تكررت، في قضايا تبديد واختلاس المال العام، استدعاءات مديري المصالح بالجماعات الترابية، المعنية بمحاكمات رؤسائها السابقين بجنايات نجمت عن الفساد المالي والإداري، الذي راكموه خلال ولاياتهم وقبل عزلهم. ونص القانون التنظيمي 14. 113 المتعلق بالجماعات، في القسم السابع منه في الباب المتعلق بإدارة الجماعة، وبالضبط في الفصل 128 على مدير المصالح، معتبرا إياه مساعدا للرئيس، ويتولى تحت مسؤولية الرئيس ومراقبته الإشراف على إدارة الجماعة. وتوجه محاكم الأموال الاستدعاءات إلى مديري رؤساء المصالح، بصفتهم قصد الحضور إلى الجلسات، ما يثير التخوفات في أنفسهم، بل منهم من لا يحضر، ويضطر إلى البحث عن وسيلة للتنصل من هذه المسؤولية، التي لم ينص عليها قانون الجماعات، فينجز شهادة طبية مدة العجز بها تتضمن تاريخ الجلسة، عذرا للابتعاد عن الإحراج، خصوصا أن محاكم الأموال لبعض الجماعات تبعد بأزيد من 200 كيلومتر عن مقراتها. في آخر ملف بتت فيه، الأسبوع الماضي، غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال، باستئنافية مراكش، قضت بإدانة رئيس جماعة توجد بإقليم اليوسفية، تم الحكم بعدم القبول بالنسبة إلى المطالب المدنية، بعد أن وجهت الاستدعاء مرات عديدة إلى مدير المصالح دون أن يحضر، بل كلفت النيابة العامة المركز القضائي للدرك الملكي بتبليغه، فكانت النتيجة سلبية أيضا، ما ضيع حقوق الجماعة. الأسئلة التي تطرح نفسها بإلحاح هي: هل مدير المصالح مسؤول عن هذا المآل؟ وهل هو فعلا له الصفة القانونية في تمثيل الجماعة؟، ولماذا لم توجه الاستدعاءات إلى رئيس الجماعة الجديد، خصوصا أن قانون الجماعات يفرض الإسراع في اختيار الرئيس بعد العزل أو الوفاة وغيرهما؟ المعروف أن رئيس الجماعة هو الممثل القانوني لها وهو المدافع عن مصالحها، وهو الذي يقيم الدعاوى بعد الإذن بالتقاضي، وغير ذلك من الاختصاصات التي أوكلها له المشرع، وأن الصفة شرط أساسي للتقاضي، سواء في الدعاوى المدنية أو الجنحية، وكان مفترضا أن توجه الاستدعاءات إلى الرئيس الجديد، على اعتبار أنه من تسلم المهام ولو بتحفظ. ثغرات القانون تترك المجال لضياع الأموال المنهوبة، فما الجدوى من وجود قضايا ضد الجماعات والمؤسسات العمومية، إذا كانت المساطر لا تؤمن استرجاع ما تم تبديده أو اختلاسه؟، وكان ينبغي التصدي تشريعيا بالقدر اللازم لتحقيق هدف محاربة الفساد المالي، ولعل التراكمات والخبرة التي تأتت من هذه القضايا تشفع في وضع مساطر في هذا الاتجاه. ملحوظة لها علاقة بما سبق: في القضاء الإداري، ترفع الدعاوى ضد الجماعات بإدخال جهات حكومية وعامل الإقليم، على اعتباره سلطة وصاية ومراقبة، وهو شرط شكلي ملزم لقبول الدعاوى، فكيف لا ينتصب العمال طرفا مدنيا، في قضايا اختلاس وتبديد المال العام، للحرص على استرجاع ما ضاع في غفلة منهم. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma