ملف الصحراء … طريق المفاوضات

تحديد المسؤوليات ورفع اللبس عن المواقف قبل الجلوس إلى طاولة الحوار لم يجد المغرب، في مستهل عمل المبعوث الأممي الجديد إلى الصحراء، بدا من فضح مناورات جزائرية لم تتوقف منذ 1975، تاريخ المسيرة الخضراء واسترجاع الصحراء من المستعمر الاسباني، لكن الجارة الشرقية بدأت منذ ذلك الحين مسلسل التلاعب بمصير الشعوب وتصفية حسابات شخصية دفينة لتحقيق أحلام إيديولوجية بقلب الأنظمة في الدول المجاورة. الملك يرسم إطار التسوية لا تفاوض خارج الحكم الذاتي والأمم المتحدة الوحيدة المخول لها تدبير الملف أعاد ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون، تذكير هورست كولر، المبعوث الخاص المكلف بالصحراء، بالمرتكزات الأربعة التي وردت في خطاب المسيرة الخضراء يوم سادس نونبر الماضي، بشأن مسلسل تسوية النزاع المفتعل في الصحراء. ووضع بوريطة بذلك حدا لمناورات خصوم الوحدة الترابية الذين حاولوا الترويج لمفاوضات مباشرة مع المغرب، وإقحام الاتحاد الإفريقي في النزاع، وهي الأفكار التي عبر المغرب رسميا عن رفضه لها جملة وتفصيلا. وإذا اختار كولر عقد لقاءاته مع ممثلي بوليساريو ووفود الجزائر وموريتانيا في برلين، فإن المغرب أصر على عقد اللقاء في لشبونة موطن غوتيريس، لتجاوز أي حديث عن مفاوضات، كما حاولت بوليساريو الترويج لذلك، خاصة أن المبعوث الخاص يستعد لتقديم تقرير أمام مجلس الأمن في أبريل المقبل، يحدد رؤيته للحل، في ظل استمرار حالة الجمود، وغياب أي مقترحات جدية، خارج مقترح الحكم الذاتي الذي سبق أن تقدم به المغرب، وحظي بدعم المنتظم الدولي، باعتباره أرضية ذات مصداقية وقابلة للتفاوض من أجل حل سياسي في إطار السيادة الوطنية. وشكل خطاب سادس نونبر الماضي، المرجعية السياسية للدبلوماسية المغربية، من خلال التأكيد على الثوابت الوطنية، والتي لا يمكن التنازل عنها في المستقبل. وأكد بوضوح ألا حل لقضية الصحراء، خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها. أما ثاني الشروط التي وردت في الخطاب الملكي، فيتعلق بضرورة أن يضم المسلسل جميع الأطراف الحقيقية المعنية بالنزاع، في إشارة إلى الجزائر التي بادرت إلى اختلاق النزاع الإقليمي، واحتضان المشروع الانفصالي ودعمه بكل الوسائل المادية والسياسية في المحافل الدولية والقارية، في معركة مفضوحة ضد حق المغرب في استكمال وحدته الترابية. ومرة أخرى، أكد المغرب رفضه القاطع لأي محاولة إقحام هيآت أخرى إقليمية أو دولية في النزاع خارج الإشراف الرسمي للأمم المتحدة، والالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي لمعالجة النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية. ويشكل هذا المرتكز رفضا صريحا لدعوة بوليساريو والجزائر ومن يدور في فلكهما، إقحام الاتحاد الإفريقي في النزاع. أما المرتكز الرابع الذي ذكر به بوريطة، المبعوث الأممي، فهو أن يركز المسلسل بالأساس على القضايا السياسية، والرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة، للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من قبل المؤسسات المختصة. وبهذه المبادئ الواردة في الخطاب الملكي، يعيد المغرب مسلسل التسوية الأممي إلى سكته، بعيدا عن تأويلات بوليساريو، مستندا في ذلك إلى قرارات الشرعية الدولية، من جهة، والإجماع الوطني حول مغربية الصحراء، من جهة ثانية. حقائق تاريخية لقد أعاد خطاب المسيرة عقارب الزمن إلى الوراء، للتذكير بحقائق تاريخية، شكل خطاب محاميد الغزلان التاريخي محطة بارزة في مسار استكمال الوحدة الترابية، وأكد حقيقة واحدة هي مغربية الصحراء، مشيرا إلى أن المغرب حين سجل قضية الصحراء بالأمم المتحدة في 1963، لم تكن فيه أي مطالب بخصوص تحرير الصحراء، باستثناء المطالب المشروعة للمغرب. وأكد الخطاب الملكي أن مواصلة العمل من أجل استرجاع الصحراء، في إطار احترام الحقوق التاريخية، وطبقا لإرادة سكانها، لا تحتاج إلى تأويل، ولا يمكن لأحد أن ينازع في مصداقيتها، معتبرا أنها أكثر من التزام، بل ميثاق ظل يجمع العرش بالشعب، مشيرا إلى أن الصحراء كانت دائما مغربية، قبل اختلاق النزاع المفتعل حولها، وستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، مهما كلفنا ذلك من تضحيات. التزام بالدينامية الأممية جدد خطاب المسيرة على المستوى الدولي، التزام المغرب بالانخراط في الدينامية التي أرادها الأمين العام الأممي، وبالتعاون مع مبعوثه الشخصي، في إطار احترام المبادئ والمرجعيات الثابتة، التي يرتكز عليها الموقف المغربي. وفي انتظار إيجاد الحل السياسي المنشود، يقول الملك، فإن المغرب لن يقف مكتوف الأيدي، بل سيواصل العمل من أجل النهوض بتنمية الأقاليم الجنوبية، وضمان الحرية والكرامة لأهلها، من خلال تنزيل النموذج التنموي الخاص بالصحراء، بموازاة مع تفعيل الجهوية المتقدمة، بما يتيح لسكان المنطقة التدبير الديمقراطي لشؤونهم، والمساهمة في تنمية منطقتهم، وهي مشاريع ستجعل من الصحراء المغربية قطبا اقتصاديا مندمجا، يؤهلها للقيام بدورها، صلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، ومحورا للعلاقات بين دول المنطقة. برحو بوزياني

ملف الصحراء … طريق المفاوضات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

السيكتور في مهرجان مراكش للضحك

أربعة خطوط حمراء

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات