النقابـات علـى صفيـح الغـلاء
تواجه مطالب إعادة تصحيح الأدوار والخروج من انحباس إكراهات الأزمة وغضب الأجراء
تغلي المركزيات بفعل تعالي الأصوات النقابية المطالبة بإعادة تصحيح أدوارها للخروج من المأزق الحالي، بعدما وقعت أسيرة بين إكراهات الأزمة وغضب الأجراء في سياقات مشتعلة بنقاشات الأسعار، وخروج احتجاجات عديدة ضد ارتفاع أثمان عدد من المواد الأساسية خلال الفترة الماضية. وتئن القيادات النقابية تحت حمل ملفات عديدة، تتقدمها سبل حماية القدرات الشرائية لعموم المواطنين، وإيجاد حلول لجمود الأجور الذي تقابله الزيادات الأخيرة، ومواجهة تبريرات الحكومة التي تكبل رهانات استمرار النقاش إلى غاية إيجاد حلول، خاصة أن النقابات لم تنتزع إلا تعهدات، قد لا تنفذ، كما هو الحال بالنسبة إلى اتفاقات فاتح غشت 1996 و26 أبريل 2011 و25 أبريل 2019.
ي.ق
قوانين تكبل المركزيات
الحكومة تضغط من أجل المصادقة على نصوص ضبط الحقل النقابي
أثار مشروع القانون التنظيمي للإضراب ومشروع قانون النقابات، مجددا الجدل، بعد تشبث حكومة عزيز أخنوش، بالحسم فيهما في 2023، بعد تردد دام خمس سنوات على عهد حكومة الإسلاميين.
وتعول الحكومة على دينامية الحوار الاجتماعي الذي حصلت من خلاله النقابات على بعض الامتيازات خاصة المتعلقة بالقطاع العام الذي تنشط فيه كثيرا، وربحت نقاطا جعلتها تعد محاورا جيدا تتنافس مع التنسيقيات التي شكلها عموم الموظفين، والمستخدمين للدفاع عن حقوقهم في مواجهة المشاكل القائمة.
وترفض النقابات واليد العاملة مشروع قانون الإضراب لأنه يتضمن فصولا تؤكد التعسف في حالة خوض الإضراب عبر الالتزام بمجموعة من التدابير أبرزها مرور 30 يوما على توصل المشغل بالملف المطلبي، وحصول مفاوضات حول هذا الملف، وإذا لم تحصل يجب بذل المساعي اللازمة لإجراء محاولة الصلح، وإذا فشل ذلك كله يمكن للنقابة خوض الإضراب وفق شروط.
واعتبر قانون الإضراب، بمثابة عرقلة للعمل خلال مدة سريانه، وهي مسألة أثارت توجس النقابات، ويقصد بالعرقلة “كل فعل يؤدي أو قد يؤدي إلى منع الأجير غير المضرب أو المشغل من ولوج أماكن العمل أو القيام بمزاولة نشاطه المهني بواسطة الإيذاء أو العنف أو التهديد أو احتلال أماكن العمل، أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها. وتصل العقوبة في هذه الحالة إلى الغرامة ما بين 5 آلاف و10 آلاف درهم، دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد”.
ونص مشروع القانون التنظيمي على الاقتطاع من أجور المضربين، باعتبارهم في حالة توقف مؤقت عن العمل، إذ لا يمكنهم الاستفادة من الأجر، لأنه يقابله العمل، كما يجب أن يتخذ قرار الإضراب على مستوى جمع عام للنقابة، مع تبليغ المشغل رسميا بتاريخ ومكان انعقاد الجمع العام بسبعة أيام قبل تاريخ انعقاده، ولصحة انعقاد الجمع العام يجب أن تحضره ثلاثة أرباع أجراء المقاولة، ويتخذ قرار الإضراب بالاقتراع السري بالأغلبية المطلقة، وكل ذلك يوثق في محضر.
ويجب تبليغ المشغل بقرار الإضراب 15 يوما على الأقل قبل تاريخ تنفيذه، وفي حالة كان الإضراب بسبب عدم أداء الأجور، فإن مدة التبليغ تنخفض إلى 5 أيام. وعلى النقابة المضربة إحاطة عدة جهات أخرى بقرار الإضراب 7 أيام قبل تنفيذه.
أما في حالة الإضراب الوطني، فيجب تبليغ رئاسة الحكومة، ووزارتي الداخلية والشغل، والمنظمات المهنية للمشغلين. كما يجب إخبار السلطة الحكومية التابع لها القطاع المضرب، وإخبار والي الجهة أو العامل، ووزارة الشغل إذا تعلق الأمر بإضراب في مقاولة.
ويشترط بالاتفاق مع المشغل على ضمان استمرار الخدمات الأساسية لتفادي إتلاف الممتلكات والتجهيزات والآلات في أماكن العمل. وفي حالة عدم الاتفاق يمكن للمشغل أن يطلب رأي قاضي المستعجلات، وفي هذه الحالة لا ينفذ الإضراب إلا بعد صدور أمر قاضي المستعجلات.
ومن جانب المشغل، فإنه يمنع عليه خلال ممارسة الإضراب، تعويض العمال المضربين بآخرين لا تربطهم به علاقة شغل قبل تاريخ تبليغ الإضراب. لكن يمكن للمشغل، إحلال أجراء آخرين محل المضربين بهدف توفير الحد الأدنى من الخدمة خلال الإضراب.
وفي حالة تأثير الإضراب على تزويد السوق بالمواد والخدمات الأساسية اللازمة لحياة المواطنين، يتعين على المشغل أو من ينوب عنه الاستعانة فورا بأجراء آخرين لتأمين استمرار المقاولة في تقديم خدماتها خلال مدة سريان الإضراب.وفي حالة تنفيذ إضراب دون احترام شروطه القانونية، يمكن للمشغل أن يطالب الجهة الداعية إليه بـالتعويض عن الخسائر، والأضرار التي لحقت المقاولة، إذ يعطي الحق لرئيس الحكومة طلب تعليق الإضراب، بمبادرة من وزارة الداخلية، وبتوجيه أمر لقاضي المستعجلات إذا كانت ممارسته ستؤدي إلى تهديد النظام العام، أو وقف الخدمات الأساسية في حدودها الدنيا.
حكومة الإسلاميين في قفص الاتهام
اتهمت النقابات، حكومة الإسلاميين التي أحالت القانون التنظيمي للإضراب، على مجلس النواب للاستقواء بالأغلبية، عوض مجلس المستشارين صاحب الاختصاص في المجال الاجتماعي وفق ما ينص عليه الدستور، قصد تجريد الأجراء من سلاحهم النضالي ومصادرة حقهم الدستوري.
ولا تعرف لحد الآن مواقف المركزيات النقابية، الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والكنفدرالية الديمقراطية للشغل، والفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل، والمنظمة الديمقراطية للشغل، ومركزيات أخرى بعد إثارة الحكومة الحالية لهذا الملف مجددا.
أما قانون النقابات، فقد يقع بشأنه توافق مع الحكومة وزعماء النقابات، خاصة بعد رفع الميزانيات المخصصة لها، كي تستطيع مواصلة عملها في تأطير الطبقة العاملة، وكي لا يتم استبدالها بتنسيقيات، وإطارات جديدة لا يمكن التحكم في توجهها ومواقفها.
أحمد الأرقام