تكشف خريطة المهام التفتيشية التي تقوم بها المصالح المركزية المعنية بوزارة الداخلية في الجماعات الترابية، عن سوء توزيع بين الأقاليم، وحتى داخل الإقليم نفسه، حيث هناك مجالس تستقبل لجانا ترابية بشكل متواتر، في حين تتمتع مجالس معينة بحماية غريبة تستثنيها من كل أنواع المساءلة، وكأنها معفاة من المحاسبة. ولم يتردد أعضاء مجالس منتخبة في إبداء تذمر أحزابهم، مما اعتبروه تحيزا في عمليات التفتيش في الجماعات المحلية، إذ وصلت الاحتجاجات داخل أجهزة حزبية في بعض الأقاليم، حد إثارة وجود قلاع لا تصلها اللجان وتخضع أخرى لافتحاص مالي وإداري دون انقطاع. ومن أمثلة ذلك ما يقع في إقليم مديونة، الذي لا تخضع فيه جماعات بعينها لأي تفتيش منذ قرابة عقدين، كما هو الحال بالنسبة إلى جماعة سيدي حجاج واد حصار، التي كان آخر عهدها بالتفتيش في 2009 وسقوط رئيسها الأسبق، لكن منذ مجيء الرئيس الحالي، اختفى اسم الجماعة من قوائم مهام المفتشية العامة للإدارة الترابية. ووصلت سريالية المشهد إلى حد تسليم المعارضة في الجماعات المحمية بحقيقة مفادها أن المفتشين ممنوعون من دخول مقر الجماعة، وحتى لو تمت برمجتها على الصعيد المركزي، فإن مسارها يتغير إلى وجهة أخرى والدليل على ذلك أن عملية تفتيش تنتظر منذ أسابيع الضوء الأخضر من العامل لبدء مهامها للبحث في شكايات بخروقات خطيرة ضد الرئيس، دون أن يتلقى أعضاؤها جوابا من سلطات الوصاية. ولم يسمح للجان التفتيش باقتحام قلاع جماعية، رغم أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية استمعت إلى أعضاء في مجالسها على خلفية اتهامات بتلاعبات خطيرة في التدبير المالي وغدر ضريبي وتزوير مقررات جماعية ووثائق إدارية، بغاية تمرير صفقات وهمية وإحداث تجزئات عقارية. ومن أخطر تلك الملفات، الطعن في قرار جماعي ببرمجة فائض ميزانية، خرقا لمقتضيات المادة 35 من القانون التنظيمي رقم 14.113، المتعلق بالجماعات المحلية، التي تلزم الرئيس بإخبار أعضاء المجلس بتاريخ وساعة ومكان انعقاد الدورة، بواسطة إشعار مكتوب يشترط فيه أن يكون مرفقا بجدول الأعمال والجدولة الزمنية للجلسة أو جلسات الدورة والنقط، التي سيتم التداول بشأنها من قبل المجلس وكذا الوثائق ذات الصلة. لقد باءت بالفشل كل محاولات إخضاع تلك الجماعات للمحاسبة رغم أن الأبحاث القضائية فتحت ملفات شكايات تحمل بين طياتها اتهامات، وجهها مستشارون بشأن عشرات الصفقات الصورية وتمرير مقررات بتخصيص مبالغ بملايين الدراهم لصفقات وهمية، إضافة إلى برمجة اعتمادات مالية مهمة لاقتناء تجهيزات تبين في ما بعد أنها مجرد حبر على ورق. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma