مغاربة اقتحموا حاجز الصحراء للقاء شعوب إفريقيا واكتشاف ثقافاتها إلى عهد قريب لم يكن المغاربة مهتمين بالقارة الإفريقية، على الأقل على المستوى الشعبي، فباستثناء التجار، لم يكن السياح المغاربة والرحالة يقصدون دول إفريقيا، لاعتبارات مختلفة أبرزها صعوبات مجموعة من الدول في توفير الأمن للزوار. وفي السنوات الأخيرة أصبحت إفريقيا جنوب الصحراء وجهة مفضلة لعدد كبير من المغاربة المغامرين، والذين انطلقوا في مغامرات شيقة، من خلال زيارة عشرات الدول باستعمال الدراجة النارية أو الهوائية، وهناك من المغاربة من قضى أزيد من سنة في جولته بالقارة السمراء. ومن الأمثلة الشهيرة على الرحالة المغاربة في إفريقيا، نجد الشابة مريم بلكحيل، وهي أحد أشهر المغامرين في إفريقيا، بقضائها أزيد من سنة في جولتها الافريقية دون انقطاع، إذ قررت الانطلاق من المغرب والمرور بعدد كبير من الدول، والاختلاط بثقافات شعوبها. وتوثق مريم وزملاؤها الرحالة، الذين ينطلقون في رحلات فردية أحيانا وجماعية في أحيان أخرى، يوميات السياحة في إفريقيا، إذ يشاركون تجاربهم مع سكان قرى إفريقيا وبسطائها، ويلتقون شعوبا مختلفة ويحضرون بعض الطقوس والاحتفالات، ويجربون الأكلات والعادات في كل دولة يزورونها. وفتح بعض الرحالة المغاربة والأجانب الباب أمام المترددين في زيارة إفريقيا، خاصة أن كثيرين زاروا دولا أوربية أو أسيوية بالدراجات، لكنهم غير متحمسين لإفريقيا لما تعيشه من مشاكل، ولتكرار حالات اختفاء السياح، وحالات تسمم بسبب الأكلات المحلية، ناهيك عن انتشار بعض الحشرات التي تسبب أمراضا خطيرة للسياح. ويساهم الرحالة المغاربة في نشر الثقافة المغربية في إفريقيا، وفي بقاع لم يصل إليها المغاربة، خاصة بعد تجاوز منطقة الساحل وغرب إفريقيا، التي تربطها علاقات تاريخية في المغرب، وهناك روابط قوية تعززت في الفترة الأخيرة. ورغم أن جل الشعوب الإفريقية لا تعرف اللغات التي يتكلمها المغاربة، سواء العربية أو الفرنسية أو الإنجليزية، إذ أن هناك خزانا كبيرا للغات المحلية في إفريقيا، يحاول المغاربة استعمال وسائل حديثة للترجمة، ويبذلون قصار جهدهم من أجل التبادل مع سكان القبائل الإفريقية. ويساهم إنجاز المغرب في كأس العالم بقطر في تحسين صورة المغاربة بإفريقيا، خاصة عندما يرتدي الرحالة قميص المنتخب الوطني، الذي يساعد على تقريب المسافات وهدم الحدود مع السكان المحليين. عصام الناصيري