انـتـقـام جــغــرافـــي

الطيب بياض يستعيد جوانب من تاريخ التوتر بين الجزائر والمغرب فجر الاستقلال يعكس التوتر الذي طبع العلاقات المغربية الجزائرية خلال الفترة الأخيرة، مسلسلا طويلا من سوء الفهم مع الجار الشرقي، امتد طيلة عقود، ابتداء من السنوات الأولى لاستقلاله. وبالنظر إلى الظروف المحيطة باستقلال الجزائر والسيناريوهات التي سبقتها خاصة مواقف المغرب من قضية الاستعمار الفرنسي للجزائر، يتضح أن تدهور العلاقات بين الجارين، جاء ضد مجرى التيار، وعكس منطق التاريخ ومسار العلاقات بين البلدين. وفي هذا السياق يستحضر المؤرخ الطيب بياض جوانب من الإرهاصات التي أفضت إلى توتر العلاقة أشهرا قليلة بعد استقلال الجزائر، بشكل أدى إلى اشتباك بين الجارين خلال ما عرف بحرب الرمال التي شكلت المنطلق الظاهر لتدهور العلاقات بين الطرفين. ويقول بياض، في حديث مع "الصباح"، إن هناك محطات أساسية سبقت هذه اللحظة المفصلية في تاريخ البلدين، وأنه لا بد من العودة إلى الوراء لفهم التراكم الكبير، خاصة أن خريطة المنطقة أعيد تشكيلها برؤية استعمارية من منطلق أن فرنسا ظلت تعتبر الجزائر مقاطعة فرنسية تابعة لها، ولو على حساب الجوار، خاصة مع المغرب. وأضاف الأستاذ الجامعي بكلية الآداب عين الشق بالبيضاء أنه بعد الاستقلال كانت هناك مبادرة للمغرب في اتجاه أن تكون هناك وحدة مغاربية في المصير، وهو ما اتضح من خلال دعم المقاومة الجزائرية، إذ ظل يعتبرها من القضايا الأولوية كما أن قضية الطائرة واختطاف قادة المقاومة الجزائريين من قبل فرنسا والتصعيد المغربي كلها مؤشرات تؤكد هذا المنحى. وأوضح بياض أن المغرب اختار الانحياز للطرف الجزائري، رغم أن مصالحه تقتضي أن تكون هناك علاقات قوية مع فرنسا، لكنه انتصر للخيار المبدئي على حساب الخيار البراغماتي. وتابع المؤرخ أنه في الوقت الذي تصاعدت فيه وتيرة المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، ظل المغرب قاعدة خلفية لهذه المقاومة، وقدم لها كل الدعم المادي واللوجستيكي، في الوقت الذي كانت تسعى فيه فرنسا إلى إبعاد الطرف المغربي وإلزامه بالحياد عبر إغراءات وصلت إلى حد تقديم عرض بإعادة ترسيم الحدود، على الشكل الذي كان عليه فترة الانتداب العثماني، فكان رد الطرف المغربي هو الرفض، من منطلق أن المشكل الحدودي يجب أن يحل مع السلطات الجزائرية، بعد استقلال الجزائر عن فرنسا، بكل نبل وشهامة. والمتغير الذي وقع، يضيف المتحدث نفسه، هو أن الجزائر بعد استقلالها وفي سياق بحثها عن موقع خلال زمن الحرب الباردة والتقاطبات الحادة التي كانت زمن المد الناصري والقومي، تنكرت لكل الوعود والمواقف الإيجابية التي كانت تربطها بالمغرب، وكل هذا ساهم في احتقان الوضع وتفجيره باندلاع حرب الرمال التي رسخت مسعى جزائريا يتماهى مع الإرث الاستعماري وينزع نحو الانتقام بالجغرافيا من عقدة التاريخ.. عزيز المجدوب

انـتـقـام جــغــرافـــي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مهن البحر بالجديدة... انطلاقة جديدة

جــــرح "أمــكــالــة"

مقالات ذات صلة