fbpx
ربورتاج

مرضى “الدياليز”… “أمل” تعمم المجانية

المؤسسة تهتم بمساعدة مرضى القصور الكلوي وتتخذ مبادرة إنسانية لإنقاذ حياة المصابين

من اليوم، فصاعدا صار بإمكان مرضى القصور الكلوي، خاصة المعوزين وذوي الدخل المحدود، التحرر من هاجس المصاريف المكلفة لحصص “الدياليز» بعدما قررت مؤسسة أمل، التي تعتبر من الجمعيات الرائدة في مجال تصفية الدم، تعميم مبادرة مجانية خدماتها بالكامل، لتشمل جميع الفئات الاجتماعية دون تمييز.

محمد بها / تصوير : (أحمد جرفي)

أعلنت مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، التخلي عن شرط أداء مبلغ 100 درهم عن كل حصة تصفية للاستفادة من خدماتها المجانية والرمزية التي تحتاج إلى تمويل لمواصلة أداء مهامها في علاج مرض مزمن، وفتح الباب في وجه جميع الشرائح الاجتماعية بغض النظر عن مستواها الاجتماعي.

فسحة أمل
قال مصطفى فوزي، رئيس مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، إنه رغم أن هذه الجمعية الخيرية كانت تمنح عددا من المرضى المعوزين حق الاستفادة من خدماتها بالمجان دون الحاجة لأداء 100 درهم، إلا أنه استحضارا للوضع النفسي المزري الذي يعانيه المنتمون للفئة الفقيرة وذوو الدخل المحدود وكذا الطبقة المتوسطة، الذين يوجدون بين مطرقة مواجهة مصاريف الحياة اليومية وسندان تكلفة علاج مرض مزمن، قررت مؤسسة أمل تعميم المجانية بجميع مراكزها الموجودة بست جهات بالمملكة، لإنقاذ حياة مرضى لا يمكن لهم العيش دون تصفية الدم.
وأضاف المتحدث ذاته في حديث مع “الصباح”، أن الجمعيات العاملة في مجال تصفية الكلي ومساعدة مرضى القصور الكلوي ورش ملكي بامتياز يحظى بعنايته الدائمة، مشيرا إلى أن المجانية السبيل الأوحد لإنقاذ حياة مرضى من نوع خاص، سيما أن حصص “الدياليز» في المراكز الخاصة لا يمكن تحمل تكاليفها، إذ تقتضي الحصة الواحدة أداء مبلغ يتوزع ما بين 750 درهما و800 للحصة الواحدة، في حين أن حصص العلاج تتراوح ما بين اثنتين وثلاث في الأسبوع.

تجربة رائدة
مؤسسة أمل لمرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، التي تعد جمعية ذات منفعة عامة في المجال الصحي والاجتماعي، لم تتحصل على مكانتها بمحض الصدفة، إلا بعد أن تحدت صعوبات التمويل لاستمرار خدماتها في مجال حساس وليس بالأمر الهين.
وتعود بداية المشروع الخيري لـ»تصفية الدم والكلي» إلى بناء أول مؤسسة في 2008 بابن مسيك بالبيضاء، بعد تأسيس جمعية أمل في المنطقة، إذ افتتحت المؤسسة أول مركز، في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، دشنه الملك محمد السادس في 5 شتنبر 2009، وكان أول لبنة بالنسبة إلى مؤسسة أمل.
وفي 2011 كانت بداية تدشين مركز لتصفية الدم وأمراض الكلي بسجن عكاشة بالبيضاء، وهو أول تجربة على المستوى العالمي، بتعاون مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ومؤسسة محمد الخامس للتضامن، إذ لقيت المبادرة تشجيع مؤسسات عالمية في مجال حقوق الإنسان، باعتباره أول مركز ل”الدياليز» يُقام داخل مؤسسة سجنية ولأنه كشف عن أنسنة الخدمات السجنية في المغرب.
وبفضل مساعدة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تعد شريكا فعالا لمؤسسة أمل لمرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، واصلت المؤسسة إنشاء مراكز أخرى إلى أن وصل العدد إلى أزيد من 20 مركزا تخدم 1200 مريض على المستوى الوطني، حظيت بشرف التدشين من قبل الملك محمد السادس.
ولتعميم تجربة استهداف الفئات الهشة، تقرر فتح مراكز أخرى بست جهات، وكشف رئيس مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، أن النضال لم يتوقف عند 22 مركزا بالمغرب، بل مازال الرهان متجددا، إذ من المنتظر خلال الأيام المقبلة أن تعرف عدد من المدن والقرى بالجبال إنشاء مراكز أخرى.

لكل مجتهد نصيب
حكمة “لكل مجتهد نصيب”، تنطبق على مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، التي استطاعت بفضل مجهوداتها ومبادراتها التي خلفت صدى في المجتمع، أن تظفر بالثقة المولوية للملك محمد السادس الذي أشرف على عدد كبير من مراكزها التي افتتحتها في أماكن ومدن مختلفة.
وواصلت مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي مشاريعها الخيرية المخصصة لخدمة الفقراء والمعوزين بفتح مراكز جديدة في عدد من المدن والمناطق إلى أن أصبحت تغطي ست جهات بالمملكة، في انتظار تعميم التجربة لتغطية كافة ربوع الوطن.
ولم تتوقف مبادرات مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي عند المغرب، بل استطاعت رفع سقف التحدي بانتقالها إلى ممارسة عملها الخيري خارج المغرب، وبالضبط استهداف سكان الدول الإفريقية بتعليمات ملكية في إطار مشروع خيري اجتماعي يكرس الوحدة الإفريقية وشراكة جنوب جنوب التي يقودها الملك محمد السادس.

تجهيزات متطورة وعناية خاصة
من الأمور التي تميزت بها مراكز تصفية الدم التابعة لمؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي، التوفر على تجهيزات حديثة ومتطورة لإنجاح عملية التصفية بشكل فعال ومرورها في ظروف آمنة، وفضاءات مريحة إضافة إلى وجود سيارات إسعاف خاصة بالمؤسسة وآليات وأدوية للتطبيب وكل ما يخص المريض باعتباره يحتاج متابعة دقيقة وصحية وجسدية ونفسية.
وليس هذا فحسب، فقد مكنت زيارة طاقم “الصباح”، لأحد مراكزها بابن امسيك بالبيضاء، من الوقوف على مدى حرص العاملين بها وبإشراف شخصي من قبل رئيسها على جانب التعقيم، بتجنيد عاملات نظافة لخدمة المرتفقين، باعتبار أن مرضى القصور الكلوي يحتاجون إلى عناية دقيقة قوامها تجنيد يد عاملة كبيرة لتنظيف وتعقيم الفضاء الصحي ضمانا لتوفير الظروف الصحية الجيدة لهذا النوع من المرضى.

نقل المرضى بمناطق بعيدة
من التجارب المهمة التي تركت بصمتها على الصعيد الوطني، نجاح مؤسسة أمل في ضمان نقل مرضى القصور الكلوي الذين يقطنون بضواحي العاصمة الاقتصادية وباقي المدن أو المناطق القروية ويجدون صعوبة بالغة في كيفية الالتحاق بمركز العلاج والعودة منه إلى البيت.
وتم اقتناء حافلات بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وذلك بهدف تحسين خدمات الرعاية الصحية ومساعدة هذه الفئة الاجتماعية في أوضاع هشة، وكذا لتخفيف التعب الذي يصيب المرضى بعد انتهاء حصص التصفية التي تجعل من المريض يحتاج إلى رعاية خاصة.
ومكنت هذه العملية من نقل المرضى الذين يعانون وضعا صحيا مزريا، من منازلهم إلى مركز تصفية الدم بطريقة أيسر، وهو ما ساهم في تخفيف معاناتهم التي تتضاعف أثناء خوضهم مغامرة استخدام وسائل النقل العمومي في رحلاتهم، من أجل متابعة علاجهم الذي لا يحتمل التأجيل.

تنزيل الحماية الاجتماعية
في إطار تنزيل الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية الذي يعتبر مبادرة غير مسبوقة، وقعت مؤسسة أمل اتفاقية إطار مع وزارة الصحة لعقد شراكة فعالة، ما يجعل الجمعية ضمن قانون الحماية الاجتماعية.
وأوضح فوزي أن تنزيل ورش الحماية الاجتماعية سيجعل المستفيدين يضمنون الاستفادة من خدمات صحية في المستوى، كما يمكن مراكز “الدياليز» التابعة للجمعيات العاملة في إطار المبادرة الوطنية للتنيمة البشرية من الاستمرارية بعيدا عن الارتهان لمساعدات شخصية، مضيفا “مؤسستنا ذات منفعة عامة وحصلت على شهادة الجودة بامتياز، على المستوى الوطني والأوربي، ورسخنا مسائل الشفافية والحكامة وهو ما انعكس على جودة العمل الذي نتتبعه بشكل دقيق، وهو ما سنستثمره في إنجاح ورش الحماية الاجتماعية”.
ولم يفت رئيس مؤسسة أمل لمساعدة مرضى القصور الكلوي والأعمال الاجتماعية، دعوة جميع الجمعيات العاملة في «الدياليز» وكذا المراكز التابعة للقطاع الخاص إلى الانخراط فيه بنكران ذات، في ورش الحماية الاجتماعية الشاملة من أجل ضمان نجاح التغطية الصحية لفائدة الفقراء والمعوزين بعيدا عن الطمع في الربح المالي والحسابات الضيقة، لأن الاستثمار في إنقاذ حياة الإنسان وترك بصمة الخير أهم وأبقى والتاريخ سيذكر ذلك”.

إنجازات بالأرقام
تسعى المؤسسة التي حصلت في 17 دجنبر 2018 على صفة المنفعة العامة بمقتضى المرسوم رقم 2 ـ 12ـ 854، على مدى 12 سنة، إلى تحقيق إنجازات مهمة جعلت منها حلا بديلا في منظومة الصحة، وشريكا أساسيا في تدبير الشأن العام المحلي الصحي.
ويسهر أزيد من 130 شخصا على تقديم الخدمات للمستفيدين بمراكزها الموجودة عبر التراب الوطني، يتوزعون بين أطباء وممرضين ومسعفين وأطر إدارية، وتجري المؤسسة أكثر من 96 ألف حصة لتصفية الدم سنويا.
وتشرف المؤسسة إلى حدود اليوم على أزيد من عشرين مركزا لتصفية الدم في عدد من جماعات المملكة، إلى جانب ثلاثة مراكز بالمؤسسات السجنية بالبيضاء والناظور وبني ملال، في انتظار فتح مراكز جديدة، فضلا عن رعايتها لدار للعجزة والمسنين بمقاطعة عين السبع بالبيضاء.


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى