أحياء ناقصة التجهيز ومنازل بدون صرف صحي وماء صالح للشرب على بعد ثلاث دقائق من وسط أكادير، خلف الحي المحمدي، تقع أحياء سفوح الجبال المطلة على الملعب الكبير. أحياء تعد صداعا في رأس عزيز أخنوش، رئيس المجلس الجماعي لأكادير، خصوصا أنها مندرجة ضمن برنامج التنمية الحضرية للمدينة، وتعرف تأخرا في برمجة تهيئتها، كما أنها نقطة سلبية في ملف مونديال 2030، بحكم قربها من الملعب الكبير "أدرار". إنجاز: عبد الجليل شاهي (أكادير) حث عزيز أخنوش، رئيس المجلس الجماعي لأكادير، على ضرورة مباشرة أشغال تهيئة أحياء سفوح الجبال، وباقي الأحياء ناقصة التجهيز، وذلك لما لها من طابع استعجالي وأهمية بالغة في الارتقاء بجودة الحياة لفائدة سكانها، مضيفا في كلمته الافتتاحية خلال اجتماع لجنة تتبع وتقييم أشغال التهيئة الحضرية أكادير 2020 – 2024 في يناير الماضي، "إننا نعمل جاهدين، في المجلس الجماعي لأكادير، في سبيل تعزيز التهيئة الحضرية للأحياء الناقصة التجهيز خاصة سفوح الجبال، وتدارك التأخر الحاصل في أشغالها". إكراهات الموقع استنكر الحسين الكوداني، عضو تنسيقيات سفوح الجبال بأكادير، التماطل في إتمام مشروع إعادة هيكلة الأحياء، إغيل أوضرضور وحي أيت المودن وحي أيت تووكت بالإضافة إلى حي تكيت نعبد الرحمان وكذا حي إمي أنسيس وحي أحلكا، والإقصاء من بعض اللقاءات التي تهم أحياء سفوح الجبال، كما ثمن المجهودات التي تقوم بها جماعة أكادير والسلطات الولائية في إطار تنزيل الورش الملكي للتنمية الحضرية بأكادير، وطالب الكوداني من المسؤولين على مشروع إعادة هيكلة أحياء سفوح الجبال، بتعميم الأولويات وذلك بتوفير الشروط الأساسية للعيش الكريم لعامة السكان، مشددا على ضرورة إنجاز الأولويات وتعميم الضروريات وليس تحسين وتزيين الواجهة فقط. وندد الكوداني، بالتماطل في إيجاد حل للسكان المعنية منازلهم بالإزالة والمحرومة من الماء الصالح للشرب والصرف الصحي، وطالب الجهات المعنية بمنح رخص الإصلاح للمنازل غير المعنية بالإزالة ورخص البناء للبقع العارية مع العلم أن تصميم إعادة الهيكلة تمت المصادقة عليه سنة 2018. وجدد الكوداني التأكيد على سياسة التماطل في حل مشكلة سكان إغيل أوضرضور المحاذية للسد، وسكان الضفة الشرقية لحي أيت المودن (سكان الكريان)، و أكد على أن تنسيقية سفوح الجبال تدافع عن مصالح كل سكان أحياء سفوح الجبال بكل الوسائل القانونية، ولفت الانتباه إلى كل ما يعتريها من مشاكل. كما أشار الكوداني، أن تنسيقية سفوح الجبال وبعد تقديم عدة مراسلات من أجل لقاء رئيس المجلس الجماعي لأكادير والتي قوبلت بعدم التجاوب، بل وإقصاء التنسيقية من أغلب اللقاءات، أوضحت بأنها كانت وراء تأسيس مشروع إعادة هيكلة أحياء سفوح الجبال منذ سنة 2002 قبل وجود المجلس الحالي، ودافعت عنه، معتبرة عمليات تبليط سفوح الجبال ليس إنجازا، بل "فرض عين" وواجب على المجلس الجماعي وفق اتفاقية موقعة لمشروع إعادة الهيكلة سنة 2012، كما أشارت إلى أن الأعمال التي تنجز ببعض أحياء سفوح الجبال غير جديدة وإنما تتمة لمراحل مبرمجة سابقا ومقسمة على ثلاث مراحل،المرحلة الأولى تستهدف حي إغيل أوضرضور لاتخاذه نموذجا، وفي المرحلة الثانية يأتي حي أيت المودن وحي أيت تووكت، وبعده في المرحلة الثالثة كل من حي تكيت نعبد الرحمان وحي إمي أنسيس وحي أحلكا. وشدد الكوداني على وجوب اعتبار أحياء سفوح الجبال أحياء حضرية، وذلك بتوفير شروط العيش الكريم لسكانها لا بالتشجير والصباغة فقط. مشاريع في طور الإنجاز قام سكان سفوح الجبال بالعديد من الأشكال النضالية، كالاحتجاجات والوقفات، وطالبوا من خلالها المجالس المنتخبة، منذ 2012، بإدراج أحياء سفوح الجبال ضمن مناطق التهيئة الحضرية، وتمكينها من حقها في مشاريع الهيكلة والبنية التحتية، وتم عقد اجتماعات ماراثونية مع المسؤولين، قبل أن يأتي الورش الملكي لتهيئة أكادير، ويدرجها ضمن التنمية الحضرية 2024-2020. ورصد مجلس جماعة أكادير اعتمادات مالية إضافية لتهيئة سفوح الجبال قدرها 145 مليون درهم، بعدما صادق على 130 مليونا في إحدى دوراته، أضاف إليها 15 مليون درهم، ميزانية "مواطنة تشاركية" تم رصدها لإنجاز المشاريع التي يقترحها السكان، بناء على نتائج استطلاع الرأي الرقمي، من أجل تحديد الحاجيات الحقيقية، اعتبارا لوعورة التضاريس بهذه الأحياء. وأطلقت جماعة أكادير دراسة معمقة لرصد كل التعثرات التي يمكن أن تصادف الأشغال قصد معالجتها، مع الاستماع لمقترحات ممثلي جمعيات المجتمع المدني، التي طالبت بتهيئة الطرق والممرات المملوءة بالحفر والمتناثرة في كل مكان والطرق غير الصالحة، مع وجود برك مائية منتشرة بالحي، كما تعاني هذه الأحياء الجبلية المطلة على أكادير نقصا وخصاصا في البنية التحتية والتهيئة الطرقية. وقد صبت معظم اقتراحات الجمعيات الحاضرة في المشاريع التي تترجم الانتظارات الحقيقية للسكان والتي تهم أساسا النقل المدرسي، والتجهيز، والربط بالماء الصالح للشرب، ومشاريع تتعلق بالمجال الثقافي، والرياضي، والبيئي، والتعليم، والصحة، والمنظر العام لهذه المنطقة. وبعد لقاءات واجتماعات بين الجماعة وممثلي المؤسسات المتدخلة في مشروع تهيئة منطقة سفوح الجبال، كالوكالة المستقلة المتعددة الخدمات والمكتب الوطني للكهرباء، من مكتب الدراسات، وكذا المهندسين المكلفين بالمشروع، بالإضافة إلى ممثلين عن سكان سفوح الجبال، انطلقت الأشغال خلال أكتوبر الماضي، التي تشرف عليها شركة سوس ماسة تهيئة، وشركة العمران، في تهيئة حي ايت المودن وحي أيت تاووكت وحي إمي انسيس. ويهم هذا المشروع تقوية البنية التحتية، منها شبكة الماء الصالح للشرب والكهرباء وقنوات الصرف الصحي وتقوية الطرقات الخاصة بالسيارات وتبليط ممرات الراجلين، مع تحسين وتجويد المنظر العمراني، من خلال تهيئة مجالات خضراء وساحات وفضاءات لألعاب الأطفال، بالإضافة إلى حماية المنحدرات وتقوية جنبات الطرقات المؤدية إليها، كما يسعى المشروع إلى تمكين سكان هذه الأحياء المعنية من شروط الرفاه الحضري وتجويد إطار عيشها، كما أن مدة أشغال إنجاز هذا المشروع محددة في 12 شهرا. معاناة ضحايا الهدم يعتبر مشكل ضحايا الهدم بسفوح الجبال، من التحديات التي تؤرق مسؤولي أكادير، خاصة أمام كثرة الاحتجاجات والوقفات أمام ولاية الجهة، والقصر البلدي للجماعة، ومؤسسة العمران، لإيجاد حل لأزيد من 1384 أسرة. وكشف عدنان فاضل، رئيس جمعية "أكادير للتنمية والدفاع عن المستهلك"، أن هذا الملف يرجع إلى 2011، عندما انطلقت عملية البناء في سفوح الجبال، بناء على العقود العرفية التي اقتنى بموجبها السكان بقعا أرضية، مسجلة لدى إدارة الضرائب قبل 2012. وباعتبار أن الشهادات الإدارية وتصاميم التحديد المبياني، هي الضوابط والمسطرة التي كان معمولا بها آنذاك، مضيفا بعد إتمام بناء عدد كبير من المنازل، تفاجأ أربابها بانطلاق عملية الهدم في 2012، دون احترام المقتضيات القانونية الجاري بها العمل في هذا الشأن، ما خلف انعكاسات اجتماعية ونفسية قاسية جدا، فتعرضت العديد من العائلات للإفلاس التام، بعدما تراكمت عليها الديون، وصرفت مدخراتها المالية على تحقيق حلم بناء مسكن خاص، وتجرعت أسر أخرى مرارة التشرد، نتيجة تبخر آمالها في الحصول على مسكن، كافحت من أجله عقودا من الزمن. وأوضح عدنان، أن عمليات الهدم في سفوح الجبال همت أكثر من 4000 بناية، وتم تشريد العديد من الأسر. وبعد مسلسل من الاحتجاجات والمظاهرات السلمية أمام الولاية والبلدية ومؤسسة "العمران"، لجأت المؤسسات المعنية إلى أسلوب التسويف والتماطل، بدل إيجاد حل جذري ومنصف لجميع المتضررين. واعتبر عدنان أن القرار الولائي رقم 98 بتاريخ 2 غشت 2012، الموقع من قبل الوالي السابق محمد بوسعيد، القاضي بتعويض المعنيين ببقع أرضية في حي أدرار وتكاديرت، كان مشروعا واعدا وأعطى أملا كبيرا في تسوية الملف، لكن لم يتم تفعيله أو تنفيذ مقتضياته على أرض الواقع. وتابع المتحدث ذاته "التزمت السلطات المحلية، في شخص الوالي، بتجهيز تجزئة لفائدة المتضررين بتكلفة بسيطة شرط الإدلاء بشكاية ضد بائع البقعة، وإثبات الهدم، بالإضافة إلى عدم تملك السكن، وانخرط الضحايا في العملية، وتم الإدلاء بالوثائق اللازمة، ووصل عدد الذين استجابوا للشروط إلى 1384 متضررا، وتم إيداع أزيد من 1800 شكاية، لدى ابتدائية أكادير، ضد أصحاب الأرض الذين باعوا بقعا للضحايا في سفوح الجبال، ومرت سنتان ولا تزال الشكايات قابعة في رفوف المحكمة، ولم تحرك في شأنها أي متابعة"، يضيف عدنان. أيت الموذن... عالم آخر كشف أحمد (47 سنة)، أحد سكان أيت الموذن الجهة الشرقية، أن أزيد من 50 منزلا غير مزودة بشبكة الماء الصالح للشرب، ومازالت تعتمد في التزود بالماء على شاحنات صهاريج لنقل الماء في ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير صحية وتهدد صحة السكان، ناهيك عن غلاء سعر هذه الخدمة مقارنة مع القدرة الشرائية للسكان والفقر الذي تعيش فيه أغلب الأسر، حيث يبلغ سعر هذه الخدمة حوالي 130 درهما لصهريج لا يكفي حاجيات الأسرة لمدة 15 يوما، مشيرا إلى أن الحي لا يبعد عن وسط أكادير إلا بستة كيلومترات. وأضاف أن العديد من المنازل تعاني عدم الربط بقنوات الصرف الصحي، وكذا افتقار الأحياء للفضاءات الترفيهية والثقافية والمرافق الاجتماعية والرياضية الخاصة بالشباب والأطفال، و هو ما من شأنه أن يعرضهم للضياع والانحراف، مع غياب وسائل النقل في الحي. كما عبر العديد من المتضررين عن تذمرهم من تأخر ربط منازلهم بالكهرباء والماء الصالح للشرب وشبكة الصرف الصحي، وكشفوا أن أكثر من خمسين أسرة، تعتمد على نظام التخزين المائي التقليدي المتمثل في المطفية للشرب، وطالبوا السلطات المعنية بالتدخل لإنقاذهم من العطش والظلام. تتبع وزيارة أمزازي عرفت أحياء سفوح الجبال، زيارة سعيد أمزازي، والي جهة سوس ماسة، الجمعة 9 فبراير الجاري، رفقة النائب الأول لرئيس المجلس الجماعي لأكادير، لتتبع أشغال تهيئة حي أيت المودن، وفتح نقاش مع فعاليات المجتمع المدني التي طالبت الوالي وممثل المجلس الجماعي، بضرورة تفعيل رخص إصلاح واجهات المنازل وإخراجها لحيز الوجود، وكذا ربط المنازل الموجود وسط الحي بشبكة الماء الصالح للشرب، بالإضافة إلى التطهير السائل والصرف الصحي، وإلحاق الجهة الشرقية لحي آيت الموذن بمشروع تهيئة الأحياء الناقصة التجهيز، وتهيئة الطريق الرابط بين حي ايت الموذن وحي ايت تاووكت الموجود خلف صهريج الماء. كما ثمنت الفعاليات الجمعوية زيارة الوالي، وممثلي الجماعة ومختلف المتداخلين في مشروع تهيئة الأحياء الناقصة التجهيز بسفوح الجبال، وطالبت بتنويع الفضاءات الترفيهية بالحي كمساحات خضراء، وألعاب الأطفال. سنة تجاوز الإشكاليات اعتبر مصطفى بودرقة، أن 2024 سنة سفوح الجبال بامتياز، إذ رغم مشاكل الوعاء العقاري، والصرف الصحي والماء والكهرباء، فإن جماعة أكادير بتنسيق مع جميع المتدخلين، من سلطات ولائية والوكالة الحضرية والوكالة المستقلة المتعددة الخدمات، ستنجح في تجاوز أكثر من 90 في المائة من الإشكاليات. كما أدرج المجلس الجماعي لأكادير في دورته العادية ليوم الأربعاء 7 فبراير الجاري، نقطة لدارسة وضعية 50 منزلا بحي أيت المؤذن بسفوح الجبال، في جدول أعمال دورة فبراير 2024، لمعالجتها وطرحها للنقاش مع أعضاء المجلس، استشرافا لتهيئتها وأخذها بعين الاعتبار، وأوضح هشام عائش، رئيس لجنة المرافق العمومية والخدمات والتعمير والرقمنة وسياسة المدينة الذكية، أن اللجنة وقفت على أن أغلب المناطق بسفوح الجبال تتموقع في مناطق غير صالحة للبناء، كالمنحدرات الوعرة، وكذا محاذية للوديان مما يجعلها عرضة للفيضانات. وأكد مصطفى بودرقة، نائب رئيس المجلس الجماعي، أن أشغال التهيئة انطلقت فعليا في سفوح الجبال منذ نهاية أكتوبر الماضي، بأكبر ميزانية بلغت أزيد من 200 مليون درهم، وأن نقطة 50 أسرة بحي أيت المؤذن، نالت إجماع جميع أعضاء المجلس الجماعي، كما شكر عزيز أخنوش، رئيس جماعة أكادير، على امتلاك الشجاعة على مواجهة هذه المشاكل، ونجح في وفاء الجماعة بالتزاماتها المالية.