إصدار نظري للترافع عن حضور الشعر في حياتنا صدر حديثا للشاعر والناقد صلاح بوسريف كتاب اختار له عنوان "رسالة في الشعر" عن منشورات "دار فضاء للنشر والتوزيع" بالأردن. في هذا العمل النظري الجديد يترك الشاعر صلاح بوسريف الشعر ليترافع بنفسه عن نفسه، ليخاطب الشعراء وغير الشعراء ممن اعتبروا الشعر في أزمة، أو أن الشعر انتهى ومات، والكلمة لغيره مما توهموه من حضور لأنواع أخرى، دون أن يدققوا في طبيعة هذا الحضور وتأثيره، وما يتركه في القارئ، أو ما يمكن أن يكون خلقه من وعي عند هذا القاريء بهذا النوع أو ذاك، وما الفكر والخيال اللذان يحملانه، أو يذهبان إليه. في هذا الرسالة، يرى بوسريف "أن كل ما نحكم به على الشعر، وما نقرأ به الشعر، ورؤيتنا للشعر، كلها تأتي من خارج الشعر، بل من سوء معرفتنا به، وبتاريخه، وما كان عليه قبل التدوين، وما صار إليه بعد التدوين، وفي المدونات النقدية القديمة التي كانت مشغولة بالمعيار، فقط، للحفاظ على الهوية العربية دون غيرها مما دخل في الثقافة والحضارة العربيتين مع ظهور الإسلام. فالشعر بقي خارج وعينا، وخارج ذوقنا، وخارج معارفنا، وخارج مراجعتنا ونقدنا، وإعادة تفكير مفاهيمه وتصوراته، وصرنا، كما كان في الماضي، نقيس الشاهد على الغائب، ونعتبر العائب هو ما نحكم به على الشاهد، والماضي هو عكاز الحاضر، بل وما سيأتي، ونحتكم في قراءتنا للشعر إلى المُقايسة، وإلى ما ينبغي أن يكون عليه الشعر، لا ما هو عليه". ويرى بوسريف "أن أطرافا وجهات كثيرة دخلت في هذا المعنى، كرسته، حجبت الشعر، بقي خارج متناول القارئ، وخارج متناول المؤسسات الثقافية والنقدية نفسها، وما نقوله عن الشعر، بعيد عنه، لا علاقة لنا به، ولا علاقة له بنا، بل الشعر بقي يُكْتَب في غفلة منا، وهو شعر آخر، بلغة أخرى، وبمجازات فاقت ما نتصوره من مجازات تقليدية، بل إن هذه المجازات ابتذلت، ولم تعد تفيد الشعر في شيء، بل عطلته، وعطَّلت الخيال فيه، وكذلك الإيقاع، صار كلاما ككل كلام نسمعه ونقرؤه هنا وهناك". الكتاب صدر في مائة وعشرين صفحة، وفي فهرس الكتاب نقرأ: "وختاما"، و"الوجود بالشعر"، والشاعر"، و"الشعر"، و"اللسان والكلام"، و"الكتابة"، و"العمل الشعري ـ طُرُق لا طريق واحدة"، و"شعرية البياض"، و"المعرفة الشعرية"، و"إرادة الكتابة"، و"أفق التجربة"، و"الشعر في كل مرة تجربة"، و"أما بعد". عزيز المجدوب