هيأت جماعة البيضاء الشروط القانونية لبدء عمليات إعادة اقتناء عقارات برسوم عقارية محفظة تملك فيها حق الشفعة، كما هو منصوص عليه في القانون 08-39، وهي سابقة من نوعها في تاريخ الجماعات الترابية. واكتشف مجلس المدينة، بعد أشهر من البحث والتنقيب عن الوثائق والمستندات داخل وخارج المغرب، أنه يعتبر شريكا في عدد من العقارات والأراضي والمنقولات العينية والتحف ومجوهرات وذهب، كانت في ملكية أحد المعمرين الفرنسيين، ثم قرر تسليمها في شكل هبة قانونية مسجلة، مناصفة بين جماعة البيضاء وبين بلدية بفرنسا. وحسب المعطيات التي حصلت عليها "الصباح"، فإن الفرنسي إميل إيرو، أحد الفرنسيين المعروفين في المجال السياسي والإعلامي في أربعينات وخمسينات القرن الماضي بالبيضاء، ترك خلفه وصية في شكل هبة، يتنازل فيها عن جميع ممتلكاته المحفظة إلى جماعة البيضاء وأخرى بفرنسا مناصفة. وارتبط اسم إيميل إيرو بالصحافة التي كانت تصدر بالبيضاء، خصوصا "لافيجي ماروكان" و"لوبتي ماروكان"، إضافة إلى أنشطته السياسية لفائدة الإدارة الفرنسية وكانت سببا في الترصد له وقتله قرب منزله بزنقة "ناسيونال"، من قبل مجموعة من الفدائيين يقودهم المقاوم إدريس لحريزي. ومن بين العقارات التي وهبها إيرو مناصفة إلى جماعة البيضاء، واحد بمساحة تقارب ألف متر مربع، يوجد في مكان إستراتيجي وسط شارع المقاومة، وهو العقار الذي يحمل رسما برقم 905/س. وحسب وصية الهبة، فإن الجماعة الحضرية تملك نصف مساحة هذا العقار الذي يستغل إجمالي مساحته صاحب شركة، بعقد كراء، بينما تنص وثائق التعمير أن العقار موضوع تصميم لبناء عمارة من فئة طابق سفلي وسبعة طوابق في هذا المكان المطل على محكمة الاستئناف. واكتشف المشرفون على إخراج هذا الملف، أنهم لم يكونوا وحدهم يملكون "معلومة" وجود هبة من معمر فرنسي تساوي الملايير، بل أشخاص آخرون يبذلون مجهودات جبارة، من أجل وضع أياديهم على العقارات والأراضي والمنقولات. وخلال البحث، توصلت الجماعة الحضرية بمعلومات تفيد أن شركة تملكها امرأة مقيمة في طنجة، ويوجد مقرها الصوري بالبيضاء، اقتنت نصف العقار من الرسم العقاري 903/س، الموهوب إلى بلدية في فرنسا، بقيمة مالية لم تتجاوز مليون درهم، بينما تساوي قيمة العقار في هذه المنطقة أكثر من 5 ملايير ونصف مليار سنتيم. وقالت مصادر إن عملية بيع العقار إلى الشركة من قبل مسؤولين بفرنسا، مازالت حديثة، ولم يسر عليها قانون التقادم، ما يسمح للجماعة الحضرية بالبيضاء بممارسة حقها في الشفعة، كما هي منصوص عليها في القانون 08-389 بمثابة مدونة للحقوق العينية. وتشرح المواد من 292 إلى 312 جميع التفاصيل الخاصة بهذا الحق، إذ تتوفر الجماعة الحضرية على الشروط المنصوص عليها، وشرعت في تهييء الوثائق والمستندات، وتعبئة المبلغ المالي المطلوب الذي سيساوي المبلغ الذي اقتنت به الشركة العقار. وتبحث الجماعة عن عقارات وأراض ومنقولات تندرج في إطار الهبة نفسها المسلمة من المعمر الفرنسي، علما أن المسألة تتطلب مجهودات كبيرة في التنقيب، وإرادة سياسية قوية، لمحاربة لوبيات التربص بممتلكات المدينة، في أفق تحويل هذه الممتلكات إلى مصدر ثراء، ومورد قار للتنمية والاستثمار. يوسف الساكت