الهاربون من العدالة

عدم تحريك مذكرات البحث والاعتقال في حقهم يفقد المحاكمات جديتها مع انطلاق الحملة التطهيرية في سنة 1996 إلى الآن، سلط الضوء على ملفات الفساد المالي والإداري بالعديد من المؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وعلى المتورطين فيها، وتمت الإطاحة برؤوس من العيار الثقيل، وأجريت محاكمات، إلا أن بعض المتورطين رفضوا الامتثال إلى القانون، وفضلوا العيش بعيدا، ليقينهم التام أنهم لن يخضعوا للمحاكمة، فهم لا يعيرون مذكرات البحث الصادرة في حقهم أي أهمية، لعلمهم المسبق أنها لن تفعل ضدهم، ولإيمانهم بأن هناك طرقا عدة تقيهم شر المتابعة. أسماء من العيار الثقيل، لا يمكن إحصاؤها اختارت طريق الفرار والابتعاد عن المساءلة، أمثال الغالي السبتي الذي ارتبط اسمه بفضيحة ملف المطاحن سنة 2000، بناء على تقرير الافتحاص المقدم إلى الوكيل العام للملك بمحكمة العدل الخاصة، التي جرى حلها، وهو التقرير الذي أنجز بتعليمات من حسن أبو أيوب وزير الفلاحة آنذاك. وكشف التحقيق أن الغالي السبتي متورط إلى جانب أربعة متهمين «موظفين ومسؤولين سابقين» في تحويل أموال عمومية، وسوء تدبير أموال جمعية مهنيي مطاحن المغرب، التي كانت تتلقى دعما ماليا من الدولة. وانطلقت محاكمة باقي المتهمين، في غياب المتهم الرئيسي، الذي كان في حالة فرار سنة 2004، وفضل متابعة أطوار المحاكمة من إسبانيا عوض محكمة العدل الخاصة، التي كانت مختصة في النظر في قضايا الفساد المالي والإداري. وتراوحت الأحكام الصادرة بين 15 سنة سجنا نافذا و6 أشهر، وصدر في حقه، حكم غيابي بـ 15 سنة سجنا نافذا، على خلفية الملف ذاته، الذي عرف بملف «اختلاسات مطاحن المغرب»، لكنه ظل حرا طليقا، بعد أن تمكن أياما قليلة عقب تفجر فضيحة اختلاسات الجمعية سنة 2000، من مغادرة المغرب إلى إسبانيا، كما حكم على المتهمين بإعادة الأموال التي جرى تحويلها، والتي تقدر بمليارين و400 مليون سنتيم. وظل السبتي بعيدا إلى أن قرر الدخول مرة أخرى إلى المغرب، بعدما حصل على ضمانات تمكنه من إعادة محاكمته في حالة سراح مؤقت. وأدين فيما بعد بثلاث سنوات حبسا نافذا لم تنفذ بعد. مولاي الزين الزاهدي، فضل هو الآخر الفرار عوض انتظار ما ستؤول إليه فصول المحاكمة، التي انطلقت مع تقرير لجنة تقصي الحقائق حول التبديد الذي لحق مالية مؤسسة القرض العقاري والسياحي، وتمت متابعته رفقة 17 آخرين في حالة سراح مؤقت، لكنه بمجرد حصوله على السراح فضل التحليق بعيدا على مواصلة المحاكمة التي مازالت تعيش فصول المرحلة الاستئنافية، ولأنه القدوة التي يمكن الاقتداء بها، فقد حذا حذوه كل من نعيمة هيام وأحمد فرح الإطاران الإداريان في المؤسسة نفسها، وأصدر قاضي التحقيق بشأنهم يوم 22 أكتوبر 2002 أمراً بإلقاء القبض، واتخذ الإجراء نفسه أمام غرفة الجنايات الابتدائية التي أوكل لها النظر في القضايا المحالة من محكمة العدل الخاصة. وأدينوا ابتدائياغيابيا بعشر سنوات سجنا نافذا. ورغم أن السلطات تعرف مكان وجودهم من خلال التصريحات الصحافية لمولاي الزين الزاهدي، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء. محمد بن عبد الجليل، الذي ارتبط اسمه بملف البنك الشعبي فرع باريس، الذي يتابع فيه عبد اللطيف العراقي فضل الهروب على مواجهة المحاكمة، التي أوشكت فصولها على النهاية في غياب عنصر مهم. لائحة الفارين من خمسة نجوم، لا تقف عند الحالات السابقة بل تنضاف إليها لائحة خالد الودغيري المدير السابق للتجاري وفابنك، والمدان غيابيا من أجل جناية التزوير في محرر رسمي والمشاركة في جناية النصب بعشرين سنة سجنا نافذا، بعد إعادة تكييف المتابعة. بناء على شكاية عبد الكريم بوفتاس، الذي اضطر من أجل ثني البنك التجاري المغربي (سابقا) عن بيع عقاره بالمزاد العلني بالمحكمة التجارية بمراكش البالغة مساحته الاجمالية 543 هكتارا و57 آرا، والمقدم من طرف شركته كبيك إيموبيليير لفائدة البنك المذكور كرهن مرتين، إلى دفع مبلغ 36 مليون درهم رشوة، إلى الرئيس المدير العام للبنك آنذاك المتهم خالد الودغيري، عبر وساطة صديقه الموثق محمد حجري، وفصل بوفتاس الطريقة التي دفعت بها الرشاوي، بعد أن اقتطعها الموثق من ثمن بيع العقارات، والتي كانت بتوجيه من المدير العام السابق، وتم استخلاص مبلغها عبر شيكات مسحوبة من طرف الموثق على حسابه البنكي الممسوك لدى وكالة السيال بالبنك المغربي للتجارة والصناعة، وقع عليها المشتكي عبد الكريم بوفتاس (عن طريق التظهير) بما يفيد التوصل بقيمتها دون أن يتوصل بذلك فعليا، وأن سبب ذلك خوفه من تفعيل عقود البيع بمقابل الوفاء المنجزة من قبل الموثق بتوجيهات من قبل خالد الودغيري، والتي تشير إلى التزامه الصريح والنهائي وغير القابل للرجوع في بيع البنك ما مجموع مساحته 340 هكتارا و16 آرا من عقاره المذكور أعلاه بثمن لا يتعدى 95 مليون درهم. وهي العقود التي وقعها بصفة انفرادية في غياب تام لتوقيع الطرف الثاني المتهم خالد الودغيري. إنهم الفارون من صنف خمسة نجوم، لهم طرقهم ووسائلهم التي تقيهم شر المتابعة والمحاسبة. كريمة مصلي

الهاربون من العدالة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أحكام ناقصة في ملفات الفساد المالي والإداري

تقارير تكشف الاختلالات التي يشهدها تدبير المؤسسات العمومية

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات