”مطبات” تسجيل المخالفات … بعبع السائقين
أصحاب دراجات وسيارات وجدوا أنفسهم ضحية مخالفات لم يرتكبوها بسبب بنيات تحتية مزرية وترصد أمنيين
عدم إشعار مستعملي الطريق بوجود “الرادار” مازال مستمرا (أرشيف)
”مع هاد البنية التحتية المتدهورة اللي كاينة خاص السائق إدير العدسة المكبرة باش يالله اشوف شنو كاين فالطريق”، “دابا واش الشيفور اسوق وفق القانون ولا يقلب على علامات التشوير اللي مابايناش ولا مخصرة؟”، “تعيى ما تلتزم بالقانون تا كتلقى راسك داير مخالفة صحة حيت الشرطي والدركي مترصدين ليك”… من بين العبارات الاحتجاجية التي يتم تداولها بشكل يومي من قبل السائقين الذين يجدون أنفسهم ضحية مخالفات غير مسؤولين عن ارتكابها تتداخل فيها عدة عوامل تقنية وبشرية.
إنجاز: محمد بها
لا أحد ينكر الدور الفعال الذي تلعبه عناصر الدرك الملكي والشرطة المكلفة بالسير والجولان، في توفير إجراءات السلامة الطرقية، من خلال السهر على ضمان الامتثال لمقتضيات مدونة السير وسلامة كافة مستعملي الطريق سواء كانوا سائقين وركابا أو راجلين، والعمل على الحفاظ على انسياب حركة السير، لكن إصرار بعض المنتسبين إلى الجهازين الأمنيين على تحميل السائق مسؤولية أوزار لم يرتكبها، يجعل عددا من الدركيين ورجال الشرطة المشرفين على المرور في قفص الاتهام.
سوء البنيات التحتية… المصيدة
يكفي المرء القيام بجولات متفرقة في عدد من أحياء العاصمة الاقتصادية وضواحيها التي تكون فيها مراقبة السير والجولان متوزعة بين الشرطة والدرك الملكي، حتى يقف بنفسه على العوامل المساهمة في وقوع السائقين ضحية مخالفات غير مسؤولين عنها، وأهمها غياب التشوير الطرقي سواء في ما يخص الأضواء الثلاثية التي تصبح الحيرة فيها سيدة الموقف، بعد أن يجد سائق السيارة أو الدراجة النارية نفسه مرتكبا مخالفة أمام عطل إشارة المرور الضوئية التي تجعل من شارة الضوء الأحمر موقدة ليل نهار، وهو ما تسبب لعدد من السائقين الذين ملوا البقاء رهينة الوقوف وفضلوا مواصلة السير، في الوقوع تحت طائلة المساءلة بتهمة “راك حركتي الضو الحمر”، في حين أن آخرين أصبحوا يبطئون السير للتأكد أو انتظار تقدم عدد من السيارات تجنبا لأداء مخالفة هم في غنى عنها.
وليس هذا فحسب، فالبنيات التحتية المزرية أصبحت شبحا يطارد السائقين الذين يتحسسون رؤوسهم خوفا من الوقوع في مشاكل مع “الشرطي أو الدركي” المكلفين بالسير والجولان، إذ يتسبب تدهور حالة علامات التشوير العمودي والأفقي لتآكلها بسبب عامل التقادم، أو بفعل التخريب، والتي تهم التقاطع وملتقيات الطرق، في تهديد السلامة الطرقية داخل المجال الحضري والقروي وإنهاك جيوب السائقين المتابعين بمخالفات غير مسؤولين عن وقوعها.
وانتقد عدد من السائقين موقف المتفرج الذي اتخذته المقاطعات والجماعات الحضرية والقروية في ما يخص تأهيل البنية التحتية الطرقية وعلامات التشوير الطرقي، بعد أن تركت الوضعية المزرية على حالها واكتفت ببعض “الترقيعات” التي سرعان ما تفسد وتصبح الأمور أكثر سوءا من سابقها.
وشدد مستعملو الطريق بعدد من أحياء البيضاء وضواحيها سواء ليساسفة أو الرحمة ودار بوعزة وسيدي رحال ومديونة وتيط مليل والمناطق والمدن المجاورة على ضرورة إعادة النظر في البنيات التحتية الطرقية، من قبيل وضعية الطرق و علامات التشوير المزرية، حتى تكون مساهمة بشكل إيجابي في تحسين مؤشرات السلامة بشكل عام، وليس سببا في ارتباك حركة السير والجولان وارتفاع حالات ضحايا مخالفات لا يد لهم فيها.
الأوراش المفتوحة… الداخل مفقود
كشف المتضررون من سوء البنية التحتية، كيف تؤرق الأوراش المنتشرة في عدة شوارع وطرقات السائقين خاصة في أوقات الذروة، بسبب ما خلفته من حفر كبيرة، وإغلاق العديد من الطرق بالكامل ما يؤدي إلى تعثر حركة السير والجولان المؤدي إلى إرباك السائق الذي يضطر أمام غياب الدركي أو الشرطي المكلف بالسير والجولان في بعض الأماكن وانعدام تثبيت علامات التشوير إلى سلوك طريق ممنوعة وبالتالي الوقوع ضحية مخالفة لا علم له بها.
”للا زينة وزادها نور الحمام”، مثل مغربي يصلح أن يستخدم عكسيا للتعليق على وضعية البنيات التحتية الطرقية بالمغرب، التي زادها استفحالا انتشار الأوراش المفتوحة، إذ تعتبر من بين المشاكل التي عقدت مأمورية السائقين بالعاصمة الاقتصادية وعدد من المدن بعد أن اختار مسيرو الشأن المحلي والعام سياسة “بني وريب وسير” بعد أن تنبهوا إلى أن مشروع التأهيل كان ناقصا إما لنسيان وضع قنوات الصرف الصحي أو الأسلاك الكهربائية والهاتفية، مفضلين عمليات الترقيع وإعادة العمل مرتين وأكثر.
ولأن أوراش البناء والإصلاح المفتوحة بالعاصمة الاقتصادية أصبحت مسلسلا بلا نهاية، صار السائق البيضاوي أو الزائر صيدا سهلا للمخالفات المرورية، ولعل أشغال تهيئة الخطين الثالث والرابع لـ”الترامواي” وحافلات عالية الجودة “الباصواي” زادت الطين بلة وأثارت حالة من الارتباك في حركة السير والجولان، وهو ما يخلف اصطدامات بين السيارات وباقي المركبات والدراجات النارية وتسجيل عدد من المخالفات التي لا علاقة لها بسلوك السائقين.
وفي حال تفكير السائق في استعمال بعض الممرات المختصرة بالأزقة ومن داخل الأحياء من أجل تفادي الازدحام خاصة في أوقات الذروة، يجد نفسه مطالبا بالتوقف من قبل شرطي المرور الذي يتربص به في “أول زنقة” موجها له أصابع الاتهام “راك درتي مخالفة”.
”أجي لهنا شكون قاليك سير؟”
استنكر عدد من مستعملي الطريق بالعاصمة الاقتصادية وضواحيها والمدن المجاورة، تصيدهم من قبل بعض الشرطيين والدركيين الذين أصبح شغلهم الشاغل ترصد المخالفات أكثر من مهمة تنظيم السير والجولان.
ويكفي القيام بجولة بالشوارع الكبرى التي تعرف اختناقا مروريا بسبب الإقبال على فضاءات توجد بالضواحي والمناطق الساحلية، لمعاينة ارتباك في حركة السير والجولان بسبب ركن عدد من السيارات المخالفة التي تم الإبقاء على سائقيها في حالة انتظار بعد توقيفها لتسجيل مخالفة في حقهم.
وينتقد السائقون توقيفهم بسبب علامة (قف) رغم أن وضعيتها المزرية سواء بتعرضها للتلف أو وضعها بشكل لا يتيح رؤيتها لمستعملي الطريق.
ومن الأمور التي تضحك أكثر مما تبكي، أن يجد السائق نفسه مطالبا بأداء مخالفة لا لشيء سوى لأنه سلك زقاقا أحادي المسلك، ولا يتوفر على تشوير من الجهة الرئيسية يؤكد أنه ممنوع المرور في الاتجاه المعاكس، وهو ما يجعل من المثل المغربي الذي يقول “طلع تاكل الكرموس نزل شكون قالها ليك”.
