المحلل السياسي أكد أن إشكالية الماء وتشجيع الاستثمار يشكلان أولوية قصوى أكد الباحث إدريس قصوري، المحلل السياسي أن الخطاب الملكي ليوم14 أكتوبر بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية للبرلمان يعتبر خطاب المسؤولية السياسية والمسؤولية الاجتماعية معا، موضحا أنه حمل البرلمان مسؤولية القيام بدوره الدستوري التشريعي الموضوعي والشفاف في تحديد ووضع كل الترسانة القانونية الملائمة واللازمة لرفع تحدي إشكالية الماء، بعيدا عن كل الحسابات السياسية. كما جدد الخطاب الملكي، في باب المسؤولية الاجتماعية الدعوة للبنوك لتحمل مسؤوليتها في دعم المستثمرين الشباب. وأوضح قصوري، الأستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء، أن إشكالية الماء أصبحت بنيوية ومزمنة جراء الظروف المناخية السلبية وجراء الإجهاد المائي الهيكلي، وسوء تدبير الموارد المائية، ولذلك حدد الخطاب الملكي الإشكالية في إطار مهمة التقييم ووضعها بوضوح أمام البرلمان -أغلبية ومعارضة- حتى تندرج في أولوياته التشريعية، ومن ثمة في أسبقيات الأجندة الحكومية. ونظرا للتقييم المنهجي الموضوعي للوضعية المخيفة التي أصبحت عليها مشكلة الماء، يقول قصوري، فقد اعتبرها الخطاب الملكي مشكلة ملحة لا تحتمل الانتظار ولا التراخي في ضبط التعاطي معها، إذ يلزم البرلمان ومن خلاله الحكومة، أن تتطابق صلاحياتهما مع مسؤوليتهما التشريعية والتنفيذية، حتى تنهض السياسة العامة بالتصدي بفعالية لانزلاقات الوضع في أبعاده المختلفة وفي شموليته، قصد إحداث تغيير حقيقي في السلوكات والتصرفات والأنشطة العشوائية المبدرة والمجهدة للماء، سواء تعلق الأمر بالأفراد أو الجماعات أو الإدارة. وأوضح قصوري في قراءته للخطاب الملكي، أن التقييم الملكي ركز على تحديد المشكلة ونشدان الفعالية في التعاطي معها، باعتبارها مشكلة مصيرية، مشيرا إلى أن الخطاب الملكي يرمي إلى بذل الجهد الكبير لوضع البرامج الطموحة والمبتكرة وضبط الإجراءات والعمليات والأنشطة اللازمة التي تقتضيها الحلول الحازمة والتي تتطلبها المداخل الحاسمة والصارمة، وتنظيمها وبرمجتها بإرادة جماعية موضوعية في إطار وحدة المصلحة العامة، التي تعلو على كل المصالح الشخصية والضيقة وعلى المواقع البرلمانية والحكومية والحزبية وعلى كل الحساسيات . وبذلك، يكون الخطاب الملكي، يضيف المحلل السياسي، قد وضع إطارا أسمى للمبادئ الأساسية للسلوك بشكل فعال ووضع أسس حكامة مائية جيدة ومستدامة. وأكد الخطاب الملكي أن مشكلة الماء هي شأن مشترك لجميع القطاعات، وجهد جماعي يقتضي المعالجة السياسية الجادة والتنسيق الحكومي الجيد، بكل ما يستلزم من انسجام وتضامن قطاعي. وعلى غرار المسؤولية السياسية للبرلمان ومن خلاله الحكومة بخصوص مشكلة الماء، جدد الخطاب الملكي مطالبة البنوك بتحمل مسؤوليتها الاقتصادية والاجتماعية في دعم الاستثمار والتعبير عن الروح الوطنية في احتضان الجيل الجديد من القطاعات الواعدة للشباب، عبر شجاعة تمويل البرامج والأنشطة الاستثمارية. ويظهر أن المغرب أصبح قبلة للاستثمار، رغم الظروف الدولية الصعبة، ما يلزم الحفاظ على هذه الجاذبية، عبر رفع التحدي واستغلال الفرصة للحفاظ على المكتسبات ودعم الاستثمار المنتج، وقد حث الخطاب الملكي على أن يكون الميثاق الجديد للاستثمار فرصة لتقديم دفعة جديدة من أجل استثمار منتج تظهر منافعه وآثاره على المواطن وعلى المجتمع بكل فئاته، بما يحقق التراكم الاقتصادي الكمي والنوعي المنشود. ويرى قصوري أن المغرب عانى سياسات استثمارية واقتصادية لم تطور كثيرا البنية الاقتصادية، ولم تظهر لها آثار واضحة على المجتمع، لأنها لم تخلق فائض القيمة المطلوب والمناسب على مستوى الدخل الفردي وعلى مستوى الدخل الجماعي أو مناصب الشغل أو نوعية الحياة العامة للمغاربة. وكان لابد أن يتقدم الخطاب الملكي إلى واجهة السياسة العامة مؤسسة اقتراحية مساهمة لبلورة وصيانة سياسة عامة فاعلة وواعدة للنهوض بمناخ الأعمال ولتطوير النتائج التي تحدث التغيير وتظهر الفرق. القطاع الخاص محــرك أساسي لم يدخر الخطاب جهدا في رسم معالم القيم والأدوار والمهام والمقتضيات والعمليات و المؤسسات وتوضيح طرق التدخل وتنسيق العمل وتحديد الجهود الكفيلة كلها بتيسير تحقيق الأهداف على غرار الإشارة مثلا لضرورة رفع عراقيل الاستثمار، وتحسين الجودة والإشراف الشامل لمراكز الاستثمار والدعم اللازم لجميع المتدخلين مركزيا ومحليا انطلاقا من تشجيع جميع المبادرات والتفعيل الكامل لميثاق اللاتمركز، وتعزيز قواعد المنافسة الشريفة بروح المسؤولية لجميع المتدخلين، مع العناية باستثمارات أبناء الجالية كشكل من أشكال توسيع قاعدة الاستثمار المغربي. ولم يفت الخطاب الملكي أن يجدد تأكيده على المكانة التي يجب أن يحتلها القطاع الخاص باعتباره المحرك الأساسي للاقتصاد والقاعدة الصلبة للاستثمار، والتي تمثل ثلثي الحجم الشامل للاستثمار، فضلا عن تميزها رافعة أساسية وحاسمة للاستثمار المنتج. ولعل أهمية الخطاب الملكي بمناسبة الدورة التشريعية ليوم 14أكتوبر 2022 تكمن كذلك في أنه بادر إلى تحقيق شرط الملاءمة بالأرقام، فحدد ورفع أهداف التخطيط الاقتصادي بوضع هدف طموح لميثاق الاستثمار المتمثل في تعبئة 550 مليار درهم وخلق 500 ألف منصب شغل، حتى تتحقق النتائج بصورة موضوعية وفعلية قيمة فضلى مع نهاية الولاية الحكومية الحالية في أفق 2026. برحو بوزياني