بدأ يحلق شبح الشقاق في سماء الأغلبية، بشكل يهدد تماسك مكوناتها وتناسق مواقفها تجاه كل القضايا، وهو ما يمكن أن ينعكس بشكل سلبي على التدبير الحكومي. ونجحت الحكومة منذ تنصيبها في تفعيل جميع التزاماتها المتضمنة في البرنامج الحكومي بشكل سلس، وتكريس حرص جماعي على التفاعل السريع والإيجابي مع كل الإشكالات الطارئة، في احترام كامل للهندسة المالية التي وضعتها الحكومة، بهدف ضمان استدامة تمويل الأوراش الاجتماعية، لكن رياح السياسة تنذر بما لا تشتهي سفن التحالف الثلاثي. دون جدوى، يصر عقلاء الأغلبية الحكومية على استحضار الرهانات الكبرى للولاية الحالية، وضرورة الانخراط الكامل، وتعبئة كافة المكونات، لمواصلة الجهود في إغناء النقاش العمومي، الذي يحتضن قضايا الوطن وينتصر للمصلحة العامة، ويسعى إلى إنتاج الحلول، مع ما يفرضه الأمر من التحلي العالي بالموضوعية والتجرد، والإيمان بثقافة الاختلاف، قناعة وممارسة. ولا يقتصر خطر التهافت الانتخابي على الأغلبية، بل قد يصيب المعارضة كذلك وتختل أدوارها داخل البرلمان، سواء على مستوى المساهمة في النقاش العمومي أو التشريع أو على مستوى الوظيفة الرقابية، فقد تتعثر الأدوار السياسية للبرلمان مؤسسة حاضنة للنقاش الديمقراطي في منعرجات حاسمة يجب الخروج منها بأقل الخسائر وفي أقرب الآجال. لذلك ترتفع أصوات رسائل قوية وواضحة إلى كل أطراف الأغلبية الحكومية، مضمونها ضرورة التحلي بالمسؤولية السياسية وبحد أقصى من التضامن. ولن نفشي سرا إذا قلنا بأن تزايد التوترات داخل الأغلبية يعود لسعي أطراف الأغلبية للحصول على تنازلات من الحزب الأغلبي، لكن النتيجة قد تكون كارثية، بالنظر إلى أن كثافة سحب التراشق في هذه المرحلة بالذات ستكون تداعياتها وخيمة على المصلحة العليا للبلاد. يجب أن يتكلم التحالف الحكومي لغة الحزب الوحيد إلى حين موعد إعلان بداية حملة الانتخابات المقبلة، والكف عما يوصف بالتسخينات وتجنب التصريحات المدلى بها تعبيرا عن طموح بعض أحزاب الأغلبية في تصدر الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ومع بداية العد العكسي لنهاية الولاية الحكومية سيكون من الأجدى التفرغ لاستكمال تنزيل الوعود الانتخابية السابقة، عوض الانشغال بكتابة بلاغات للتقليل من تأثير التراشق السياسي، الذي طفا على السطح بين قياديي أحزاب الأغلبية. الأكيد أن الفضاء السياسي يختلف عن الفضاء الحكومي، وألا أحد يمكنه ممارسة الوصاية على الفضاء السياسي، لكن ينبغي لمكونات الأغلبية التحلي بأقصى درجات التحفظ الحزبي، كي لا تتحول الحكومة إلى عنوان أزمة سياسية بتأثيرات اقتصادية، تضر بالاستقرار وتشعل فتيل المزايدة والابتزاز. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma