ما رشح من أخبار حول ما تعرض له عدد من حجاجنا المغاربة بمنى، وهم يستعدون لأداء أعظم شعيرة دينية، لم تقابله أي ردة فعل من قبل القائمين على البعثة المغربية إلى الديار السعودية، بل لم يكلف إلى حدود مساء أول أمس (الخميس) حتى بلاغا إخباريا رسميا ولو قصيرا من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الوصية على القطاع والمسؤولة عن التنظيم وتدبير الموسم بما يليق ومكانة هذه الفريضة العامة، التي يؤديها من استطاع إليها سبيلا. ففي الوقت الذي كانت فيه إحصائيات تتقاطر على وسائل الإعلام المصرية والأردنية ودول إسلامية أخرى، وتخص مختلف التدخلات والتنسيق وعمليات تدبير التائهين وعدد المتوفين والأسباب، فضل مبعوثو الوزارة والمكلفون بتأطير وتتبع حجاجنا، الصمت، بل منهم من أغلق هاتفه، بعد أن وجد نفسه عاجزا عن مواجهة سيل الاستفسارات والمساءلات وطلبات التدخل، ما ترك المجال فسيحا أمام مواقع الدردشة والتواصل الاجتماعي لنقل أخبار تصف حجم المعاناة والإهمال، وتتحدث عن ترك حجاج تائهين ووفاة آخرين ومبيت البعض في العراء وتتناقل صورا عن اكتظاظ داخل الخيام، وأشرطة سمعية تناجي المسؤول عن المجموعة بالتدخل والبحث عن مأوى وغيرها من صور "التشرد" التي تركت حجاجا عرضة للشمس الحارقة طيلة النهار، بل إن عددا من حجاجنا البواسل قاوموا الجوع والعطش وقضوا ليلتهم مفترشين الأرض ملتحفين السماء، متحدين ظروف الإهمال والتقصير. قد يقول قائل إن الحج مشقة وفي تلك المشقة عبادة، أي نعم، مشقة السفر والبعد عن الأسرة والإكثار من التعبد والانتقال لأداء المناسك، وغيرها، وهي جميعا مشاق للتقرب إلى الله يرجو منها العبد أن يكون حجه مبرورا مقبولا، أما وأن تكون مشاق تسببت في عرقلة أداء المناسك نتيجة عدم العثور على مأوى أو حافلة وغيرهما من الخدمات التي أدى عنها الحاج مسبقا، فهذا أمر لا يدخل في مشاق التعبد، بل في التقصير في المسؤولية بالنسبة إلى من عهد إليهم بتدبير هذه الخدمات، وهو ما يستلزم ربط المسؤولية بالمحاسبة لمعرفة مكامن الخلل. الحجاج دفعوا أموالا خصصت لمختلف الخدمات، وبلغت أدنى تكلفة ما يزيد عن ستة ملايين ونصف المليون سنتيم، والوزارة الوصية أشرفت على عقود هذه الخدمات، فكيف وقع الإخلال بهذه الالتزامات؟ ومن قصر في مهامه؟ ولماذا لم تعثر حاجات وحجاج على مكان بالخيام، وظلوا حاملين الحقائب تائهين بين أداء الفرض الذي جاهدوا النفس والنفيس من أجله، وبين ضمان خدمة أدوا مقابلها سلفا؟ مشاكل وأخرى ينبغي أن تكون محط مساءلة، حتى لا تتكرر المآسي... للتفاعل مع هذه الزاوية:mayougal@assabah.press.ma