الصحة تحصي خسائر الجائحة

الحكومة تلقت ثلاث إشارات ملكية صارمة مفادها ضرورة التعامل مع القطاع بمنطق السيادة وضع سياق تشكيل حكومة أخنوش ملف الصحة على رأس أولوياتها، إذ تلقت ثلاث إشارات ملكية صريحة في أقل من عشرة أيام، مفادها ضرورة التعامل مع الجائحة بمنطق السيادة. وحمل خطاب افتتاح البرلمان أولى الإشارات عندما خصص للجائحة فقرات مهمة، شدد من خلالها الملك على ضرورة إحداث منظومة وطنية متكاملة ، تتعلق بالمخزون الإستراتيجي للمواد الأساسية، سيما الغذائية والصحية والطاقية، والعمل على "التحيين المستمر للحاجيات الوطنية، بما يعزز الأمن الإستراتيجي للبلاد، وفي مقدمته تعزيز مكانة المغرب ، والدفاع عن مصالحه العليا، في ظرفية مشحونة بالعديد من التحديات والمخاطر والتهديدات". وسجل الملك بأن الأزمة الوبائية "أبانت عن عودة قضايا السيادة للواجهة، والتسابق من أجل تحصينها، في مختلف أبعادها، الصحية والطاقية، والصناعية والغذائية، مع ما يواكب ذلك من تعصب من طرف البعض"، معتبرا أنه "إذا كان المغرب قد تمكن من تدبير حاجياته وتزويد الأسواق بالمواد الأساسية بكميات كافية، وبطريقة عادية ، فإن العديد من الدول سجلت اختلالات كبيرة ، في توفير هذه المواد وتوزيعها". وتمثل الإشارة الملكية الثانية في إعفاء الوزيرة، التي اقترحها أخنوش لحقيبة الصحة، بالنظر إلى ما تضمنه البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بهذا الخصوص، إذ اعتبر أن إعادة تعيين الوزير أيت الطالب تم طبقا للمقتضيات الدستورية، وبناء على الطلب الذي رفعه رئيس الحكومة، لنظر الملك، بإعفاء الرميلي من مهامها الحكومية. وفي إشارة إلى حساسية القطاع المذكور في الظرفية الحالية، كشف البلاغ أن الوزيرة المعفاة من حقيبة الصحة "قدمت ملتمسا قصد التفرغ الكامل لمهامها رئيسة لمجلس البيضاء، بعدما تبين لها حجم العمل الذي تتطلبه منها هذه المهمة التمثيلية، وما تقتضيه من متابعة مستمرة لقضايا سكانها وللأوراش المفتوحة بهذه المدينة الكبرى، مما سيؤثر على الالتزامات الكثيرة والمواكبة اليومية، التي يستوجبها قطاع الصحة، سيما في ظروف الجائحة". ووردت الإشارة الملكية الثالثة في بلاغ المجلس الوزاري الأخير، الذي شدد على الإسراع في "إطلاق إصلاح عميق للمنظومة الصحية، بما يستجيب لتأهيل القطاع الصحي، ومواكبة ورش تعميم الحماية الاجتماعية". وفي ذلك توجيه ملكي صارم في سياق ما أفرزته الجائحة دوليا، إلى حد اتخذت معه "السيادة الصحية" بعدا إستراتيجيا، على غرار الأمن الاقتصادي والغذائي و الطاقي والبيئي، بالنظر إلى أن كورونا أظهر حتمية المخاطر، التي يمكن أن تتعرض لها الصحة الجماعية، ولذلك أصبحت الكيانات الكبرى في العالم، كالاتحاد الأوربي والصين والولايات المتحدة تضع مجالات الدفاع البيولوجي والكيميائي والإرهاب ضمن تعريفها "للسيادة الصحية"، وبذلك أصبح القطاع الصحي في سياسات الدول جزءا من برنامج الأمن القومي. وستجد الحكومة نفسها أمام إكراه تنزيل برنامج مواجهة الجائحة، والسعي على الأقل، للاستجابة للوعود التي قدمتها مكوناتها الحزبية في الحملة الانتخابية، منها الزيادة في أجور الأطباء والممرضين والمعلمين، بالإضافة إلى محاولة "مضاعفة ميزانية الصحة العامة على مستوى السنوات الخمس المقبلة، ومراجعة التعويضات الممنوحة للأطباء، وإحداث 4 مراكز استشفائية جامعية جديدة». وبدأ عزيز أخنوش برنامج حكومته بالالتزام بتقديم إجابات واقعية وطموحة للخروج من أزمة "كورونا" واستشراف المستقبل، من خلال حزمة إجراءات تبتغي تفعيل مخرجات النموذج التنموي الجديد والإجراءات التي تضمنتها برامج الأحزاب المشكلة للأغلبية، قصد الإجابة الصريحة عن أولويات المواطنات والمواطنين. امتدادات شبح "كوفيد" اعترف رئيس الحكومة بجسامة التحديات، التي تنتظر فريقه بخصوص متطلبات الإقلاع من مطبات الجائحة، مقدما مشروعا موحدا للتحول الاجتماعي والاقتصادي، يستمد أساسه من الثوابت الدستورية والتوجيهات الملكية، ويرتكز على قيم التماسك الاجتماعي وتكافؤ الفرص والفعالية والشفافية. وسجل أخنوش، أن المغرب لا يزال يواجه اليوم، شأنه شأن كل بلدان العالم، أزمة غير مسبوقة. وشكلت هذه الأزمة، التي يواجهها المغاربة بشكل جماعي، لحظة وعي حقيقية أبانت فيها بلادنا، تحت الريادة الملكية السامية، عن قدرتها على الصمود والتكيف، إذ أعلن جلالة الملك التعبئة العامة للحد من آثار الأزمة وجعل صحة المغاربة فوق كل اعتبار، فتجندت كل السلطات العمومية وانخرطت المواطنات والمواطنون في إجراءات منفردة لمحاصرة الوباء وتملك المناعة الجماعية. وقال أخنوش في كلمته لتقديم البرنامج الحكومي بالبرلمان "إن كان صحيحا أن الوباء المرتبط بفيروس كوفيد-19 لم يكن وراء كل الإشكاليات، إلا أن انتقاله السريع كشف بجلاء عن النواقص الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها بلادنا، وعرت الأزمة عن ضخامة الاقتصاد غير المهيكل وأوجه القصور في القطاعات الاجتماعية وضعف شبكات الأمان الاجتماعي». ياسين قطيب

الصحة تحصي خسائر الجائحة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ملفات حارقة أمام أخنوش

مناصب شاغرة بعد انتخابات القضاة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات