حاكمت فرق الأغلبية والمعارضة، خلال بدء مناقشة مشروع قانون الاستثمار، الذي عرضه الوزير المنتدب، محسن الجازولي، على أعضاء لجنة المالية بمجلس النواب، أول أمس (لثلاثاء)، "عقليات بيروقراطية" ظلت تتحكم في رقاب المستثمرين، وتعرقل تدفق الاستثمارات. وطالب محمد غياث، رئيس أكبر فريق نيابي بمجلس النواب (الأحرار)، بردع من أسماهم "البيروقراطيين ومسؤولي الإدارات والهيآت العمومية والمنتخبين الذين يتعمدون فرملة الاستثمارات"، والقطع مع عقود من الزمن شكل فيها مناخ الأعمال والاستثمار في المغرب مادة دسمة للريع والسمسرة والاتجار غير المشروع في وجه رجال الأعمال المحليين والشركات الأجنبية وأفراد الجالية. وعزا غياث أسباب ذلك، إلى الإجراءات الإدارية المعقدة والثقيلة، والنرجسية الإدارية، ما سبب نفورا وسط المستثمرين، مؤكدا أنه ليس هناك أي مبرر ليتحول المغرب إلى دولة ذات بيئة طاردة للاستثمار، مشيرا إلى أنه مهما كانت معركة الدولة المغربية للقضاء على أدوات وأصحاب عرقلة الاستثمار ستكون طويلة وشاقة، فهي معركة لا محيد عنها. ولم يتردد عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي بمجلس النواب، الذي يقود المعارضة البرلمانية، في القول، إن "مشروع قانون الإطار بمثابة ميثاق الاستثمار، لن يستطيع إرساء ميثاق جديد حقيقي للاستثمار". وقال شهيد إن المشروع يغفل الجوانب المرتبطة بالبحث العلمي والابتكار وتشجيع الاهتمام بالعقل الاستثماري داخل الفضاءات الجامعية والأكاديمية ومنتديات التفكير الاقتصادي، مضيفا "لم نجد أثرا خلال اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية، لأي مقتضيات من شأنها تيسير الولوج إلى التمويل البنكي بإنشاء بنك عمومي للاستثمار، ومراجعة نظام الضمانات البنكية، وخلق بدائل واضحة وملموسة للتمويل". وانتقد شهيد غياب تحفيزات هيكلية للاستثمار الخاص بالمشروع نفسه، تماما كما هو شأن تحفيزات جبائية وإعفاءات ضريبية للحد من الفوارق المجالية وتقييم التمييز الإيجابي لفائدة الجهات الأكثر هشاشة والمناطق المهمشة، وعلى رأسها جهات بني ملال خنيفرة، ودرعة تافلالت، وكلميم واد نون. وقال محسن الجازولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، خلال تقديمه للمشروع، إن "هذا النص الجديد مكن من تجاوز الجمود الذي عرفه مشروع الميثاق الجديد للاستثمار منذ أكثر من عشر سنوات، تم خلالها إعداد أكثر من 65 صيغة، نتيجة عمل مشترك لكل مكونات الحكومة، في إطار الحكامة الجيدة التي تدعو لها منذ تعيينها". ويطرح الميثاق الجديد للاستثمار، إطارا موحدا ومتماسكا، فضلا عن توجيهه الاستثمار نحو الأولويات الإستراتيجية للدولة، ويقترح تدابير تحفيزية قوية، وفق ما جاء على لسان الجازولي، مسجلا أنه يشمل كل الاستثمارات، كبيرة كانت أم صغيرة، فضلا عن أنه موجه لجميع المستثمرين المغاربة والأجانب، وفي جميع جهات المملكة بلا استثناء، موضحا أن أحكام هذا القانون الإطار لا تطبق على مشاريع الاستثمار المنجزة في القطاع الفلاحي الخاضعة للنصوص التشريعية والتنظيمية المعمول بها. عبد الله الكوزي