علامـات القيامـة خرافـة

الدكتور بوهندي قال إن الساعة ستأتي فجأة والمسلمون فسروا آيات بتحريفات طالت الكتب المقدسة نفى مصطفى بوهندي، أستاذ تاريخ الأديان المقارن، حقيقة علامات أو أشراط الساعة، واعتبرها خرافة نسبت إلى الدين الإسلامي بعد تفسير آيات قرآنية، بناء على تحريفات طالت الكتب المقدسة لدى اليهود والمسيحيين، وصنعت منها أحاديث نسبت إلى الرسول، مشيرا إلى أن القرآن الكريم يرفض هذه الرواية، لأن الساعة علمها عند الله وستكون بغتة وأن علاماتها حدثت بمجيء المسيح والرسول محمد ونزول القرآن. أجرى الحوار : مصطفى لطفي > كيف تناولت الأديان موضوع نهاية العالم وعلاماته؟ > أشراط أو علامات الساعة موضوع ديني، يرتبط بما يسمى النبوءات، يسعى من خلالها المتحدثون في الدين إقناع الناس أن لهم علما بالمستقبل، وكثيرا ما تستعمل في الحديث عن الواقع السيئ، والإشارة إلى أن المقبل سيكون أسوأ، وأن علاماته بدأت بالظهور، وعلى الناس أن يتراجعوا عن أخطائهم. لو عدنا إلى الأديان السماوية، بداية باليهودية، سنجد هذا الأمر بشكل رهيب في الكتاب المقدس، سيما في زمن سقوط مملكة يهوذا، إذ انتعش هذا الفكر المرتبط بأشراط الساعة، لتبرير الواقع الأليم، والتحذير من واقع أكثر ألما سيأتي بعد ذلك إذا لم ينتبه الناس، وهذا نجده في الكتب المقدسة باسم "المراثيم"، حيث تحدث الأنبياء عن سقوط مملكة بني إسرائيل وهجوم الأمم الأخرى عليهم، وتعرضهم لما يسمى الشتات والسبي. وصار الأنبياء في كتب "المراثيم" يرثون هذا الواقع، وهذا يحضر فيه أيضا العامل النفسي، وهو الاعتراف أن الناس هم سبب ما وصلوا إليه بسبب ابتعادهم عن الدين، ثم تأتي بعدها فكرة التجديد والخلاص، والتي ستكون على أيدي المخلصين أو المجددين، تم التنبؤ بهم، ومنها جاءت فكرة المسيح المنتظر والنبي الآتي. > هل هذا يعني أن اليهودية تؤمن بالمسيح ؟ > اليهودية تؤمن بالمسيح المنتظر، المخلص ومنقذ بني إسرائيل مما وقعوا فيه، وحسب الكتاب المقدس، فالمسيح سيكون من نسل يهوذا، هم سلالة الملوك، ومنها يتحدر النبي داوود الذي بنى المملكة وأتمها ابنه النبي سليمان، وبالتالي وضع للمسيح المنتظر نبوءات، منها أنه سيجلس على عرش آبائه الملوك، لهذا عقدت عليه كل آمال اليهودية المشتت، بأن يجمع شعبهم من الشتات ويعيد الملك لبني يهوذا، لكن ليس لباقي الأسباط الآخرين. لكن الواقع التاريخي قدم لنا صورة مخالفة، وهي أن المسيح الذي أتى لم يكن من نسل يهوذا، فهو ولد من دون أب، وهنا أثير نقاش وإشكال كبير لدى بني إسرائيل، كيف سيقبلون بالمسيح المنتظر لا أب له، ولا ينتمي لسلالة يهوذا حتى تكون له شرعية في الملك. > ما موقف القرآن من هذا الإشكال؟ > القرآن تدخل في هذه القضية، وبين لنا الخطأ، الذي وقعت فيه المسيحية واليهودية في هذا الموضوع، بين لنا أن المسيح لم يكن من آل داوود، وأن غاية ظهوره ليس استرداد ملك آبائه، وإنما استرداد الإنسان، وضرب العنصرية اليهودية المبنية على الانتساب للآباء، منها أن إبراهيم الأب الأكبر لليهود فقط، وصار هناك منطق جديد، وهو العمل الصالح والإيمان بالله وليس الانتساب إلى سلالة أو سبط معين. كما قلت القرآن بين الأخطاء التي وقع فيها اليهود والنصارى حول المسيح، فعندما نقرأ الإنجيل، نجد محاولة وضع سلالة من الأنساب له تبدأ من إبراهيم عليه السلام، ومرورا من يهوذا وداوود وسليمان، ووصولا إلى مريم وخطيبها يوسف، للادعاء أن للمسيح سلالة شرعية مبنية على العصبية والعنصرية، وهو ما ينفيه القرآن بشكل مطلق، في إطار إضافاته النوعية حول المسيح المنتظر، بتأكيده أنه معجزة ولد من غير أب، وأن قدومه هو لإزالة هذه العنصرية وربط الناس بربهم والدعوة إلى العمل الصالح. > نلاحظ أن المسلمين يتبنون الروايات نفسها للنصارى واليهود مع بعض التعديلات؟ > المسلمون أخذوا ما في القرآن حول الموضوع، لكن للأسف، لم يقرؤوه قراءة قرآنية مواجهة لما جاء في الكتب المقدسة، جمعوا الآيات وفسروها بالتحريفات الواردة في التوراة والإنجيل، وأصبح المسيح المنتظر هو نفسه الذي نادى به اليهود، وتبعهم في ذلك النصارى. فالمسيح في القرآن مبعوث من الله، وأيده بروح القدس والمعجزات، لكن المفسرين، أضافوا إليه كل الصورة الواردة في الكتب المقدسة، منها أنه سيأتي في آخر الزمان إماما يملأ الأرض عدلا، وسيجلس على كرسي الملك، وهو كرسي سليمان عند اليهود، وعرش الله عند النصارى لأنه في نظرهم مثل الإله. هذه الصورة العجائبية التي سيظهر فيها المسيح نهاية الزمن، جعلته يقلب القوانين الموجودة في الكون، إذ ستكون له قوة عجيبة ويحكم ألف سنة وسيقوم بأشياء خارقة، لكن تناسوا أنه سيوجد أيضا المسيح الدجال، الذي ستكون له أيضا معجزات. والأكثر من ذلك أن المسلمين سيقومون بوضع مجموعة من الآيات خارج سياقها، وستستغل في ترصيع الروايات والأحاديث، وستظهر لنا أحاديث مزجت بين القرآن والتوراة والخرافات، نسبت إلى الرسول ووردت في كتب البخاري ومسلم وغيرهما. > هذا يعني أن علامات الساعة لا أساس لها في الإسلام... > أشراط الساعة هي تأليفة أخذت من القرآن، من قبيل قصة يأجوج ومأجوج، والدابة التي ستحدث الناس، وروايات مختلفة عبارة عن خرافات فسرت تفسيرات مرتبطة بما قدمه أهل الكتاب، وصارت لدينا علامات الساعة، تتطابق مع تلك التي لدى الأمم الأخرى، بل تتطابق حتى مع كتاب الموتى عند الفراعنة. وبالتالي صار الجميع يؤمنون أنه في نهاية الزمن سيصارع الحق الباطل، لكن كل من وجهة نظره، فحسب السردية اليهودية، فالمسيح سيقود اليهود للقضاء على أعدائهم، والنصارى يتشبثون أنه سيكون في صفهم، ويعتبرون إسرائيل دولة وظيفية من أجل الانتقال إلى المسيحية العالمية، لهذا نجد بعض الطوائف المسيحية، منها البروتستانت، تدعو إلى الإسراع لتهييء الظروف لقدوم المسيح بدل انتظارها. والمسلمون لهم الفكرة نفسها، أن المسيح سيظهر عند البرج أو منارة البيضاء، لكنه سيقود المسلمين ضد اليهود ويكسر الصليب ويقتل الخنزير، رغم أن القرآن يرفض كل هذه الروايات، ويعتبر أن المسيح قد جاء، وأن من آمن به قد أمن ومن كفر به قد كفر، ومن بعده سيأتي الرسول محمد، الذي سيكمل الدين ويبين الحقائق، وهذه هي النظرية القرآنية التي تعالج موضوع نهاية العالم بصورة صحيحة. المسلمون يؤمنون بعلامات الساعة ويؤكدون أنها مذكورة في القرآن وليس في الأحاديث فقط... > نجد في القرآن بخصوص أشراط الساعة، عبارة أنها "قد جاءت" وليس "أنها ستأتي"، أي ظهرت علاماتها بمجيء المسيح والنبي محمد ونزول القرآن. علامات الساعة خرافة، فالقرآن يشير إلى أن الساعة ستأتي بغتة، وبعد ذلك يبعث الناس، والنص الوارد حول البعث، والذي يتحدث عن تبدل الأرض والسماوات، وبروز الناس لله الواحد القهار، ليس فيه إشارة إلى مرحلة برزخية أو فاصلة سينتظر فيها الناس ظهور أشراط الساعة، فذلك لا يقبله العقل، وكل الأحاديث النبوية حول هذا الموضوع بعيدة عن القرآن، لأن الساعة ستأتي بغتة ولا يعلمها إلا الله، وأن على الناس القيام بالعمل الصالح، فهم سيموتون ويبعثون للقاء ربهم دون وجود مرحلة برزخية، فكل ذلك خرافات، لأن القيامة تكون بعد النهاية وليس قبلها. في سطور - من مواليد البيضاء في 2 يونيو 1961 - حاصل على الإجازة في الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بعين الشق - حاصل على دبلومات الدراسات المعمقة بجامعة محمد الخامس بالرباط - حاصل على الماجستير بجامعة محمد الخامس بالرباط في 1989 - حاصل على دكتوراه الدولة بكلية ابن امسيك في 2000 - مؤسس محترف الدراسات القرآنية بكلية ابن امسيك 1993 من مؤلفاته : - 2002 كتاب " أكثر أبو هريرة" - 2003 كتاب جزء من أطروحة "نحن والقرآن" ( مقدمات منهجية في أصول التدبر) - 2004 " التأثير المسيحي في تفسير القرآن"، طبع دار الطليعة بيروت - 2011 "الإضافة النوعية القرآنية" (مراجعة نقدية في سفر التكوين) - 2018 "موسى والتوحيد" ( أكثر من 200 إضافة نوعية قرآنية على سفر الخروج)

علامـات القيامـة خرافـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحرب ضد تزوير الـ"بي سي إر" مستمرة

الساعة... وهم "الأبوكاليبس" الإسلامي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات