"طابو" بسبب النفاق الاجتماعي الرومانسية على مستوى العلاقة بين فردين، هي درجة "الأفلاطونية" في الحب، يصبح فيها الإحساس هو الفيصل، لا التفكير العقلي. إن الرومانسية هي أن تتخذ العلاقة نوعا من السمو المتجاوز للماديات. الرومانسية هي قصائد نزار قباني.وفي بلدي، المغرب، تعد الرومانسية، من "الطابوهات"، ونادرا ما يعبر الفرد عن ولهه بمعشوقته أمام الملأ، لأنه يحس وكأنه بصدد اقتراف ذنب، علما أن الأمر يبقى شأنا شخصيا ووجدانيا صرفا منذ القديم.ولأن المناسبة شرط كما يقال، حتى عيد الحب، صارت تطوله مقولات وانتقادات من قبيل أنه مجرد مناسبة تجارية، وبالتالي أود التنبيه إلى مسألة أراها مهمة: قد تكون تلك المقولات صائبة في جزء منها، ولكن في مجتمع كالذي نعيش فيه، يتوجب أن لا نعقد الأمور. علينا أن نتعامل معه مناسبة رمزية وفرصة مخصصة حصرا للتعبير عن الحب والاحتفاء به، وللتخلص، ولو يوما واحدا في السنة، مما هو مألوف ومفروض علينا.يوسفالصدق في المشاعر رومانسية عيد الحب بالمغرب، له طابع تجاري، على غرار مناسبات عدة يساير فيها المغاربة الثقافة الغربية، شكلا، ودون إدراك لدلالاتها وتاريخها. ولأن الرومانسية أصلا، لدى المغاربة، مع استثناءات قليلة، لا تعد سلوكا روتينيا وعاديا طيلة أيام السنة، فإنها "مخبية" وتقترف في الخفاء، بسبب التنشئة الاجتماعية.ومادمنا لا نرى السلوك الرومانسي طيلة السنة، فيمكن القول أن الاحتفاء بعيد الحب مجرد موضة. كيف لا وأغلبية المغاربة لم يعتادوا على ذلك في أسرهم وفي محيطهم الاجتماعي.إن منظومة القيم المغربية، معقدة ومركبة، إلى حد أن الرجل المغربي الصادق، فقط، في مشاعره، يعد رومانسيا في نظر المرأة، علما أن تحقق هذا، أي أن تكون رومانسيا، بحد ذاته صلابة أمام المجتمع، الذي يرى في ذلك ليونة.إن حياة المغاربة، غارقة في الماديات، ولتجاوز الأمر، لا بد من تحرير الأفراد لفكرهم عن طريق القراءة وتوسيع المعارف والانفتاح على آفاق أخرى، فبهذا الأسلوب، يمكن للرجل والمرأة أن يغيرا من نظرة بعضهما إلى الآخر.سارة من أجل مجتمع سوي نفسيا الرومانسية خاصية بشرية ولا يمكن إلا أن تكون مغربية، والمشكلة في نظري، أنها لا تظهر في الفضاء العام. والمانع هو عقلية "تامغربيت"، الحابلة بتناقضات مصدرها التنشئة الاجتماعية وتأويلنا للدين والتقاليد. وللأسف، حتى محاولات الجيل الجديد، لإظهار السلوك الرومانسي، والخروج من القوالب الجاهزة، تصطدم بما يمكن أن نسميه "سطوة" الجيل القديم على الشباب. وأعتقد أنه من الواجب علينا، جميعا اليوم، الوعي بأن التخلص من الأفكار الجاهزة والمرسخة، ذو فائدة كبيرة، لأنه بالتخلص من النفاق الاجتماعي، سنصبح في مجتمع سوي أكثر على المستوى النفسي، وبتخلصه من عقده المتراكمة، ستكون لأفراده القدرة على الإبداع، وبالتالي التوجه نحو مستقبل أفضل.إن استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، لا يفيد غير الذين لا يريدون للمغرب "إزيد القدام" ويفضلون أن يراوح مكانه، لأنهم مستفيدون بطرق غير مباشرة من تقييد الأفراد في المغرب، لما هو كائن في داخلهم.نوفلالأكثرية يتخذونها قناعا النظر إلى الموضوع من زاوية واقع المفاهيم والقيم لدى الفئة الغالبة بالمغرب، الرومانسية في واقع الأمر ليست سوى "موضة"، ومجرد قناع من أجل الوصول إلى أغراض مادية وجنسية لدى الشريك، باستثناء فئة قليلة، تقدس المشاعر والأحاسيس فعلا، وتعتبر الرومانسية شأنا نبيلا. وتقف الظروف الاجتماعية وظروف التنشئة، والمفاهيم المترسخة منذ الصغر في ذهنيات الأفراد، وراء النظر، إلى الرومانسي من الرجال، على أساس أنه ضعيف و"ماعندوش نفس" و"لاصق في السيدة"، وغيرها من المقولات التي تعتبر الرومانسية خاصية أنثوية.وللأسف، حتى بعض المشاهير والفنانين، يرسخون هذه النظرة، التي تجعل من السلوك الرومانسي للرجل المغربي، خطيئة، وأحدث دليل على ذلك، مقطوعة "انت باغية واحد" لسعد المجرد. وشخصيا، أعتبر الأمر خطيرا، وجزءا من أزمة مفاهيم وقيم عند المغاربة، والتي للأسف يساهم فيها الإعلام والمدرسة، بترسيخهما لصور ومفاهيم غير صحيحة.وفي اعتقادي، أن التنشئة الاجتماعية للمغاربة، يتوجب أن تهتم بترسيخ مايلي: تحديد الفرد للفعل الخاطئ من عدمه، يجب أن يكون بناء على معيار الأثر السلبي أو الإيجابي للفعل.محمدالتركيبة النفسية للرجل المغربي عنيفة بالنسبة إلي، الرومانسية عموما هي سلوك وليست صفة يتصف بها إنسان دون غيره. ومن هذا المنطلق يعد المغربي بدوره إنسانا، وما يحدد سلوكه وتعامله وتصرفاته هو السياق والوقت والمكان حيث يوجد.وإذ أؤمن بأن المغربي إنسان رومانسي بطبعه، فاللافت في الآونة الأخيرة أن البعض يتصنعون هذا التصرف ليتشبهوا بالمجتمعات الغربية، وينظرون إلى الأمر على أنه "موضة".إن أكبر دليل على ذلك هو عيد الحب، الذي يلبس فيه المغاربة ثوب الرومانسية على غير عادتهم في الحياة اليومية.ولا يمكن أن نربط هذا الأمر وتفسيره، فقط، بالوتيرة السريعة للحياة اليومية، إنما لأن التركيبة السيكولوجية للمغربي عنيفة، وخصوصا الرجل، إذ يتصرف بمنطق القوة على المرأة، بحكم أنه "راجل".سحر استقاها: امحمد خيي