أثر الدين في بناء الشخصية المغربية

الدين في الكتاب المدرسي... خزان البارود ! هل تتضمن المقررات المدرسية تحريضا على العنف؟ لما فيها من دعوات تناقض قيم التسامح والاعتدال، المخالفة نصوصها لوسطية المذهب المالكي بعقيدته الأشعرية، بوصفها ثمرة تطور مذهب أهل السنة والجماعة. المخاوف من الانحرافات العقدية في التعليم التي يتلقاها التلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، وأثرها على بناء الشخصية المغربية، باتت مثار جدل عقدي وسياسي في ظل تنامي النزعات الإرهابية باسم الدين. البحث في التطرف في مقررات المدرسة العمومية، يدفع إلى الواجهة برامج التربية الإسلامية في مختلف أسلاك التعليم، خاصة منها التعليم الأولي لأنها توجه إلى فئات عمرية جاهزة لاستبطان كل تأويل خارج النص يرسخ لديها فهما خاطئا لتعاليم الدين. فالمنهاج الدراسي بهذا المعنى يصبح تعبيرا عن إيديولوجية أكثر منه مادة للدرس. هذا التحول يرصده الأستاذ المكي ناشيد، باحث في علوم التربية، في كتابه «الإرهاب، مغالاة، تعصب وتربية، دراسة تحليلية نقدية للمنهاج التعليمي من خلال الكتاب المدرسي»، قيد النشر. إعداد: إحسان الحافظي في التعاطي مع تأثير المناهج التعليمية، في مادة التربية الإسلامية، على تكوين الشخصية المغربية داخل المؤسسات التعليمية، صدر توجيه ملكي إلى وزارتي التربية الوطنية والأوقاف والشؤون الإسلامية، بضرورة مراجعة المناهج والمقررات الدراسية وتنقيحها لتكون في خدمة «المشروع الإسلامي الوطني» المبني على الاعتدال والوسطية وقيم المواطنة. التوجيه الملكي طالب بـ»ضرورة مراجعة مناهج وبرامج مقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخاص، أو في مؤسسات التعليم العتيق، في اتجاه إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة، وفي صلبها المذهب السني المالكي، وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات». وتروم هذه الدعوة تنقية مقررات مادة التربية الإسلامية، لمنع كل التأويلات المغذية للفهم الخاطئ للإسلام، إذ شدد الملك في توجيهاته بشأن إصلاح المنظومة التربوية الدينية «على أن هذه البرامج والمناهج التعليمية يجب أن ترتكز على القيم الأصيلة للشعب المغربي، وعلى عاداته وتقاليده العريقة، القائمة على التشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة، الغنية بتعدد مكوناتها، وعلى التفاعل الإيجابي والانفتاح على مجتمع المعرفة وعلى مستجدات العصر»، معتبرا أن «الانفتاح والتواصل لا يعني الاستلاب أو الانجرار وراء الآخر، كما لا ينبغي أن يكون مدعاة للتزمت والانغلاق». نرى أنه سيكون مفيدا أن تكون بداية هذه الحلقات، بتقديم ملاحظة حول الشكل الذي يتم به عرض منهاج مادة التربية الإسلامية، ومفاد هذه الملاحظة أنه في مرحلة التعليم الابتدائي وما قبلها، جاء التركيز في المقررات الدراسية لهذه المادة مقتصرا على الصورة النمطية المستهدف تشكيلها من خلال ما ينبغي أن ينشأ ويشب عليه الناشئ، فالمنهاج في هذه المراحل التعليمية يسعى، حسب ما اعتمده من أهداف صريحة أو ضمنية، إلى غرس نمط من التفكير متحكم فيه، وإلى تثبيت سلوكيات معينة في بنية الشخصية وهي لا تزال في طور التشكل عن طريق ممارسة ما يمكن تسميته تجاوزا، بأسلوب الترويض على اكتساب السلوك الديني، والتشبع بمبادئه، وامتلاك أحكامه. لذالك انصبت الأنشطة البيداغوجية من خلال المقررات الدراسية على الكفايات ذات الطابع السيكو/حركي، وهو ما يطابق خصائص مرحلة الذكاء الحس/حركي لأطفال هذه المراحل العمرية لسن ما قبل المراهقة بغض النظر عن نوعية المضمون التعليمي مع ما يرافق ذلك من اعتماد أساليب تقليدية في العمل التربوي تقوم في الغالب على شحن الأذهان دون إفهام عن طريق التلقين والتحفيظ والتكرار والاستظهار. وبخلاف ذلك، فإن الخطاب المدرسي سينتقل في المراحل الدراسية الموالية من طوري الإعدادي والثانوي إلى الخوض في مواضيع دينية ذات طبيعة فكرية يغلب عليها طابع التجريد، وهو خطاب، بهذه المواصفات، ينسجم مع مرحلة الذكاء المجرد التي يجتازها أطفال هذه المستويات من الأسلاك التعليمية، مع أن مضامين المواضيع المختارة سوف لن تخلو هي الأخرى من خلفية تنميطية بقيت وفية لنفس النهج الذي تم تكريسه في الطورين التعليميين السابقين. خطاب إعلاء للأنا المسلمة القراءة الأولية لعدد من النصوص المعروضة والأنشطة المرفقة بها، تجعلنا نستشف الخاصية العامة للخطاب الديني المدرسي بسلكي الإعدادي والثانوي من التعليم بمختلف مستوياتهما؛ إنه خطاب إعلاء للأنا المسلمة، وتبخيس للآخر ولو كان من بين معتنقي الأديان السماوية، خطاب دفاع عن الذات المسلمة ضد أعداء مفترضين قد لا يكون لهم من وجود فعلي إلا في متخيل أذهان واضعي المنهاج التعليمي. خطاب يقدم الإسلام كنموذجا للدين الكامل، الشامل، الجامع والصالح لأي زمان ومكان.

أثر الدين في بناء الشخصية المغربية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أيت العريف: والداي لم يعرفا أني ألعب بالوداد

الخطيب يفتح المجال السياسي لبنكيران وأصدقائه

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات