الجباري لاحظ ارتفاعا في منسوب المساءلة عن أخطاء مهنية تصحح عبر طرق الطعن القانونية أثارت المتابعات التأديبية الأخيرة المرتبطة بالأخطاء المهنية لقضاة، سجالا وسطهم بشأن مدى المعايير التي يتم اعتمادها لتسطير تلك المتابعات في ظل الارتفاع المهول لعدد القضايا المحالة على القضاة والنقص الحاصل في صفوفهم، إضافة إلى أن أغلبهم أضحى يتوجس من انعدام الأمن المهني الذي يعد إحدى الركائز الأساسية للقيام بواجبهم بكل استقلالية ونزاهة وشجاعة، وأن إحساسهم بالاستقرار يدفعهم إلى تطوير أدائهم ومضاعفة مجهوداتهم، وهو أيضا أهم السبل لتعزيز ثقة المتقاضين في الأحكام والقرارات التي تصدرها السلطة القضائية. وقال عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، إن القضايا المحكومة من لدن قضاة المملكة في 2022 رقم كبير جدا، إذ تجاوزت أربعة ملايين قضية، وقدرت بالضبط في 4.356.970 قضية، مشيرا إلى أنه رغم ارتفاع هذا الرقم، فهو لا يشمل العديد من الأوامر الصادرة عن قضاة الحكم، مثل الأحكام التمهيدية وأحكام غرفة المشورة الصادرة في النزاعات المتعلقة بتنفيذ المقررات القضائية وبتأويلها، كما لا يشمل أوامر قضاة التحقيق، ولا ملتمسات ومذكرات قضاة النيابة العامة. واعتبر الجباري أنه إذ تم احتساب هذه الأعمال ضمن مجموع ما أصدره قضاة المملكة، لا شك أنه سيتجاوز عتبة خمسة ملايين "محرر قضائي" بملتمسات النيابة العامة ومذكراتها ومقررات قضاء الحكم، وهو رقم مهول يعبر عن حجم المجهودات التي يقوم بها القضاة بالمغرب، ويزداد هوله عندما يستحضر الخصاص الحاصل في صفوف القضاة، إذ لا يتجاوز قضاة الأحكام ثلاثة آلاف قاض وقاضية، بينما لا يتجاوز قضاة النيابة العامة ألف قاض وقاضية. وأكد رئيس نادي قضاة المغرب أنه رغم هذا المؤشر الدال على درجة الضغط الذي يقع على كاهل القضاة، يلاحظ البعض ارتفاع منسوب مساءلة هؤلاء عن أخطاء مهنية تصحح، في الأصل، عبر طرق الطعن القانونية وليس عن طريق المسطرة التأديبية، صونا لأمنهم المهني الذي هو أساس استقلالية القضاء وحصنها، "خصوصا إذا علمنا أن هامش الخطأ في ضوء الرقم المشار إليه أعلاه يظل كبيرا، إذ كلما ازداد العمل ازدادت معه الأخطاء، والعكس صحيح، وهذا أمر طبيعي ومعاش"، حسب قوله، مضيفا أن رصد مثل هذه المؤشرات، يحتم على الجميع، كل من موقعه، التدخل لمعالجتها بما يدعم ويعزز استقلالية القضاة من جهة، ويساهم في الحفاظ على الكفاءات داخل القضاء والتقليل من حالات مغادرته من جهة أخرى. ويثير موضوع التأديب العديد من النقاشات، خاصة بالنسبة إلى القضاة الذين يرون أن توسيع مهام لجنة التأديب، هو السبيل الوحيد لتخفيف الضغط عن المجلس، وللفصل بين سلطات الاتهام والبت في المخالفات التأديبية. ومن هذه المهام، تمكين لجنة التأديب من بسط رقابتها على نتيجة الأبحاث والتحريات المنجزة من قبل المفتشية العامة، والقاضي المقرر والتقرير فيها، سواء بالحفظ أو بتعيين مقرر أو بالمتابعة، وأن يكون قرارها نافذا لا يقبل المراجعة، سواء من قبل المجلس، أو الرئيس المنتدب. كريمة مصلي