تجاوزات تسيء لمجهودات رجال القانون
أجمــع عدد من السائقــــين علـــى أن هـــذا النـــــوع مــن التجــــاوزات يسيئ إلى مجهودات رجال القانون الساهرين على تنظيـــم السيــــر والجولان من شرطة ودرك ملكي، ويضرب في الصميم كل تعليمات وتوجهات المديرية العامة للأمن الوطني ومصالح الدرك الملكي الهادفة لإرساء منظومة قيم مثلى لتفادي تسجيل خروقات أو تجاوزات تخالف بالمطلق مبــــدأ وصرامة الجهازين الأمنيين المشهـــود لهما بالكفاءة والسهر على تطبيق القانون.
التربص بالمخالفين… رياضة القنص
عدم إشعار مستعملي الطريق بوجود “الرادار” مازال مستمرا (أرشيف)
في الوقت الذي تقوم فيه شرطة المرور وعناصر الدرك الملكي بحملات لتحرير مخالفات في حق سائقي السيارات والشاحنات والمركبات والدراجات النارية، لضبط قانون السير ووضع حد لفوضى الاستهتار بالقانون من قبل السائقين المتهورين، تركت عملية تسجيل المخالفات الناتجة عن ترصد للإيقاع بالسائق المخالف استياء واسعا لدى ضحايا هذا النوع من الأساليب المخالفة للقانون.
وتساءل عدد من ضحايا المخالفات، عن الأسباب التي تجعل بعض أفراد الشرطة والدرك يعتمدون الاجتهاد الشخصي أكثر من اللازم في تفعيل القانون، إذ أن عددا من الأمنيين والدركيين يتخفون إما في سيارات شخصية أو تابعة للخدمة يتم ركنها تحت شجرة أو زاوية معزولة، لاقتناص السيارات والدراجات النارية بالتخفي، وهو ما حول حياة السائقين خاصة منهم الغرباء عن المدينة أو المنطقة المعنية غير العارفين بالمطبات الناتجة عن سوء البنية التحتية وغياب علامات التشوير الطرقي إلى جحيم لا يُطاق، لأن السائق سيصبح ضحية مخالفة ليس مسؤولا عن ارتكابها أو تم تسجيلها بطريقة مخالفة للقانون.
واعتاد عدد من مستعملي الطرق بالمجال الحضري والقروي على معاينة دركي أو شرطي يمسك بجهاز مراقبة السرعة “الرادار” في وضعية تربص، ويلجأ الشرطي أو الدركي إلى حيلة “التخفي” لضبط المخالف في حالة تلبس، حتى لا يفطن السائقون إلى وجوده فيضطرون إلى تخفيف السرعة.
ورغم أن “إخفاء الرادار” عن طريق عدم وضع علامات وإشارات بوجوده كما ينص على ذلك قانون السير، إلا أن بعض الدركيين ورجال الشرطة يواصلون مخالفة مدونة السير وفي واضحة النهار دون أن يتم وضع حد لذلك من قبل الجهات الوصية.
مراقبة المرور … انتقادات كثيرة
ارتفعت حدة الانتقادات الموجهة لعدد من رجال الدرك وعناصر الشرطة المكلفين بتنظيم ومراقبة السير والجولان في البيضاء وضواحيها وبعض الأقاليم، على خلفية الكيفية التي تتتم بها مراقبة حركة السير في المناطق التابعة لنفوذهم.
وكشف عدد من السائقين المتضررين، أن الطريقة التي يستعمل بها الدركي أو الشرطي جهاز مراقبة السرعة المحمول، تستدعي إعادة النظر، مشيرين إلى أن عملية التربص بالسائقين تتم بالاختباء خلف شجرة وعلى بعد أمتار قليلة من علامة نهاية تحديد السرعة لتصيد السائقين بدعوى تجاوز السرعة المسموح بها، رغم أنه لا وجود لأي علامة تحديد السرعة أو تذكير بها أو الإشعار بالمراقبة بالرادار.
وتساءل الممتعضون من طريقة تسجيل المخالفة، كيف يمكن للعقل تقبل أن يسير السائق على طريق طويلة بسرعة مائة كيلومتر في الساعة في حين هو مطالب بتخفيض سرعتها إلى الثمانين دون الالتزام بذلك، لأنه سلك طريقا لا تتوفر فيها علامة تنبه إلى ذلك بسبب تعرضها للتلف، ما يجعله متورطا في مخالفة تجاوز السرعة المسموح بها.