سيدي بنور… قلب دكالة المريض

مشاريع متعثرة واختلالات بالعشرات وتلوث بيئي يقض مضجع السكان أمام صمت السلطات أصبحت نظرة سكان سيدي بنور سوداوية، بسبب وضعيتها الكارثية، إضافة إلى توقف العديد من المشاريع المبرمجة، والتي خصصت لها اعتمادات مالية مهمة، إذ لازالت سيدي بنور تشكو من غياب العديد من مقومات التمدن. وتصطدم مطالب الأقلية المحسوبة على المعارضة بجماعة سيدي بنور، بأغلبية يقودها الرئيس عبد المعيد إسعاد. وعرفت الدورة الأخيرة للمجلس الحضري لسيدي بنور العديد من الاحتجاجات المتعلقة بالتسيير الجماعي، وعدم الوفاء بالعهود الانتخابية، إذ عابت المعارضة على الأغلبية المسيرة عدم التوصل بتقارير اللجان، وكذا مشروع الميزانية. إنجاز: أحمد سكاب (سيدي بنور) خاب ظن سكان سيدي بنور حين توقعوا أن تكون ولاية رئيس المجلس البلدي الحالي، المنتخب عن حزب التجمع الوطني للأحرار، عبد المعيد إسعاد، مختلفة عن سابقيه، والتي حملت سلبيات وإيجابيات، إذ ساد اقتناع بأن المجالس المنتخبة لم تهتم بمشاكل السكان، المحلية والجهوية. استياء السكان تعيش بلدية سيدي بنور على إيقاع الجمود، منذ فترة، في ما يخص المشاريع التنموية منذ تولي إسعاد رئاسة المجلس الجماعي، وتأكد بالملموس أن المجلس الحالي يعيش أزمة داخلية بسبب غياب مشاريع التنمية على أرض الواقع، وتعثر أخرى، رغم البرامج التي كشف عنها المجلس بداية توليه المسؤولية، لذلك يمكن القول إن سيدي بنور تعيش خارج قطار التنمية الذي تشهده مختلف مناطق وجهات المملكة، كل هذا أمام عيني العامل الحسن بوكوتة، الذي يتابع الوضع، دون أن يحرك ساكنا. وتشهد العديد من المجالات اختلالات كثيرة، سواء في المسالك الطرقية أو المشاريع المتعثرة، أو احتلال الملك العمومي، أو المشاكل البيئية الناجمة عن معمل "كوسومار"، أو التهيئة الحضرية، والنهوض بالأحياء السكنية، وغياب مشاريع هادفة لتحقيق التنمية للسكان، ما يطرح الكثير من التساؤلات على المجلس الجماعي الحالي ودوره في هاته الوضعية التي آلت إليها سيدي بنور في عهده. التلوث يهدد صحة السكان تعيش سيدي بنور على وقع كارثة بيئية تهدد صحة وسلامة السكان، جراء انبعاث روائح وأدخنة من المعمل الوحيد الموجود بمدخل المدينة، إضافة إلى قذفه لبقايا سامة أثرت على الفرشة المائية والأشجار المثمرة. وأعرب بعض سكان سيدي بنور عن استيائهم وقلقهم الكبير جراء انبعاث الأدخنة بشكل كثيف، ما يسبب اختناقا لهم، خصوصا الذين يعانون أمراضا مزمنة كالحساسية والربو، على اعتبار أن هذه الروائح تنتشر عبر مساحات شاسعة، وباتت الأدخنة مصدر إزعاج يومي، دون تدخل الجهات المعنية، وعلى رأسها عامل الإقليم، الذي لزم الصمت منذ تعيينه، في تحد سافر وخرق لقانون البيئة. ويتفاجأ الزائر لسيدي بنور بانبعاث الروائح الكريهة من معمل السكر عند مدخل المدينة، رغم المحاولات العديدة لإدارته زرع الأشجار بمحيط المعمل، في محاولة لامتصاص الروائح المنبعثة، كما عجزت إدارة المعمل عن إيجاد حلول كفيلة وبديلة لوضع حد لهذا الإشكال الذي بات يهدد صحة السكان، وزوار المدينة، ما دفع بعض فعاليات المجتمع المدني للتعبير عن استيائها وتذمرها الكبير جراء الصمت المطبق من قبل السلطات الإقليمية عن هذه الوضعية. وطالبت هذه الفعاليات بضرورة التدخل العاجل لإيجاد حل جذري ينهي مأساة المواطنين، في مدينة تتطلع لكي تكون واجهة وقطبا حضريا واقتصاديا بامتياز، خصوصا أن الإقليم يعد القلب النابض لمنطقة دكالة، نظير ما يمتاز به من خيرات على المستوى الفلاحي. احتلال الملك العمومي تعيش سيدي بنور على وقع مظاهر الفوضى المرتبطة باحتلال الملك العمومي، وهي ظاهرة تضر بحقوق المواطنين، خصوصا الراجلين، وتسيء للمنظر العام للمدينة، دون أن تتحرك الجهات المسؤولة، وعلى رأسها السلطات المحلية، وبتنسيق مع المجلس الجماعي الحالي، تفعيلا للدورية المتعلقة بتحرير الملك العمومي، خاصة المفرط منه، من قبل أصحاب بعض المقاهي على مستوى شارع محمد الخامس وسط المدينة وكذا "الفيلاج"، بسبب فوضى أصحاب المقاهي، التي يوجد بعضها في ملكية منتخبين، وتشكل عائقا أمام مرور الراجلين، وتدفعهم إلى المشي وسط الطريق المخصصة للسيارات، ما يشكل خطرا على سلامتهم البدنية. وأمام هذا الوضع، عبرت العديد من فعاليات المجتمع المدني عن احتجاجها على الفوضى والتسيب المصاحبين لاحتلال الملك العمومي وسط سيدي بنور، دون أن تتحرك السلطات المحلية لمحاربة هذه الظاهرة التي تسيء لسمعة المدينة وتقلق راحة سكانها. ولم يجد السكان وسيلة أمام ما يقع، سوى التعبير عن الرفض والسخط تجاه واقع الفوضى القائم، وتوجيه مناشدة للسلطات المختصة والمجلس الجماعي للتدخل العاجل من أجل تحرير الملك العمومي. وتغيب عن سيدي بنور مظاهر الحضارة، التي حلت محلها مظاهر البداوة في مدينة أضحت تعرف نموا وحيدا هو النمو السريع لأعداد الكلاب الضالة، التي أصبحت تغزو جل الأحياء السكنية، إضافة إلى المواشي التي أصبحت تزاحم المارة والسيارات، أمام غياب المشرفين على الشأن المحلي. مشاريع متعثرة ظل مشروع القاعة المغطاة يراوح مكانه قرابة تسع سنوات، وبلغ صداه لأصحاب القرار بالوزارة الوصية. وعبرت العديد من الأندية المحلية عن استيائها، خصوصا الممارسة لرياضات جماعية، ككرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة، والتي تضطر إلى السفر للعب خارج سيدي بنور، وتساءلت عن سبب التأخر غير المبرر من قبل جماعة سيدي بنور في إتمام الأشغال التي طال أمدها، وافتتاح المعلمة الرياضية. وكشفت مصادر مقربة من مجلس سيدي بنور أن الأشغال بالقاعة، التي تتسع لحوالي ثلاثة آلاف مقعد، وتضاهي نظيرتها بالزمامرة من حيث الطاقة الاستيعابية، والتي رصد لها بداية غلاف مالي يقدر بـ 25 مليون درهم، قبل أن يتقرر رفع المبلغ في عهد المجلس الحالي، توقفت مجددا، دون أن تتدخل السلطات الإقليمية لوضع حد لهذا التوقف، والعمل على افتتاح القاعة المغطاة. كما سبق للمجلس الجماعي لسيدي بنور أن خصص غلافا ماليا يقدر بحوالي مليوني درهم لإعداد دراسة خاصة بتجديد الملعب البلدي ومرافقه، من أجل إعادة هيكلة مرافقه التي تحتاج لصيانة. إكراهات بالجملة رغم خروج إقليم سيدي بنور من رحم إقليم الجديدة في 2009، ما زال يحافظ على طابع البداوة، دون تسجيل أي تطور ملموس في العديد من المشاريع والقطاعات، أهمها عدم تمكن جماعة سيدي بنور من إيجاد حل للسوق الأسبوعي، وتحويله خارج المدار الحضري وإخراج السوق الذي ينعقد كل ثلاثاء، ويعتبر من أكبر الأسواق الأسبوعية، خارج المدار الحضري، لتجنيب المدينة كارثة بيئية، نتيجة تراكم الأزبال والنفايات التي يخلفها، كما يفتقد هذا السوق لمجزرة في المستوى المطلوب، إذ تفتقر لأبسط شروط النظافة، رغم الحديث عن نقله لمنطقة "الطويلعات". كما تشكل المحطة الطرقية عائقا في وجه حركة السير والجولان، إذ تتجمع حولها سيارات الأجرة من الحجم الصغير والعربات المجرورة بالدواب وأكشاك بيع الفواكه والباعة الجائلون، دون أن يحرك ذلك المجلس الجماعي. كما يعاني سكان سيدي بنور في مجال الصحة بسبب الخصاص الفظيع في الموارد البشرية والتجهيزات الطبية بالمستشفى المحلي، ما يدفع إدارة المستشفى، في أحيان كثيرة، إلى تحويل المرضى المترددين عليه نحو المستشفى الإقليمي بالجديدة. ويسود استياء عارم وسط العديد من سكان المدينة، جراء اللامبالاة التي يتعامل بها المجلس الجماعي مع المتنفس الوحيد، وهي الحديقة العمومية، بسبب انعدام الإنارة، ما يساهم في انتشار الجرائم. اختلالات وقف عليها قضاة المجلس الجهوي للحسابات الذين تم إيفادهم لسيدي بنور، أخيرا، خصوصا بعد فضيحة المحجز البلدي، والذي بلغ إلى مكاتب الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، والتي فتحت إثره تحقيقا قضائيا أمر به الوكيل العام، إثر شكاية توصل بها تتعلق بتبديد محجوز تتعلق بكميات مهمة من النحاس واختفاء معدات كانت محجوزة داخل المحجز البلدي في عهد المجلس الحالي، والتي من المنتظر أن تطيح التحقيقات التي تباشرها عناصر الفرقة الوطنية بأسماء وازنة لها علاقة باختفاء المحجوز من داخل المحجز البلدي بسيدي بنور. فعاليات حقوقية تدق ناقوس الخطر أكد رضوان دليل، الكاتب العام للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالجديدة، أن توقف معظم المشاريع بسيدي بنور، ورصد الاختلالات التي تخص قطاعات التعمير والممتلكات والمالية يرجعان أساسا إلى غياب معياري الشفافية والحكامة. وأكد الفاعل الحقوقي أنه، على مستوى سيدي بنور، تم رصد تغيير على بعض التجزئات العقارية، ومنح رخص غير قانونية، وعدم احترام كناش التحملات الخاص ببعض المشاريع السكنية وبيع محجوزات بالمحجز الجماعي بشكل غير قانوني، إضافة إلى أن العديد من أحياء المدينة تفتقر للتهيئة الحضرية، إذا ما استثنينا شارع الجيش الملكي، الرئيسي وسط المدينة. ويأمل العديد من السكان تدخل المجلس العاجل لانتشالهم من حياة الغبن ودائرة العزلة التي باتت عنوانا لمعاناتهم والتي يتقدمها انعدام التهيئة الحضرية بأحياء البلدية، لتتراكم مشاكلهم اليومية مع طرقات بعض الأحياء نتيجة الحفر المنتشرة بمختلف الأحياء لتصبح مصدرا للغبار والأتربة، وتتحول إلى برك وأوحال يصعب تخطيها شتاء. وأبدى عضو اللجنة الإدارية للهيأة استغرابه الشديد للكيفية التي ينهجها رئيس الجماعة في تدبير الملفات الاستثمارية للمنعشين العقاريين، عنوانها التماطل في البت في ملفاتهم رغم حصولها على الرأي الإيجابي من قبل اللجنة المختصة، رغم استجابة المنعشين العقاريين لجميع الملاحظات المدلى بها من لدن اللجنة ذاتها. كما أوضح الفاعل الحقوقي أن سكان سيدي بنور عبروا، في العديد من المناسبات، عن استيائهم من سياسة الترقيع التي ينهجها المجلس البلدي والسلطات المحلية، في معالجة مشكلة الماء الصالح للشرب بالكثير من الأحياء، بسبب تغيير مذاقه ولونه. وأضاف أن قرار تحويل السوق الأسبوعي إلى مركز "الطويلعات" يعد مظهرا من مظاهر غياب الشفافية والحكامة الجيدة، ذلك أن تحويله سينعكس سلبا على المستوى المعيشي للسكان، وكذا على مستوى مداخيل البلدية، والرواج الاقتصادي والتجاري، الأمر الذي ينبغي معه تأهيله وجعله في مستوى تطلعات السكان، نظرا لأن سيدي بنور مرتبطة تاريخيا بسوقها الأسبوعي، الذي يعد موروثا ثقافيا. 3 أسئلة إلى * حميد يفيد المجلس البلدي بدون برنامج ما تقييمك لحصيلة جماعة سيدي بنور؟ > حصيلة المجلس الحالي سلبية، وغير مشرفة، إذ أن هناك تبديدا للمحجوز، وتبديدا للمالية العامة للجماعة، خلال فترة المجلس الحالي، بلغ مليارين و700 مليون، بسبب عدم القيام بالمساطر في جبايتها في الوقت القانوني، ما فوت على الجماعة استخلاص هذه المبالغ لسنتي 2019 و2020. حصة الأسد منها للأراضي العارية والمستفيد منها مقربون ونافذون. ولا يمكن أن نتكلم عن حصيلة المجلس الحالي، على اعتبار أنه ليس هناك برنامج واقعي ملموس وموضوعي، سواء من ناحية البنية التحتية، أو أمور أخرى تتعلق بالتنمية أو بالمسائل الاجتماعية. سيدي بنور اليوم تعيش على وقع غياب برنامج وغياب حصيلة، عكس الولاية السابقة التي تختلف كثيرا عن الولاية الحالية، من حيث المشاريع التنموية وتهيئة المدينة، التي صرفت خلالها أكثر من 22 مليارا، وكانت كفيلة بتغيير ملامح سيدي بنور في شقها المتعلق بالبنيات التحتية، من خلال الإنارة والطرقات والحدائق العمومية. ماذا عن المشاريع المتعثرة؟ > هناك عدة مشاريع متعثرة، ولكن هنا سأقف عند المشاريع التي لها علاقة بالمجلس الحالي، هناك مشروع واحد ومهم، هو مشروع القاعة المغطاة، وهو ليس وليد اللحظة، إذ يعود لسنوات، وأعزو تعثر هذا المشروع لسوء التدبير والارتجالية في اتخاذ القرار، إضافة إلى مشاريع متعثرة، منها المجزرة التي أدت إلى كارثة بيئية، جراء انبعاث الروائح الكريهة من مجاري الصرف الصحي بها. من يتحمل مسؤولية هذه الوضعية؟ > المسؤولية الكاملة يتحملها المجلس الحالي، بسبب سوء تدبيره للعديد من المشاريع المبرمجة، وغياب رؤية مستقبلية تدفع بعجلة التنمية بسيدي بنور الذي يعيش التقهقر، بسبب الارتجالية وعدم إشراك باقي الفاعلين من الجماعة الحضرية لسيدي بنور، من أجل الرفع بالمنتوج التنموي للمدينة وإضفاء صورة حضارية عن التسيير الجماعي. * (مستشار جماعي)

سيدي بنور… قلب دكالة المريض

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

‭"‬طاليس‭" ‬يرد‭ ‬على‭ ‬الجدل

تحــيـة الســـلــطان

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات