دأبت الأعراف الدبلوماسية المغربية على التمييز، في البلاغات الرسمية، بين الدول الصديقة، والدول الشقيقة، المخصصة حصرا للبلدان العربية، لكنه تصنيف وجب تحيينه إعمالا للمبدأ الملكي القاضي باستعمال نظارة الصحراء لرؤية المغرب للعالم. لقد أثبتت المعارك التي يخوضها المغرب، دفاعا عن وحدته الترابية، أن هناك دولا لا تستحق وصف الشقيقة فقط لأنها عربية أو حتى جارة، وهو ما أكدته القمة الأخيرة للاتحاد الإفريقي، التي قطعت مناورات الشك بيقين المواقف. وفي الوقت الذي هتف فيه بعض الأشقاء بانتصارات "دونكيشوتية" في مصارعة طواحين اهترأت وتوقفت عن الدوران منذ عقود، اتسعت دائرة خارطة الأخوة الإفريقية المغربية بصعود نجم دول كانت مهمشة، زمن حروب الدعاية السوداء، مثل جيبوتي، التي فاز وزير خارجيتها محمود علي يوسف، بمنصب رئيس المفوضية الإفريقية خلفا للتشادي موسى فكي، بحصوله على 33 صوتا بعد 6 جولات من التصويت. ويكفي المغرب من حصيلة القمة أن دولة رئيس المفوضية الجديد تنتمي لمجموعة أشقاء الصحراء المغربية، بالنظر إلى أن جيبوتي تتوفر على قنصلية عامة بالداخلة منذ خمس سنوات، فقد كانت من السباقين في ذلك، فهي صاحبة ثالث تمثيلية دبلوماسية بالحاضرة الصحراوية، المفتتحة في 28 فبراير 2020. وتستحق هذه الدولة صفة الشقيقة بصيغة مزدوجة، لأنها تعترف بمغربية الصحراء، ولأنها دولة عربية دخلت الجامعة منذ الساعات الأولى من استقلالها في 1977 عن فرنسا، وكذلك لأنها تتقاسم مع المغرب المبادئ نفسها في قانون العلاقات القارية والدولية، خاصة تلك المتعلقة بمطلب إصلاح مؤسساتي للاتحاد الإفريقي يمكن من إعطائه الريادة الإقليمية وإسماع صوت إفريقيا على المستوى الدولي من خلال إعادة هيكلة مكونات الاتحاد في اتجاه تحسين الأداء العام للمنظمة القارية. لذلك أكد جلالة الملك في برقية تهنئة محمود علي يوسف بعد انتخابه رئيسا لمفوضية الاتحاد الإفريقي، خلال القمة العادية الثامنة والثلاثين للاتحاد الإفريقي، على دعم المملكة المطلق لكل المبادرات التي تروم خدمة القارة وتسعى إلى تعزيز التضامن الفعال والتعاون البناء بين بلداننا الإفريقية، ورفع مختلف التحديات التي تواجهها في سبيل تحقيق المزيد من الرخاء والتنمية الشاملة. ولم يكن إنجاز جيبوتي من مكر الصدف، بل هي مكانة مستحقة وثقة تترجم اعترافا وتقديرا لما يتحلى به محمود علي يوسف من كفاءة "رجال الدولة الكبار وبما راكمه من خبرة دبلوماسية مشهودة، وما يتسم به من حنكة مهنية وخصال إنسانية رفيعة"، على حد وصف جلالة الملك. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma