أنظمة التقاعد… سيناريوهات لمواجهة الأزمة

ملايين المغاربة مهددون بالحرمان من معاشاتهم بسبب خطر إفلاس الصناديق صار إصلاح نظام معاشات التقاعد أمرا مفروغا منه، تحتمه حالة الإفلاس التي تشمل بعضا من صناديقه، وتهدد بحرمان ملايين المغاربة في القريب العاجل من معاشاتهم. ورغم أن موقف المندوبية السامية للتخطيط واضح من الموضوع، إذ تقول بضرورة إعادة النظر في إصلاح أنظمة التقاعد، إلا أنها نبهت إلى أن هذا الإصلاح يجب أن يتم في إطار من الاتساق العام.وأكدت المندوبية السامية للتخطيط، في آخر تقرير لها حول آثار شيخوخة السكان على أنظمة التقاعد ، وعلى التطور الماكرو اقتصادي، أن الإصلاح يجب أن يأخذ بعين الاعتبار طبيعة نظام التقاعد المبني على التوزيع بالتفاوت وعدم الإنصاف بين الأجيال، مؤكدة أن كل إصلاح يشمل تغيير معدلات المساهمة أو معدلات الاستبدال قد يزيد من تفاقم عدم المساواة الاجتماعية بين الأجيال ويولد المزيد من الفقر.وترى المندوبية السامية للتخطيط، في هذا السياق، أنه لا يمكن تعديل هيكلة سوق الشغل، سيما من حيث مستويات النشاط والتأهيل، عن طريق إصلاح يخص نظام التقاعد فقط، بما في ذلك إعادة تنظيم إطاره المؤسساتي وتعديل معاييره، ذلك أن "معدل الشغل يكاد أن يكون غير ذي حساسية لهذه الإصلاحات نظرا لضعف التغيير في هيكلة النشاط الاقتصادي والإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج".واعتبرت المندوبية أن العامل الثالث الذي يجب أخذه بعين الاعتبار، هو أثر توسيع نطاق تغطية نظام التقاعد على أهمية التحويلات بين الأجيال التي تميز المجتمع المغربي. هذه التحويلات، التي قالت المندوبية إنها تشكل مصدرا للحفاظ على مستويات العيش ولوقاية عدد كبير من الأسر المغربية من الوقوع في الهشاشة الاجتماعية، قد تأخذ اتجاها تنازليا، لذلك "ينبغي القيام بتحليل عميق لإصلاح نظام التقاعد ومرافقته بوضع آليات تضامنية أخرى مناسبة". تزايد المستفيدين و تراجع المساهمين عرف عدد السكان المساهمين في أنظمة التقاعد خلال 2000-2009، زيادة بـ4,1 في المائة، كمتوسط سنوي، إذ بلغ 2,7 مليون مساهم، أي27 في المائة من السكان النشيطين المشتغلين سنة 2009، غير أن المندوبية اعتبرت أن هذا المستوى يبقى ضعيفا مقارنة بدول أخرى. وعزت المندوبية هذا المستوى الضعيف إلى معدل التغطية إلى العوامل البنيوية لسوق الشغل، خاصة منها معدل الشغل الذي يقل عن 50 في المائة، ومعدل النقص في التشغيل الذي يصل إلى 11 في المائة، وتفسر هذه النتيجة بالمستوى الضعيف لمعدلات النشاط، خاصة بالنسبة إلى النساء وبإكراهات تعيق تطور النسيج الإنتاجي، تتعلق بتكلفة إنتاج عالية وضعف التقدم التكنولوجي، ما يؤدي إلى ضعف قدرات امتصاص عرض الشغل، وخاصة المؤهلين، إذ يصل معدل البطالة الوطني إلى 9 في المائة، علاوة على وزن قطاع الفلاحة في التشغيل الذي يستوعب أكثر من 40 في المائة، من الناشطين المشتغلين، لكن مع وجود قسط كبير للشغل الموسمي.في المقابل، عرف عدد المستفيدين نموا سريعا، مقارنة مع عدد المساهمين خلال السنين الأخيرة. وأفادت المندوبية أن هذا العدد ارتفع ب 6,6 في المائة كمتوسط سنوي خلال 2000-2009، لتعرف بذلك النسبة الديمغرافية لصناديق التقاعد تدهورا مستمرا، لتنتقل من 15 نشيطا يساهمون في معاش متقاعد واحد خلال سنة 1980 إلى 5,8 نشيطا سنة 1993 ثم إلى 3,9 نشيطا سنة 2009. وأبرزت المندوبية أن تحليل تطور كل صندوق على حدة يخفي اتجاهات متناقضة، إذ أن النسبة الديمغرافية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تبقى نسبيا عالية تصل إلى 5,4 ناشطا لكل مستفيد عوض 2,7 ناشطا بالنسبة إلى الصندوق المغربي للتقاعد و2,1 بالنسبة إلى الصندوق المهني المغربي للتقاعد و1,2 ناشطا بالنسبة إلى النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد. سيناريوهات لمواجهة الأزمة بخصوص السيناريوهات التي استعرضتها الدراسة، يقوم السيناريو الأول، "سيناريو الأساس" على افتراض أن أنظمة التقاعد ستستمر في تغطية 30 في المائة فقط من الناشطين المشتغلين، "سيؤدي التحول الديمغرافي إلى تدهور الوضع المالي لأنظمة التقاعد، إذ ستنتقل نسبة عدد المتقاعدين العاملين من 7 في المائة سنة 2010 إلى حوالي 22,1 في المائة سنة 2050، وعليه ستنتقل نسبة المستفيدين من 24,1 في المائة سنة 2010 إلى حوالي 74 في المائة سنة 2050، ما سينجم عنه امتصاص المصاريف الإجمالية للتقاعد 10 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي بحلول عام 2050 عوض 3 في المائة فقط سنة 2010، سيساهم في نسب عجز كبيرة تصل إلى 7,4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عام 2050 بدلا من فائض طفيف بلغ 0,23 في المائة سنة 2009.وتظهر سيناريوهات التوازن لأنظمة التقاعد (السيناريوهات 2 و3)، على أن التعديلات اللازمة لضمان التوازن في كل صندوق، تكون مرتفعة جدا، مقابل تقليص قيمة تعويضات التقاعد بمختلف الأنظمة.وبخصوص السيناريو الرابع القائم على الزيادة في السن القانونية للتقاعد إلى 62 سنة، قال إنه سيكون له تأثير ايجابي طفيف على عدد العمال، إذ سيرتفع معدل الشغل مقارنة بسيناريو الأساس بين 0.3 و0.5 نقطة، منبها في المقابل إلى أن الإصلاح سيكون له تأثير محدود جدا على عدد المساهمين بسبب انخفاض مستوى التغطية، مشيرا إلى أن السبب وراء عدم فعالية عملية إصلاح تهدف إلى زيادة سن التقاعد القانونية، هو حقيقة أن من بين الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 60 و62 عاما، جزءا كبيرا غير نشيط أو غير مشمول بالتغطية.وفيما يقوم السيناريو الخامس على إلزامية التغطية للعمال الجدد، الذي من شأنه تحقيق زيادة تدريجية في معدل التغطية، يمكن أن يصل إلى ما يقرب من 90 في المائة عام 2050 بدلا من 30 في المائة في سيناريو الأساس، والحد بشكل طفيف من إجمالي الإنفاق على الناتج المحلي الإجمالي، الذي ستصل حجم المساهمات منه 4.1 في المائة بدلا من 2.6 في المائة المتوقعة في سيناريو الأساس، يقيم السيناريو السادس الآثار المترتبة عن ارتفاع معدلات الشغل في المغرب، سيما في صفوف النساء، ما سيؤدي إلى ارتفاع معدل الشغل على المستوى الوطني بما يفوق 21,5 نقطة سنة 2050.ويفترض السيناريو السابع اندماج جميع صناديق التقاعد في نظام واحد في أفق 2015، باستثناء الصندوق المهني المغربي للتقاعد، فيما يفترض السيناريو الثامن اندماج النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد والصندوق المغربي للتقاعد في نظام واحد، ليضم بذلك جميع انخراطات القطاع العمومي، ويؤدي إلى تحسن الوضعية المالية للصناديق مقارنة بالوضعيات المالية لصناديق التقاعد الثلاثة، عندما تعمل بشكل منفرد. شيخوخة المجتمع انعكست على النفقات والموارد خلصت المندوبية إلى أن تدهور النسبة الديمغرافية أدى إلى اختلالات بين النفقات والموارد بالنسبة إلى مختلف أنظمة التقاعد. فمنذ سنة 2005 واصل مجموع المساهمات لمختلف الصناديق انخفاضه ليصل إلى 3,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2009، في حين أن مجموع التعويضات الممنوحة برسم التقاعد ارتفع تدريجيا ليصل إلى 2,9 في المائة، ليعرف الفائض المالي لمجموع الصناديق انخفاضا، منتقلا من 0,95 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2005 إلى 0,33 في المائة سنة 2009. تأثير تدهور النسبة الديمغرافية، ينعكس أيضا على الوضعية المالية لأنظمة التقاعد التي ستتضرر أكثر في المستقبل، فالتحول الديمغرافي المتقدم في المغرب والتغيير العميق الذي سيحدثه على مستوى الهرم العمري، إذ سينتقل عدد السكان الذين تبلغ أعمارهم 60 سنة فما فوق من 2,7 مليون خلال سنة 2010 إلى 10,1 ملايين سنة 2050، ما سيمثل 24,5 في المائة من مجموع السكان مقابل 7,2 في المائة سنة 1960 و8,1 في المائة سنة 2004، فيما سينتقل عدد السكان في سن العمل لكل شخص يبلغ من العمر 60 سنة فما فوق، حوالي 2,4 فردا سنة 2050 عوض 7,7 فردا سنة 2010. هجر المغلي

أنظمة التقاعد… سيناريوهات لمواجهة الأزمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

برد دجنبر يضفي هدوءا على ليل درب السلطان

اعتماد القرب في الأخبار وراء تصدر نسب المشاهدة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات