يتناول موضوع الجسد وعلاقته بالمادة والذاكرة والطبيعة يجمع معرض "حوار" الفنانين نور الدين أمير والتشكيلي المكسيكي ميغيل ميلو، في إطار مد جسور التواصل الثقافي والفني في فضاء متحف "بنك المغرب" بالرباط. ويأتي تنظيم "حوار" بشراكة بين متحف "بنك المغرب" وسفارة المكسيك بالمغرب، حيث يدعو الزوار إلى اكتشاف رؤية الفنانين المتفردة وتناولهما مواضع الجسد وعلاقته بالمادة والذاكرة والطبيعة. ولا يقتصر المعرض على تقديم أعمال فنية فقط من توقيع أمير وميلو، بل يعد تجربة حسية متكاملة، إذ يتم من خلالها اعتبار الضوء عنصرا أساسيا في تعبيراتهما. ويتجلى اشتغال الفنانين على الضوء من خلال اعتمادهما رسم الفضاء وإثارة الأحاسيس، الأمر الذي يبدو عن طريق رسم أمير لظلال وميلو باستعمال ألوان غنية مستوحاة من ما بعد الانطباعية. وفي هذا الصدد، يجد الزوار أنفسهم أمام اكتشاف أفق تأملي يتيح لهم التفاعل مع ما تبوح به الأعمال من رؤى إنسانية وروحية عميقة. ويحمل معرض "حوار"، الذي يتواصل إلى غاية ثلاثين شتنبر المقبل، بعدا رمزيا يعبر عن رغبة في خلق تقاطع بصري وفكري بين لغتين فنيتين مختلفتين، ويتعلق الأمر بالأثواب المنحوتة لدى أمير، والتصوير الفوتوغرافي ذي الطابع التشكيلي عند ميلو. ويأتي تنظيم المعرض في فضاء مصمم خشبة مسرح بصرية، إذ تتجاوز الأعمال وتتبادل الأدوار والرسائل دون أن تتنافس لتدعو الزوار إلى تأمل جمالي وأخلاقي وشاعري. من جانبه، يتناول أمير فن اللباس بمنظور نحتي، معتمدا على خامات طبيعية مثل الصوف و"الرافيا" و"الموسلين"، كما تنبثق من أعماله جمالية خامة تنهل من عمق التراث المغربي. وتمثل الأشكال لدى أمير امتدادا لروح الأرض الإفريقية المتأرجحة بين التجريد والأصالة، حيث يتعامل مع المادة باعتبارها جلدا حيا، وكل خيط في تصاميمه يحمل ذاكرة ويجسد بحثا عن الذات. ويعيد ميلو من خلال المعرض ذاته صياغة فن التصوير الفوتوغرافي لينقله من بعده التوثيقي نحو الخيال، كما يعتمد في أعماله على عناصر طبيعية مثل الأزهار والطين وأوراق النباتات ويبتكر بورتريهات ترمز إلى الإنسان في علاقته بالأرض. أمينة كندي