محلات ومقاه وعربات تثير الفوضى وأعوان سلطة يطبعون مع خرق القانون تفشت مظاهر احتلال الملك العمومي بالألفة بتراب عمالة الحي الحسني بالبيضاء، في غياب تدخلات صارمة من قبل عناصر السلطة المحلية والجهات المسؤولة، فالظاهرة اجتاحت أهم الشوارع والأزقة بشكل لافت للنظر، لدرجة أن المحلات التجارية والمقاهي ومحلات الشواء وبيع الفطائر أجهزت على الملك العمومي، لتنضاف إلى فتوات "الفراشة" والباعة الجائلين الذين اجتاحوا الشوارع والأزقة بشكل غير قانوني في مشاهد تلخص واقعا يحمل عنوانا عريضا "عودة السيبة". وفي تحد سافر لمشاعر سكان المنطقة التي تزاوج بين السكن الاقتصادي والمتوسط والفاخر، يستمر الخارقون للقانون في احتلال الملك العمومي بالحاج فاتح وشارع مصطفى سلمات والدورة منذ فترة الصباح إلى المساء، كما تظهر الصور التي التقطتها "الصباح"، حيث ينعدم الرصيف المخصص للراجلين ويتم شل حركة مرور السيارات بـ"قانون الغاب". إنجاز: محمد بها / تصوير: (عبد اللطيف مفيق) وصف حي الحاج فاتح ومحيطه وحبيبة 2 والزبير وحي السلام والأزهر وفرح السلام والشهدية و50 بالنقاط السوداء بتراب الحي الحسني، قد تعتبره السلطات حكما قاسيا، لكن الواقع يحمل في طياته حقائق لا يمكن التغاضي عنها، إذ تحولت المنطقة إلى مرتع لتفريخ الجريمة بمختلف أصنافها، بسبب احتضانها أسواقا عشوائية لبيع الملابس الجاهزة والخضر والفواكه والمنتوجات الاستهلاكية. نصب أسواق وفرض أنشطة عشوائية من قبل أصحاب محلات و"فتوات" يتحدون القانون أمام مرأى ومسمع السلطات المحلية، لم تتوقف أضراره بالإجهاز على الملك العمومي، بل تعدته إلى تحول تلك الفضاءات إلى جحيم يومي يقض مضجع السكان والزوار والمارة من مختلف الفئات والأعمار. مقاه ومحلات تجارية فوق المساءلة فوضى استباحة الرصيف بمختلف أحياء الألفة ليست حكرا على الباعة الذين يستعرضون قوتهم لفرض الأمر الواقع، وإنما شملت أيضا المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية وفضاءات غسل السيارات "لافاج"، التي انخرط أصحابها في جريمة تمديد مساحات احتلال الملك العمومي، إلى أن طالت الممرات التي يتخذها المواطنون ممرا رئيسيا. وعاينت "الصباح"، كيف أصبح أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية وغسل السيارات بشوارع وأزقة الحاج فاتح وشارع مصطفى سلمات والدورة وباقي أحياء الألفة، ملاكا غير شرعيين لأرصفة وشوارع متسببين في عرقلة حركة المرور بعدما استطابوا "غياب المساءلة". وطالب عدد من سكان الأحياء التي تئن تحت وطأة الفوضى، السلطات الترابية بالتدخل لوضع حد لفوضى احتلال الملك العمومي وإنصافهم من سطوة أصحاب محلات يبررون أعمالهم المخالفة للقانون، بادعاء أن مشاريعهم توفر موارد مالية مهمة، تساهم في محاربة البطالة بتشغيل شباب ونساء وأرباب أسر مغلوبة على أمرها. "الفراشة" و"الكرارس"... قانون الغاب عاين طاقم "الصباح"، تحويل الباعة الجائلين شوارع الألفة إلى فوضى، إذ انتشرت العربات المجرورة والطاولات المنصبة وسط الطريق، مما أضحى معرقلا لحركة السير إلى درجة التجرؤ على منع السيارات من المرور بعبارة تنم عن خطورة التطبيع مع الفوضى "غير رجع راه ماكينش منين دوز"، في وقت تبذل فيه الدولة مجهودات جبارة لمعالجة مشكل الاختناق المروري بمشاريع كبرى. ومما يكشف حجم استهتار "الفتوات" بالقانون، قيامهم بإحداث الضوضاء والصخب في محاولة لاستقطاب الزبناء، دون اكتراث بالمرضى والسكان الباحثين عن لحظة هدوء وسكينة، إضافة إلى الألفاظ النابية التي يتبادلها البائعون في ما بينهم عند التسابق لبسط سيطرتهم على الملك العمومي بلازمة يتم ترديدها "هذي بلاصتي سير لجهة أخرى". عجز السلطة وشرعنة الفوضى كشف عدد من سكان أحياء الألفة في حديث مع "الصباح"، أن المشكل الذي استفحل بأحيائهم التي لا تحمل من المناطق الحضرية سوى الاسم، يعود بالدرجة الأولى إلى غياب إرادة حقيقية للقائمين على تسيير الشأن المحلي بتراب مقاطعة الحي الحسني في محاربة احتلال الملك العمومي بالمنطقة، موازاة مع الدينامية الإصلاحية التي انطلقت بعد تولي الوالي محمد مهيدية مهمة إعادة الاعتبار للعاصمة الاقتصادية للمملكة بعد سنوات من الضياع. وأضاف المتضررون من فوضى وجبروت فتوات يرعبون كل من يشتكي مخالفتهم للقانون، أن المشكل يمكن تداركه في بدايته بقيام الشرطة الإدارية والقائد وأعوان السلطة بحملة ورصد المخالفات ورفع تقارير بشأنها إلى الجهات الوصية لاتخاذ المتعين، ولكن الإهمال وعدم الرقابة، والرغبة في تفادي المشاكل مع بعض الباعة "المنحرفين" والمستقوين بالنفوذ، شجعت على التنافس في استباحة الملك العمومي واستقطاب مجموعة من الأشخاص القاطنين بليساسفة ومناطق مجاورة لاستيطان فضاءات الملك العمومي ليحولوها إلى ملك خاص يمارسون فيها أنشطة عشوائية ويستعرضون فيها قوتهم على كل من يحاول الاحتجاج على سلوكاتهم غير السوية المنافية للقانون وللأعراف والتقاليد التي تنص على ضرورة التقيد بـ"حسن الجوار". وشدد المتضررون من الظاهرة، على أن محاربة احتلال الملك العمومي ليست من اختصاص رجال الشرطة، بل تعود إلى الشرطة الإدارية ورجال السلطة وأعوانهم، ملتمسين من عامل مقاطعة الحي الحسني التدخل، لوقف تغول أصحاب المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية وفضاءات "غسل السيارات" وزحف باعة جائلين لا يعترفون بحقوق السكان والمارة، موازاة مع الحملات الناجحة التي تم تنظيمها بعدد من مقاطعات العاصمة الاقتصادية ومكنت من فرض النظام ومحاربة سلوكات غير سوية لأشخاص أعمى بصيرتهم الجشع في تحقيق الربح السريع على حساب حقوق الآخرين وقيم العيش المشترك. مطارح عشوائية وسط الأحياء انتقاد سلوكات احتلال الملك العمومي لم يكن عبثا أو تحاملا على الأطراف المشتركة في جريمة استباحته، بل للأضرار التي تمس بالأمن والنظام العامين، بدءا من حرمان الراجلين والمارة من الرصيف والطريق والمس بسلامة الأشخاص، إلى إزعاج السكان وبث الفوضى ونشر الأزبال، إلى درجة انتشار مطارح عشوائية تزكم الأنوف وتهدد الصحة العامة. وإضافة إلى تضرر أغلب السكان من صعوبة استعمال الممرات المؤدية إلى إقاماتهم السكنية، بسبب تزايد استعمال واجهات العمارات والمنازل لعرض السلع والبضائع العشوائية، والطاولات والعلامات الإشهارية التي أصبحت متراصة بالدوام على جميع أرصفة الشوارع واحتلت الركن المخصص لركن السيارات، تسبب التطبيع مع فوضى احتلال الملك العمومي في ظهور مطارح عشوائية خلفها تجار يزاولون التجارة الفوضوية. ويكفي القيام بجولة لمعاينة حجم الأوساخ والأزبال التي يخلفها المخالفون للقانون لدى مغادرتهم مساء كل يوم، إذ جعلوا من وسط الطرق وواجهات العمارات أسواقا يومية تغرق في الأوساخ والقاذورات المزكمة للأنوف، وتؤرق عمال النظافة الذين يجدون أنفسهم مضطرين لجمع مخلفات أنشطة فوضوية. أعوان السلطة أصل المشكل تثير ظاهرة احتلال الملك العمومي بأحياء الألفة العديد من علامات الاستفهام، في ظل عدم إنصاف المتضررين والتعامل بجدية مع تظلماتهم، مقابل التغاضي عن ممارسات مستفيدين من استغلال غير قانوني لملك مشترك، فالأرصفة سواء في الشوارع أو الأزقة محتلة بالكامل، وهو ما يعاكس تعليمات عامل الحي الحسني الهادفة إلى الرقي بالمناطق التابعة لنفوذها. والمتمعن لاحتلال الأرصفة والشوارع من قبل أصحاب المقاهي والمطاعم الذين اختاروا تثبيت الكراسي فوق الرصيف الخاص بالراجلين، إضافة إلى أكوام السلع التابعة للمحلات التجارية وممارسات أصحاب محلات غسل السيارات وبيع الأثاث المنزلي ومواد البناء، يطرح سؤال ما دور أعوان السلطة من "مقدمين" و"شيوخ" إلى درجة ظهور مؤشرات على وجود تواطؤ في ظل غض الطرف عن المخالفين، خاصة أن العون المكلف يباشر جولاته، صباح مساء، دون أن يكلف نفسه عناء زجر المخالفين، كما هو المثال على ما يقع بالحاج فاتح التي وصلت فيها الأمور إلى حد استقواء أصحاب محلات لبيع الخضر والفواكه والملابس الجاهزة على القانون بفرض ممارساتهم الفوضوية المزعجة للمارة وللمصلين الذين يرتادون فضاء المسجد للتعبد. وفي انتظار تفعيل السلطات المحلية وعناصر الشرطة الإدارية لصلاحياتها دون محاباة أو مماطلة، وتعميم التجربة على كافة أنحاء أحياء الألفة، فإن معاناة سكان الألفة مسلسل طالت حلقاته، في انتظار استيقاظ المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي من سباتهم، لتصحيح الخلل وكتابة نهاية جميلة عنوانها العريض "القانون يسمو فوق الجميع". حملات محتشمة وازدواجية المعايير المتمعن لتفريخ الفوضى يطرح سؤال ازدواجية المواقف إزاء محاربة الملك العمومي بالألفة، فهناك من يتساءل لماذا تغض السلطات الطرف عن أنشطة عشوائية مقابل محاربة أخرى لا تبعد عنها سوى بأمتار معدودة؟، ولماذا يتم السماح لعدد كبير من المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم وفضاءات غسل السيارات ومحلات بيع الخضر والفواكه باستباحة الملك العمومي والباعة الجائلين بإغلاق الطرقات العامة والسطو على الأرصفة، كما هو حال عدد من الأحياء ضمنها الحاج فاتح التي تكتفي فيها السلطات بحملات محتشمة لا تحقق النتائج المرجوة مادامت لا تغير واقعا مرا؟. ومن الأسئلة الحارقة التي تطرح نفسها بقوة، كيف للسلطات المحلية ألا يثير انتباهها وجود أنشطة عشوائية تمارس فوق الرصيف وتكشف بشكل فاضح الاستغلال البشع للملك العمومي الذي حرم الراجلين من ممراتهم ويهدد الأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة بحوادث سير خطيرة؟.