المغرب و إفريقيا… آليات الاختراق الدبلوماسي

اتفاقيات وتمويل مشاريع ودعم ديني وسياسي لبلدان القارة السمراء قبل سنة تحدث الملك عن سنة الحزم في إشارة إلى فعالية العمل الدبلوماسي دفاعا عن القضايا الحيوية للمغرب. وبعدها باشر تعيينات هي الأكبر من نوعها، في تاريخ المملكة، شملت سفراء ودبلوماسيين توزعوا على إفريقيا لبدء التحضير لزيارات ملكية وترتيبات سياسية تستبق عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي. سنة الحزم أبانت التحركات الملكية نجاعة دبلوماسية في ترسيخ بعض المواقف وتليين أخرى خلال السنة الحالية أبانت الدبلوماسية الملكية عن نجاعة قوية في استصدار بعض المواقف وتليين بعضها الآخر، وحققت هذه الدبلوماسية التي قادها جلالة الملك اختراقا كبيرا لعدد من بلدان شرق إفريقيا ووسطها، التي كانت إلى وقت قريب تنظر إلى المغرب من زاوية نزاع الصحراء. نزاع صنف هذه الدولة إلى صديقة وعدوة، قبل أن يعيد الملك بناء علاقات الرباط معها على قاعدة "أصدقاء قدامى" "أصدقاء جدد". دبلوماسية سنة الحزم في توصيفه للعلاقات المغربية الإفريقية، قال الملك إن المملكة نجحت في إعادة بناء علاقات مع أصدقاء في شرق ووسط إفريقيا، وقد كانت الزيارات الملكية إلى رواندا وتنزانيا وأثيوبيا ونيجيريا، دليلا على أن العلاقات الدبلوماسية للدولة لا تقوم على صداقات أو عداوات دائمة، بقدر ما تؤمن بفكرة المصالح الدائمة، وهي المصالح التي يعيد بناءها المغرب اقتصاديا هذه المرة، بعيدا عن الحسابات السياسية والمسافة من نزاع الصحراء الذي ظل يحكم العلاقات بين المغرب وبلدان إفرقيا بل والعالم. لقد نجحت الرؤية الاستراتيجية للملك، محمد السادس، في جعل الاقتصاد والمال والأعمال في مقدمة الفتوحات الدبلوماسية التي ينجزها الملك في إفريقيا، ومكن هذا التصور من تحقيق إنجازات في ظرف قياسي، وشراكات استراتيجية لم تكن لتتحقق لو ظل المغرب متمسكا بأدوات اشتغال كلاسيكي تجعل الموقف السياسي جزءا من بناء العلاقات الثنائية. لقد كشفت التعيينات الأخيرة لعدد من سفراء المملكة في الخارج، عن ملامح ما بعد "سنة الحزم" التي أعلنها جلالة الملك في خطاب العرش. فغالبية السفراء الذين حطوا الرحال في وسط وشرق القارة الإفريقية، حيث تنتشر البلدان الإفريقية الأنغلوسكسونية، وأين تقود الجزائر تحالفا قويا ضد المصالح الحيوية للرباط، سيكون أمامهم الحرص على استكمال المهمة التي بدأها الملك بهذه الدول، ووظيفتهم الكبرى أن يعملوا على تمتين وتحصين هذه العلاقات التي أرسى أسسها الملك، وضمان تطويرها في أفق أن تتبلور إلى مواقف سياسية دائمة للمغرب في نزاع الصحراء، أو تحييد مواقف هذه البلدان على أقل تقدير. دبلوماسية ملكية ناجعة قطعت لائحة التوقيعات التي رفعتها بلدان إفريقيا مطالبة بتجميد عضوية "جبهة بوليساريو"، الشك باليقين بشأن النفوذ السياسي للمغرب لدى الكثير من بلدان إفريقيا. وإذا كان تخلف تونس عن التوقيع مفهوما، مرده إلى علاقاتها الحدودية مع الجزائر، ولأن مصر مرتبطة باتفاقيات شحنة الغازالجزائري لتغطية الخصاص، كما أن الموقف الموريتاني مفهوم في المرحلة الحالية، فإن نفوذ الدول التي وقعت على الطلب حمل رسالة قوية إلى أعداء الوحدة الترابية. بالمقابل، كان غياب معظم البلدان الناطقة بالإنجليزية، في إفريقيا، متوقعا بالنظر إلى القطيعة السياسية التي تطبع علاقاتها بالرباط، من جهة، ونظرا لنفوذ الجزائر داخل بعض هذه العواصم، من جهة ثانية. لأجل ذلك بادر المغرب بإرسال "كتيبة سفراء"، في مهام استثنائية بهذه الدول، واستبق الملك وصولهم بزيارات لعقد شراكات اقتصادية من شأنها أن يكون لها تأثير على العلاقات السياسية الثنائية. ففي نيجيريا وقع الاختيار على موحا أوعلي تاكمة، الذي مر قبلها من مالاوي وليبروفيل ودكار، فالرجل الذي شغل مهمة مدير الشؤون الإفريقية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون، يلم كثيرا بتفاصيل العلاقات بين بلدان هذه المنطقة من إفريقيا. التقارب الاقتصادي الحاصل اليوم بين المغرب ونيجيريا، وجب تحويله إلى مواقف سياسية وهي مهمة السفير الجديد في المرحلة المقبلة. بوابة إثيوبيا للعودة بالمقابل، يضع اختيار نزهة علوي محمدي، سفيرة بإثيوبيا، في قلب المعركة الدبلوماسية للرباط من أجل العودة إلى الاتحاد الإفريقي. فالرباط اختارت أن تعود إلى منظمة الوحدة الإفريقية سابقا، من البوابة نفسها التي خرجت منها وهي العاصمة أديس أبابا، يومها في 1984 غادر المغرب كرسيه احتجاجا على إقرار عضوية بوليساريو. واليوم يعود من المكان نفسه ليستعيد مكانته داخل المنظمة، بعد أن بادرت الغالبية العظمى من البلدان الإفريقية إلى إعلان موقفها الداعم لاستعادة المغرب موقعه في الاتحاد الإفريقي. ومن أنغولا صدرت المواقف الأكثر عدائية للمغرب، في نزاع الصحراء، داخل أروقة الأمم المتحدة، فالجميع يذكر الدور الذي لعبته هذه الدولة، حينما شغلت العضوية غير الدائمة بمجلس الأمن، من أجل استصدار قرارات أممية معادية للرباط. فهذه البلاد بنت علاقاتها مع الجزائر منذ 1976، حينما كانت من أول البلدان التي اعترفت بالجمهورية الوهمية، كما أن الكثير من الدبلوماسيين الأفارقة خبروا تحالفاتها في الكواليس مع الجزائر وفنزويلا لأجل فرض خيارات أممية ضد المغرب. إحسان الحافظي

المغرب و إفريقيا… آليات الاختراق الدبلوماسي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الموساوي: إفريقيا في شخصية الملك

فيديو ... مجانية التعليم بالمغرب على "فرانس 24"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات