الماء … رحلة بحث مضن

سكان آسفي واليوسفية يعانون والمكتب الوطني للماء يتصدق بالوعود الكاذبة تضطر "فاطنة السديسي" (62 عاما) إلى قطع أزيد من ثلاثة كيلومترات بعيدا عن منزلها بأحد دواوير جماعة بوكدرة بإقليم آسفي، بحثا عن لترات من الماء. تحمل كل يوم بعض الأوعية البلاستيكية بسعة 20 لترا للواحد على دابتها المنهكة وتمضي. قد تتكرر الرحلة مرتين أو ثلاثا في اليوم، بسبب حاجتها إلى المياه للاستعمال المنزلي اليومي، خصوصا في فصل الصيف. تقول فاطنة، إن معاناتها انطلقت قبل حوالي ست سنوات بالضبط بعدما تراجع منسوب الآبار التي جف أغلبها، وصار العطش يتهدد سكان دوارها كما هو حال باقي الدواوير، لتنطلق مذ ذلك الحين رحلات بحث مكوكية عن قطرات الماء، في وقت لا يجد المسؤول عن قطاع الماء بالمكتب الوطني للماء والكهرباء أي حرج في التصدق بوعود كاذبة، وهو ما جرّ عليه غضب العشرات من المنتخبين في اجتماع احتضنه مقر عمالة آسفي بحضور عامل الإقليم، الذي ظل مشدوها لهجوم عنيف على مسؤول تدبير قطاع الماء بالإقليم، الذي لم يغادر منصبه منذ من عقد من الزمن.. تشير المعطيات الرسمية إلى أن إقليم آسفي، يتوفر على فرشة مائية تمتد إلى حدود الزمامرة وسيدي بنور، وتحتوي على كمية تقارب 170 مليون متر مكعب، تنضاف إليها نقط مائية متوسطة وصغرى باطنية بكل من الصعادلة والمعاشات وأنكا.. ورغم هذه الثروة المائية، فإن شبح العطش، صار يهدد بأزمة ماء خانقة، وسيؤثر على قطيع الماشية، خصوصا الفلاحين الصغار، الذين يجدون صعوبة بالغة في توفير المياه للماشية، ويضطرون إلى اقتناء صهاريج مائية تصل في بعض الأحيان إلى 700 درهم للصهريج الواحد. وأرجعت مصادر «الصباح» ذلك، إلى عدم حفر الآبار بشكل كاف بكافة مداشر وقرى الإقليم، واستنزاف الثروة المائية من قبل الفلاحين والملاكين الكبار، إذ يقومون بحفر العشرات من الآبار، دون أن يسلكوا المسطرة القانونية المتعلقة بالتراخيص لحفر الآبار. ويلوح العديد من الفلاحين الصغار، ببيع ما تبقى من ماشيتهم، بسبب عدم قدرتهم على مواجهة آثار الجفاف، الذي بدأت بوادره تلوح في الأفق، والهجرة إلى المدن بحثا عن عمل يوفر لهم لقمة العيش، في حال ما إذا لم تتدخل الدولة بالشكل الأنسب، لحماية قطيعهم ودعمهم بالشكل الكافي، حتى يستطيعون مواجهة آثار الجفاف، إذ يقول أحد الفلاحين من جماعة الصعادلة «آش غادي نبقى ندير في الدوار، دابا البهايم خاصني ليهم 500 درهم في الأسبوع باش نوفر ليهم الما، هاد الشي بلا ما ندويو على العلف راه النخالة دايرة اليوم 3 دراهم». ويضيف الفلاح نفسه بحرقة «راه احنا خايفين من الشيوخ والمقدمين والقايد يبداو يبيعو في داك الشي اللي غادية تصيفط الدولة، راهم كيفرحوا للجفاف...». أصبح الوضع مقلقا بجماعات إقليم آسفي، يقول مصدر حقوقي، قبل أن يضيف «النقاش اليوم لم يعد عن العديد من الحقوق أو ظروف العيش أو غيرها، بل يقتصر على الحق في قطرات ماء تطفي لهيب العطش، بمعنى آخر أن الجهات المسؤولة فشلت فشلا ذريعا في توفير الماء الشروب للسكان خصوصا بالعالم القروي، رغم الاعتمادات المالية الضخمة المرصدوة من قبل الحكومة أو البنك الأوربي او غيره من المؤسسات الدولية..». الوضع كارثي في "احمر" يخيم شح المياه على سكان مختلف جماعات منطقة احمر بإقليم اليوسفية، الذي يتوفر على واحدة من أهم البحيرات المائية بالمغرب، ويتعلق الأمر بالبحيرة الغربية الكائنة بجماعة الخوالقة بدائرة الكنتور، التي تتوفر على احتياطي مهم من المياه الباطنية. ويعاني السكان عموما والفلاحون الصغار على وجه التحديد، ضعف منسوب المياه وشح الآبار، الأمر الذي جعلهم يعبرون في مناسبات عديدة عن احتجاجاتهم، إذ يعانون الأمرين في فصل الصيف، نتيجة شح العديد من الآبار، وفشل المكتب الوطني للماء الصالح للشرب في سياسة مد العالم القروي بالمياه الصالحة للشرب، في إطار البرنامج الوطني الذي انطلق قبل عقود من الزمن، والذي آل إلى الفشل، برأي العديد من المتتبعين والمهتمين. ورغم لجوء أغلب الجماعات الترابية إلى اقتناء شاحنات محملة بصهاريج بُغية توفير الماء لسكان العالم القروي، فإن ذلك لم يأت أكله وتحول الحلم بالحصول على الماء الشروب للسكان والماشية مجرد سراب في إقليم مثخن بفوضى التسيير والعشوائية. ويشير العديد من الفلاحين بمنطقة احمر، إلى أن المنطقة تتوفر على سدود تلية، إذ أن الاستفادة منها تبقى شبه عديمة، بحكم غياب إطار قانوني للاستفادة من مياه هذه السدود التي تتبخر يوميا عن يوم، كسد أولاد عباس برأس العين وسد درع كراكرة بسيدي شيكر، وهو ما يشكل فضيحة تستوجب المحاسبة، لأن هذه السدود استنزفت ملايير من السنتيمات دون جدوى. كما تتعرض الفرشة المائية للاستنزاف من طرف المكتب الشريف للفوسفاط، الذي تسبب في نضوب العديد من الآبار بعدة قرى كجماعة الكنتور والسبيعات والطياميم. ورغم الاحتجاجات المتكررة، ووفاة أحد الفلاحين الصغار المتحدر من جماعة الكنتور، في معركة الاحتجاج ضد استنزاف الثروة المائية، قبل عشر سنوات تقريبا، فإن ذلك لم يغير من الوضع شيئا، لتجدد أزمة الماء الشروب مع بداية فصل الصيف. محمد العوال (آسفي)

الماء … رحلة بحث مضن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحبس لمستشار أهان باشا

الموارد المائية ... باعلي: مخطط هيكلي لإنهاء الأزمة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات