حماة البيئة ينتفضون ضد “تنخيل” المدن
في وقت ارتفعت فيه درجات الحرارة، إلى مستويات غير مسبوقة في الأسابيع الماضية، وأدت إلى اندلاع حرائق بمختلق المناطق، أطلق حماة البيئة حملات على المستوى الوطني والمحلي، قصد وقف ما وصفوه بالزرع العشوائي للنخيل بجل المدن المغربية، خاصة أنه يتم التخلص من الأشجار التي توفر الظل، وتعويضها بالنخيل.
وتوجه أصابع الاتهام إلى مدبري الشأن المحلي، من رؤساء مجالس محلية وعمال وولاة، لأنهم يبرمون هذه الصفقات ويصادقون عليها، بجل المدن في خطوة تثير الاستغراب، خاصة خارج مجال النخيل الطبيعي، إذ يتساءل البعض حول الفائدة من وجود أشجار النخيل بالبيضاء والرباط وطنجة ومدن أخرى، لا علاقة لمناخها بها، وهو ما تأكد حينما صدرت أوامر عليا لإزالة نخيل الشريط الساحلي بالرباط.
وفي هذا الإطار، وجهت سليمة بلمقدم، مهندسة منظرية ورئيسة حركة مغرب للبيئة 2050، رسالة إلى وزارتي إعداد التراب وسياسة المدينة، ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وأطلقت عريضة للتوقيع عليها، من أجل وقف ما أسمته فوضى «التنخيل»، إذ قالت إن
«المغرب يحتل الرتبة الثانية من حيث التنوع البيولوجي على مستوى المتوسط، وهي خصوصية متفردة تستحق منا الاهتمام العالى، والحرص الشديد على ثرواتنا الطبيعية ذات الطابع الهش، وبالتالي لا يمكن أن نتعامل مع المغرب في تهيئته الترابية ببساطة وعبث وإهمال، ولا يمكن أن نصنفه موطنا للنخيل، إذ أن نوع «الفنيكس داكتيليفرا» أو النخل البلدي، يتوقف مستواه البيومناخي بمراكش شمالا وفكيك شرقا».
وأضافت أن «مدبري الفضاء العام، فرضوا بمدننا نوعا أمريكي الأصل يدعى «الواشنطونيا» أو «البريتشارديا»، وأحيانا يتم غرسه بجانب النخل البلدي أمام صمت الجميع»، وأشارت المهندسة ذاتها، أن هذا السلوك اللامسؤول «أصفه بالجريمة البيئية والتراثية».
وتابعت المتحدثة ذاتها، أن مدنا ومناطق مثل سوس، عاصمة الأركان، استسلمت بدورها لتخريب هويتها المنظرية والايكولوجية، والأمر نفسه بالنسبة إلى
جهة طنجة تطوان الحسيمة، التي تعتبر موطن الصنوبريات، فقد شهدت اجتثاث أنواع الأشجار المحلية، وتعويضها بكثافة في شوارعها وساحاتها بنوع «الواشنطونيا» أو حتى النخل البلدي.
وأما البيضاء، تضيف المهندسة ذاتها، فإنها أصبحت مشتلا للنخلة «الكاليفورنية»، إذ تنتشر في جميع أحيائها، على شط المحيط بكورنيش عين الذياب، رغم صعوبة تأقلمها، مضيفة أن هذا الواقع ينطبق على الرباط والعرائش والقنيطرة وفاس ومكناس، بل وحتى أزرو عاصمة الأرز اجتاحها النخيل.
عصام الناصيري