المهرولون خلف بنكيران

رئيس الحكومة يشعل فتيل الصراعات الداخلية بالأحزاب بين المحابين والمصعدين دخلت الساحة السياسية، مع بدء العد العكسي للانتخابات التشريعية المقبلة حراكا حزبيا ذا طبيعة براغماتية وصل في بعض الأحيان إلى ممارسة سلوكات انتهازية، إذ لم تتردد بعض القيادات في الانزياح خارج توجهات حزبها علها تستفيد من إمكانية المشاركة في الحكومة المقبلة.ومن جهته لم يدخر عبد الإله بنكيران، أمين عام العدالة والتنمية، جهدا لإذكاء الصراعات الداخلية بجر البعض إلى جانبه، والزج بالآخرين في خانة "الأعداء". "بيجيدي" يبدأ معركة الاختراق الحزب الحاكم استعمل خطابا مفاده أن المشكل ليس مع الأحزاب الأخرى ولكن مع بعض زعمائها أخفقت الأحزاب في امتحان الديمقراطية الداخلية الهادئة، بشكل سلس ومرن، ما جعل هياكلها المسيرة تبدو وكأنها في صراع دائم، لا تقوى على الخروج من أزمة حتى تسقط في أخرى، بشكل لا متناه من حلقات صراع القيادات الحزبية في ما بينها، لدرجة أن كل واحد له القدرة على تحطيم الآخر عبر نشر غسيل الحزب في الصحافة، ما جعلها فرجة مجتمعية طيلة السنة.هذه الوضعية الهشة مكنت عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة من اللعب على الوتر الحساس في أحزاب بيوتها مشكلة من خيوط العنكبوت، وطبق نظرية أمريكية بامتياز " من ليس معي فهو ضدي"، و" من ضد زعيم حزبه، فهو معي"، تماما كما فعل مع الاستقلال، الذي شارك معه في الحكومة، من خلال مفاوضات أجراها عباس الفاسي، الأمين العام السابق، وبمساهمة فعالة من حميد شباط، الأمين العام السابق لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب الذي وصفه بنكيران بعد انتهاء جولة المفاوضات لتشكيل الحكومة، " بأنه عفريت" له القدرة على المناورة، إذ كانت بصمة شباط حاضرة لدى بعض الوزراء الاستقلاليين الذين تحملوا مسؤوليات، فيما تم إبعاد آخرين، توجس منهم، لأنهم أعلنوا أنهم سينافسونه على أمانة الحزب، من قبيل مولاي امحمد خليفة، الذي لم ينل أي حقيبة وزارية .لكن فوز شباط بمنصب الأمين العام للاستقلال، بإزاحة غريمه عبد الواحد الفاسي بفارق 20 صوتا، ودفع محمد الوفا، خارج سباق التنافس على هذا المنصب، بتغيير بند في النظام الأساسي للحزب في اليوم الثاني للمؤتمر16 على الساعة 3 فجرا، وهو البند الذي فرض على المرشح للتنافس على منصب الأمين العام للحزب، أن يكون عضوا لولايتين متتاليتين في اللجنة التنفيذية، وبما أن الوفا عين سفيرا لأكثر من مرة، فإنه فقد صفة ولايتين اثنتين متتاليتين، وبذلك أقصي من التنافس على قيادة الاستقلال، فكان رده عدم مغادرة الحكومة، بعد إعلان شباط الانسحاب منها لسبب مبهم يطرح أكثر من علامة استفهام، علما أن الحقل السياسي المغربي مليء بالألغام الناعمة غير القاتلة، إذ لكل جهاز أعضاؤه في الحكومة بما فيها رئيسها، الذين يخوضون معارك في صراع دائم، لا يفك طلاسمها إلا الراسخون في شؤون الدولة.لذلك هرول نحو رئيس الحكومة، كل من كان معارضا لشباط في الاستقلال، إذ التقت الأسباب المؤدية إلى خوض معركة ضد النقابي شباط الذي مارس بدوره نوعا من التحكم، كما هو حال بنكيران في حزبه العدالة والتنمية، لذلك اصطف تيار بلا هوادة بقيادة عبد الواحد الفاسي، وثلة من الأطر والمناضلين، مع بنكيران، الذي سار يتحدث عن الاستقلاليين، حفدة فكر علال الفاسي، وعن شباط ومن معه، بالقول إنه ليس لديه أي مشكل مع الاستقلال ولكن مع شباط، ومن أملى عليه مغادرة الحكومة لإسقاطها، وهو ما رفضه برلمانيو الحزب الذين اتهموا بنكيران بالتدخل في الأحزاب وشقها. اتحاديون و "باميون"مع بنكيران نجح الاختراق مع الاتحاد الاشتراكي الذي شهد بدوره صراعا كبيرا بعد مؤتمره، بين تيار إدريس لشكر الكاتب الأول، وتيار الانفتاح والديمقراطية للراحل أحمد الزايدي، إذ مارس لشكر التحكم وفق منظور بنكيران مع حزبه العدالة والتنمية، لكن الاتحاديين كعادتهم ومنذ عقود، استمروا في العراك في ما بينهم، وتمكن بنكيران من جر أسماء إليه من خلال الثناء على تلك الشخصيات، التي كانت تمارس معارضة نقدية قوية بعيدة عن لغة الشعارات، لدرجة أن رئيس الحكومة كان يتبنى أغلب المداخلات الصادرة عن حزب " الوردة"، من قبل الشخصيات المتعاركة مع لشكر، مثل الراحل الزايدي، وأحمد رضا الشامي، وعبد العالي دومو، وحسن طارق، وطارق القباج وآخرين، علما أن لشكر كانت له سابقة من خلال محاولته التقرب إلى العدالة والتنمية، في مواجهة الوافد الجديد الأصالة والمعاصرة، فنال حقيبة العلاقات مع البرلمانوبعد ذلك حاول "بيجيدي" جر الاتحاد الاشتراكي إليه للمشاركة في الحكومة، لكنه فشل، على اعتبار أنه لو شارك فيها لكان انشطر إلى أجزاء كثيرة، خاصة أن بعض قادته انتفضوا ضد عبد الواحد الراضي، ومحمد اليازغي لطبيعة الأسماء التي تم استوزارها في عدد من طبعات حكومتي إدريس جطو، وعباس الفاسي، لذلك ارتاح لشكر من صداع الرأس باختيار المعارضة كما منحت للحزب ذلك صناديق الاقتراع.وأراد بنكيران استعمال الخطة ذاتها مع قادة الأصالة والمعاصرة، من خلال مواجهته إلياس العماري، قبل توليه أمانة الحزب، وبعدها، مؤكدا لـ" الباميين" أنه ليس له أي عداوة مع أحد منهم، لكنه لن يتوقف عن مواجهة من وضع نصب عينيه، قبل تأسيسه وبعدها، محاربة العدالة والتنمية، وليس محاربة الفقر والأمية، وعزلة العالم القروي والجبلي، لذلك تقرب إليه أعضاء اعتبروا أنهم غير معنيين بهذا الصراع، والتقطوا إشارات من قبل بعض قادة حزب" المصباح" أن التحالف مع حزب " الجرار" ممكن إذا كف العماري عن مواصلة خوض حرب ضدهم في كل مكان. أحمد الأرقام

المهرولون خلف بنكيران

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عدوى المحاباة لم تستثن رفاق مزوار

نافذ يهتك عرض شقيقين

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات