إذ فشل، مرة أخرى، في التحكم في نوبة "جنون" تنتابه، كلما استحلى دفء منصة خطابة، و"استمتع" بجمع من المستمعين، يحسنون الضحك على قفشاته وقهقهاته، ويلهبون القاعة تصفيقا حارا. فلم يكد الحزب الإسلامي يتنفس الصعداء، بعد رحلة إنهاك سياسي وتنظيمي انطلق في شتنبر 2021 بتجربة انتخابية سيئة، أعقبها دوران في فراغ معارضة منهكة بلا جدوى في مجلس النواب والجماعات الترابية، حتى قرر بنكيران، العودة بـ"مناضليه" إلى نقطة البداية، بل نقلهم، في لحظة حماس فائرة، من موقع هجوم إلى موقع مدافع بطعم "التبرهيش". الأمين العام، "ومول العقل زعما"، لم يجد ما يفعله في لقاء حزبي غير البصق في "طاجين" سياسي لذيذ أعدته مجموعة برلمانية "صغيرة"، على نار هادئة، وقضت وقتا طويلا في التربص بلسان رئيس الحكومة، حتى انزلق ذات جلسة تشريعية عمومية، وقال ما لا ينبغي أن يقوله في مقام اسمه مجلس النواب. وبغض النظر عن الموقف الملتبس من زواج المال بالسياسة، أو المال بالسلطة، أو الإشكاليات القانونية والدستورية المرتبطة بتضارب المصالح، لعب فريق العدالة والتنمية "المباراة" بذكاء، وأخرج النقاش من قبة الغرفة التشريعية إلى الرأي العام الوطني، وأقنع قادته بإصدار بلاغ في الموضوع، وتنظيم ندوة صحافية، بدأت تعطي ثمارها سياسيا. وقطعا، ستكون قائدا سياسيا بلا بوصلة إذا ضربت كل هذا "التراكم" عرض الحائط، وأطلقت العنان للسانك الطويل لشتم صحافي، ووصفه بنعت قدحي، مثل "البرهوش" و"قليل الترابي" و"المأجور"، التي كررها عدة مرات تحت التصفيقات، فقط لأن أسئلته لم ترق هوى "العالم الجليل سيدي إدريس الأزمي الإدريسي". وليست المرة الأولى التي يبصق فيها بنكيران في "طاجين" العدالة والتنمية، إذ دفع الحزب ضرائب غالية من سلوكات رجل حول ركنه الأثير، في صالون فيلته بحي الليمون، إلى مقر قيادة لاتخاذ القرارات وإجراء الحوارات وإطلاق التصريحات والصواريخ العشوائية التي ترتد وتسقط فوق سقف تنظيم وتصيبه بالدمار. الدمار النفسي والسياسي والتنظيمي الذي يشعر به من تبقى من مناضلين، حين يرون أمينهم العام يقدم اعتذارين مكتوبين في أقل من شهر، واحد لوزير وآخر لصحافي. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma