لم يسبق لوزارة الداخلية أن رقت دفعة واحدة ثمانية كتاب عامين إلى منصب عامل، كما فعلت في حركة التعيينات التي جرت الجمعة الماضي. هذه الترقية أثلجت صدور رجال السلطة، ومنحتهم جرعة أمل للاشتغال أكثر، خصوصا الجيل الصاعد، من أجل الوصول، ذات يوم، إلى هذا المنصب. وظل "غرباء"، قادمون من قطاعات ومؤسسات بعيدة كل البعد عن الإدارة الترابية، يسيطرون على أهم المناصب في وزارة الداخلية، وانتشروا على طول خريطة الولايات والعمالات، وحتى داخل الإدارة المركزية. وأكدت التجربة، استنادا إلى نتائج الأرقام والواقع، أن جل الولاة والعمال الذين تم تعيينهم من خارج أسوار الداخلية، لم يفلحوا في مهامهم، مع بعض الاستثناءات، وأن العديد منهم "يسير" من قبل كتاب عامين ورؤساء أقسام الشؤون الداخلية، الذين يرسمون لهم خريطة طريق العمل، لأنهم "صم بكم" لا يفقهون شيئا في إدارة مناصب وصلوا إليها بطرق تطرح أكثر من علامة استفهام. وكاد هذا النوع من المسؤولين أن يرتفع منسوبه، لولا يقظة "العيون" التي لا تنام التي نجحت في إحباط أسماء لا تستحق حتى منصب قائد أو خليفة، فبالأحرى منصب عامل أو وال، كانت مرشحة لشغل مناصب "كبيرة" في الإدارة الترابية. ويجمع المهتمون بالمطبخ الداخلي لوزارة الداخلية على أن سياسة الانفتاح على أسماء "محظوظة"، تحميها مظلات متنوعة من خارج الوزارة، وتعيينها على رأس ولايات وعمالات، أبانت عن فشل ذريع، ولم تثمر نتائج تذكر، باستثناء إثارة المزيد من أجواء التوتر والاحتقان، وعدم إنجاز وإتمام مشاريع تنموية، بما فيها تلك التي أعطى انطلاقتها أو دشنها جلالة الملك. وهاهي الوزارة تصحح أخطاءها المتكررة، وتعتمد على ترقية أبنائها، الذين يعرفون جيدا "خروب" وزارتهم، وتعينهم في مناصب عمال، دون الحاجة إلى الاستعانة بأسماء لا خبرة لها على الإطلاق في شؤون الإدارة الترابية، وهو ما يعطل التنمية. وفي انتظار إجراء حركة جديدة، يتمناها بعض العمال الذين قضوا ثماني سنوات في بعض الأقاليم، ولم تطلهم حركة الأسبوع الماضي، نظير عمال شيشاوة ومكناس والشاون وآخرين، وفي انتظار إشهار الورقة الحمراء في وجه ولاة وعمال "كسالى" قادهم "الحظ" إلى مناصب المسؤولية، بات من الأفيد أن يستمر "الناخب الوطني" داخل الداخلية، في التنقيب عن طاقات كفؤة، تعج بها الوزارة، ومنحها الفرصة، بدل تهميشها وقتلها، واستقطاب "نكرات" من إدارات أخرى، ومنحها مناصب أكبر منها، لا تفقه فيها شيئا، إلا بمساعدة أبناء الدار الشرعيين. عبد الله الكوزي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma