مساطـر ترشيـح صوريـة

لزرق قال إن قيادات حولت قيما دستورية إلى ربح شخصي بترسيخ منطق ״العائلوقراطية״ في التزكيات اعتبر رشيد لزرق أستاذ القانون العام بجامعة ابن طفيل (القنيطرة) أن ممارسات الأحزاب في مرحلة توزيع رخص الترشح للانتخابات المقبلة أظهرت أن هناك قيادات غرقت في مستنقع الريع السياسي بتحويل قيم دستورية إلى ربح شخصي من خلال اعتماد مساطر صورية للتزكيات تكرس منطق «العائلوقراطية». وفي ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : ياسين قُطيب > كيف تقيمون عمل الأحزاب في مرحلة وضع لوائح المرشحين للانتخابات المقبلة؟ > لعل دعوة العديد من قيادات الأحزاب إلى وقف متابعة الفاسدين و الفاسدات قبيل الانتخابات، هو تمهيد لاستقطابهم، فما نعيشه اليوم هو سوق الترشيحات في إطار موسم انتخابي. أحزاب تتنافس على سماسرة الانتخابات في إطار منح رخص الدخول إلى معترك الصناديق بدون مرجعية بوصفها غنيمة. بات جليا منطق أحزاب أشخاص في تدبير الترشيح عوض أن تدبره مؤسسات الحزب. بات يدبر من منزل الفرد الذي تحكم في الحزب، حيث تغييب كل المعايير المنصوص عليها في قانون الأحزاب و تصبح المساطر صورية أمام تحكم الفرد في اللجان المحددة للترشح في الانتخابات. علمنا كيف خرجت أصوات حزبية تتهم قيادتها ببيع وشراء دون أن يتبع ذلك تحقيق قضائي. مما يعطي انطباعا مفاده أن كل شيء في المنظومة الحزبية يتغير، على ألا يتغير، جاء دستور جديد لكن تعاطت معه القيادات الحزبية بعقلية قديمة، عوض رفع مستوى النقاش والدخول زمن المأسسة وما تقتضيه من فسح المجال للكفاءات وإبعاد المفسدين. الصراع اشتد حول الاستقطاب وبات سماسرة الانتخابات درجات،.. الدرجات الأولى تذهب في اتجاه تشكيلات يمكن أن تنافس على الرتب الأولى، والسماسرة الآخرون يذهبون للأحزاب التي يمكن أن تكون في الحكومة. > هناك أصوات خرجت تندد بتدبير القيادات لموضوع التزكيات، هل هو مجرد غضب للمقصيين أم أن هناك ما يستدعي ذلك؟ > كل شيء حاضر في سوق استمالة الأعيان بعيدا عن مبادئ الديمقراطية المنصوص عليها في قانون الأحزاب .وينبغي الاعتراف ان القيادات ماهرة في تحويل القيم الدستورية إلى ربح شخصي. عندما تنص على التشبيب تتجه إلى ترشيح الأبناء وترسخ «العائلوقراطية» في ضرب لمبادئ الديمقراطية التي تنص على ضرورة التغيير والتغيير لا يكون من خلال العائلة نفسها حيث يتجه الأب إلى توريث الدائرة الانتخابية للابن والشيء نفسه عند الحديث عن المرأة، يقدم ابنته كفاءة وأن كانت لا تملك من الكفاءة سوى صورة إعلامية منفوخ فيها. وبالمناسبة فقد أدى تنظيم انتخابات مجلس النواب والمجالس الترابية في يوم وحد إلى استقطاب سماسرة الانتخابات ليضمنوا وصول الإبن والأب، وبالتالي في الانتخابات القادمة يمكن ان توصل تمثيل العائلات الانتخابية عوض تمثيل الكفاءات و ضرب لأسس التغيير ، فرغم تنصيص القانون الأساسي على طريقة اختيار المرشحين ، بشكل يلزم الأحزاب بتسطير ذلك في قانونها الأساسي، الذي يحيل على التفاصيل ضمن النظام الداخلي، غير أن الملاحظ أن الفرد المتحكم في الحزب هو الذي يعود له الفصل في اختيار مرشحي الانتخابات وتصبح هذه الأجهزة صورية. > أليس من المجحف أن نتهم كل قيادات الأحزاب بالتورط في ريع التزكيات ؟ > إن منح التزكيات جعل المنظومة الحزبية لها ارتباط متبادل يجعل المجموعات المتحالفة، سواء كانت مالية أو عائلية أو سياسية، بمثابة قبائل نافذة. كما ينطبق الأمر على الثقافة المجتمعية السائدة في الأوساط الفقيرة والمتوسطة، التي لا تتردد هي أيضا في ممارسة الفساد، عبر الرشوة الانتخابية الصغيرة ، للحصول على منافع أو لتحقيق رغبات، للحصول على حصانة سياسية. الأمر الذي شجع انتشار الرشوة و الفساد داخل المؤسسات الإدارية و أنتج الخصائص المتمثلة بغياب النجاعة والتباطؤ المتعمد في حل الملفات وغياب الشفافية، والعلاقات الشخصية والمحسوبية.كما يشتغل الفساد كأداة للابتزاز. فالمنتخبون الفاسدون، الذين تكون لديهم ملفات فساد ،عادة ما يرجعون إلى قيادات حزبهم لحمايتهم من المتابعة القضائية. ما أعاق مواجهة الفساد الذي هو أبشع أنواع الاستبداد . لم تقدر الحكومة على مواجهة الفساد بشكل جدي، رغم وجود هيأة دستورية لمحاربة الرشوة، ومحاولات المجتمع المدني فضح الفاسدين. لأن الغطاء السياسي للفساد متين ومتنوع: أغلب الأحزاب المؤثرة في المشهد السياسي تعتمد على ‘’الأموال الفاسدة’’ لتمويل حملاتها الانتخابية ولشراء الأصوات، وهي أموال مصدرها يكون في غالب الأحيان من منتخبين لهم خروقات في التدبير، ورجال أعمال مستفيدين من التهرب الضريبي ومن الاقتصاد غير المهيكل. > هناك من الأحزاب ما يبرر صراحة اللجوء إلى سلاح الأعيان، كيف تقيمون هذا الخطاب؟ > يصل هؤلاء للبرلمان والمجالس الترابية ليس لأنهم لهم حاضنة شعبية أو لهم برامج انتخابية، بل بفضل تأثير ترشيحهم من طرف قيادات الأحزاب وكلاء لوائح و باتت الانتخابات لا تمنع الفساد، بل العكس من ذلك، فالفساد صار يستفيد من الديمقراطية . و مع هذا الواقع تصعب صياغة عقد اجتماعي جديد، دون رجة حزبية بالتفعيل الصارم للقانون والقطع مع سياسة التسامح والتصالح مع الفساد، فشعور الفئات الضعيفة أن ثمة من يثري على حسابها يقوي لديها الإحساس بالضيم ويفقدها الثقة بالمؤسسات . ينبغي مواجهة دعوات وقف المتابعات ، لأن في ذلك تساهلا مع الفاسدين وتقع مسؤولية كبرى على الأحزاب والنقابات و النخب الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة لقرع ناقوس الخطر حول هذه الحقيقة المهمة، ومهمة النخبة الجامعية الآن أن تعمل على رفع مستوى الوعي السياسي لدى المواطنين وتوضيح نتائج الفساد على المدى الطويل، بما يحقق ديمقراطية فعالة، تساهم في محاسبة الفاسدين وتجريمهم بدلاً من انتخابهم. أياد ملطخة بالفساد > هل تعتقدون أن الاحتجاج عاد في ظل تهافت الجميع على المقاعد الانتخابية ؟ > في ظل حرب التزكيات ظهرت دعوات سياسية بضرورة وقف متابعات المتورطات والمتورطين في اختلالات تدبيرية. عوض أن تحارب المنظومة الحزبية الفساد أصبحت تتعايش مع الفاسدين والفاسدات، ولم يعد الحديث عن مبدأ «ربط المسؤولية بالمحاسبة» و كيفية تنزيل ممارسة عملية كفيلة بإسقاط الفساد، لأن مصدر الفساد في الأصل سياسي داخل البنية الحزبية. فالأحزاب دأبت في جميع حملاتها الانتخابية على رفع الشعار المتكرر، وهو محاسبة المفسدين ومواجهة ظاهرة «سرطان الفساد»، في نفس الوقت، يرى الجميع وجود حماية سياسيه لفاسدين من طرف قيادات حزبية، و تنظيمات يقال إنها حقوقية، حيث تتميز بغياب مبادئ وممارسات الشفافية داخل هياكلها، مع ضعف نظم وأدوات المساءلة والعقاب، ما يسهل التلاعب بالقوانين، حتى ولو كانت مثالية فى منطوقاتها، وتتداخل بصور غامضة وانتهازية صلاحيات وحدود السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية، مع منع الإعلام من الاقتراب من ساحة الفساد والمستفيدين منه. > ألا ينذر هذا الغضب بقرب حدوث حراك داخلي ببعض الأحزاب؟ > هناك ارتباط وثيق بين ظاهرة الفساد والمنظومة السياسية التي جعلت من الفساد فزاعة موجهة للاستهلاك الإعلامي، ذلك أن طريقة التزكيات تعتبر بداية للفساد، ولا يمكن بتزكية الفاسدين أن نؤسس لمحاربة الفساد، إذ أن قيادات الأحزاب لا يحركها سوى العائد الانتخابي، وفي تناقض تام مع الوعود التى تطلقها قيادات حزبية بشأن استعدادها لمحاربة الفساد والمفسدين، لا يوجد لها أثر على أرض الواقع وفي أذهان المواطنين، لأن الفساد قد نما وترعرع على يد المتحزبين الملطخة أيديهم بكل أنواع شبهات الفساد. لابد من حراك داخل المنظومة الحزبية بغاية خلخلة بنيتها كشرط وجودي تطبيقا للمثل القائل بأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، مع التأكيد على وجود ارتباط بين تنامى الفساد و مرحلة الشعبوية التى تعلي من التنافس المجنون بدون مدلول سياسي، إذ لا يمكن إلا أن تؤدى إلى ممارسة الفساد، كأحد أسلحة التنافس.

مساطـر ترشيـح صوريـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الداخلية تحاصر تحركات رجالها

4 سنـوات لباتـر أصبع والده

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات