مرافق حديثة وورشات لتأهيل النزلاء من صور تنزيل إستراتيجية التامك تواصل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تعبئة جهودها لتوفير بنية تحتية تراعي المعايير المطلوبة، خاصة من حيث المساحة وشروط التهوية والإنارة، وتتيح إعمال تصنيف ملائم للنزلاء، وتنفيذ البرامج والأنشطة التأهيلية المسطرة لفائدتهم، بتعويض السجون المتهالكة والسجون الموجودة داخل المناطق السكنية، إذ خلال السنوات من 2014 إلى 2024، تم افتتاح عدد من السجون، بمواصفات حديثة وهندسة أنيقة، ناهيك عن مرافق تفي بغرض التأهيل والإدماج. السجن المحلي عين السبع 2 نموذج لهذه البنيات الجديدة، التي خصص لها المندوب العام لإدارة السجون اهتماما خاصا، ودافع عنها بشراسة، لتحسين ظروف الإيواء وتعزيز الطاقة الاستيعابية، وتوفير خدمات صحية وتأهيلية بمعايير حديثة، وتطوير برامج التعليم والتكوين. تصميم متفرد يقع السجن المحلي عين السبع 2 غير بعيد عن سجن عكاشة الشهير على الواجهة المطلة على شارع محمد البكاي، إذ يعتبر من ناحية امتدادا له، ويجاور مركز الإصلاح والتهذيب الخاص بالنزلاء الأحداث، إلا أنه يتمتع بإدارة وموارد بشرية مستقلة، كما يحتوي على غرف للسجناء، متفردة من حيث التصميم، تتيح لهم التهوية والإضاءة، كما أنها صممت وفق نموذج تمتزج فيه مقومات السجن العصري، المحترم للشروط الدولية، وهي الإستراتيجية التي تبناها محمد صالح التامك، المندوب العام لإدارة السجون، منذ تعيينه، والتي تهدف إلى تحسين ظروف الإيواء وتعزيز الطاقة الاستيعابية، مع توفير مرافق حديثة لتأهيل السجناء. مرافق متنوعة افتتح السجن المحلي عين السبع 2 في فبراير الماضي، مستجيبا للمعايير الحديثة التي تعزز المنظومة السجنية، وتقطع مع البنايات الشبح، التي دفعت المندوبية العامة لإدارة السجون إلى الانخراط بجدية في ورش إغلاق السجون المتهالكة، وتشييد سجون بمواصفات دولية، تراعي جوانب الأمن والبيئة والأنسنة وغيرها من المعايير، وفق تصميم عصري وبمساحة إجمالية تبلغ 575 هكتارا، منها 1848 مترا مربعا مخصصة للإيواء. ويضم السجن وحدات صحية تشمل عيادة طبية وغرفا للفحص وصيدلية، إلى جانب مركز بيداغوجي يقدم برامج تعليمية وتكوينية وأنشطة رياضية وثقافية. كما تم تجهيز المؤسسة بجناح إداري متكامل، ومطبخ حديث وقاعة مراقبة إلكترونية متطورة لضمان أعلى مستويات الأمن. تقسيم وتنظيم محكمان يتكون السجن المحلي عين البسع 2 من أربعة أحياء، تضم في مجموعها 88 غرفة مخصصة للنزلاء، الطاقة الاستيعابية لكل غرفة تتمثل في ثمانية أشخاص، أعدت أماكن لهم داخلها، كما تحتوي على مرحاض يتوفر على باب، وإلى جانبه مكان مخصص لمغسل ويمكن استغلاله أيضا في إعداد الأكلات الباردة، أما التسخين فخصصت له قاعة بكل حي، ويسهر عليه سجين مدرب، يقوم بأشغال تسخين الأكلات وإعداد الشاي والقهوة، وتوجد مسافة بين طرفي الغرف تسمح بولوج التهوية والإضاءة، كما أن كل الغرف تتوفر على نافذة متينة. وصممت الأحياء الأربعة بالشكل الهندسي نفسه، كما أن تصاميم الغرف متشابهة، وتضم أسرة على طابقين، ويستفيد النزلاء من وقت للفسحة، إذ يمكنهم خلاله المشي وإخراج بطانياتهم لوضعها تحت الشمس، وفي زاوية يوجد حمام جماعي، يستفيد منه النزلاء وفق تقسيم يراعي الصنف، وهو تقسيم داخلي تعتمده الإدارة للتمييز بين السجناء حسب السن والسلوك والانضباط. كما توجد غرف مخصصة للتأديب، وهي التي يوضع فيها السجين عند ارتكابه فعلا مخلا يعاقب عليه القانون الداخلي للسجون بالوضع في الغرفة الانفرادية. وتصادفت الزيارة مع خلو الغرف الانفرادية، إذ لم تسجل مخالفة للقوانين تتيح نهج العقوبة. للصحة نصيب من الرعاية يتوفر السجن المحلي عين السبع 2، على وحدات صحية مصممة وفق تنسيق متكامل، فبالإضافــة إلى وجود قاعــة للفحص بكل حي، تمكن الإطار الصحي من مراقبة النزلاء، قبل توجيههم، فإن الوحدات الصحية بهذا السجن خصص لها جناح، وتتكون من عيادة طبية، وغرف للفحص وصيدلية وأيضا غرف للعزل، إذا تعلــق الأمر بمرض معـــد، ناهيك عـــن وجـــود صيدلية ممونة بمختلف الأدويــة التي توفــرها إدارة السجــون، والتي تمنح مجانا للنزلاء بعد تسلمهم الوصفات الطبية من العيادة. وتظل حالات النزلاء التي تقتضي إجراء مغايرا نظير النقل خارج السجن، مؤطرة بدورها بإجراءات ومراقبة طبية داخلية للتأكد من الحالة قبل التأشير على توجيهها إلى المستشفى المعني وبطبيعة الحال تحت حراسة موظفي السجن. المراقبة الأمنية تعتمد إدارة السجن المحلي عين السبع 2 على منظومة أمنية متكاملة، تشمل دوريات يومية تتجول لمراقبة الأحياء، ونقاط التفتيش، إلى جانب فرق حراسة ليلية وأبراج مراقبة. وتضمن هذه الدوريات التدخل في الوقت المناسب في حال وجود إخلال بالنظام الداخلي والانضباط، إلا أن المراقبة الرقمية، تظل أهم ما يميز المنظومة الأمنية، إذ تتوفر على غرفة للمراقبة الإلكترونية، يشرف عليها موظفون متخصصون، وولوجها مضبوط بتقنية رقمية، إذ لا يسمح به إلا للعاملين داخلها. وتتيح هذه الغرفة عبر شاشات منصوبة داخلها، رصد كل أجزاء السجن الداخلية منها والخارجية، وتتبع الحركة بساحة الفسحة أو بالملاعب وحتى بالقاعات المخصصة للتعليم والتأهيل والورشات الحرفية. ويتوفر موظفو الغرفة الإلكترونية على حواسيب تمكنهم من اختيار النقطة التي يحددونها وتقريبها أكثر لتتبع المشاهد، كما أن الكاميرات مثبتة في كل الأرجاء من الولوج إلى السجن مرورا عبر نقاط الاستقبال والتفتيش وانتهاء بقاعة الزيارة، حيث يلتقي السجين مع زائره. المراقبة شيء مهم داخل السجن، فهي الوسيلة التي تمنع إدخال الممنوعات والمخدرات، وإن كان موظفو وموظفات الزيارة مؤهلين للكشف عن أي خرق لقواعد المرفق، فإنهم في الآن نفسه يحرصون على تكرار الرقابة والتفتيش، فعند انتهاء الزيارة، وقبل أن يمر السجين إلى غرفته، يخضع لتفتيش روتيني، تجنبا لتسلمه شيئا محظورا من زائره، بينما الأخير يظل في الانتظار إلى حين الانتهاء من تفتيش النزيل، وفي حال ضبطت ممنوعات بحوزة المعتقل، فإن المساطر القانونية تباشر ضد النزيل وزائره. مركز بيداغوجي للتأهيل تضم المؤسسة السجنية، مرفقا خاصا بتنزيل البرامج البيداغوجية، سواء تعلق الأمر بالتعليم أو بالتكوين المهني أو محو الأمية، وتؤوي أقسام المستفيدين من النزلاء، الذين يخضعون للتصنيف الذي يؤهلهم للانخراط في هذه البرامج، التي تسهر عليها أطر يتم استقدامها خصيصا للغرض، في إطار التنسيق مع المؤسسات العمومية والجمعيات المتخصصة، إذ أن فلسفة المندوبية العامة لإدارة السجون انبنت على ترسيخ ثقافة الانفتاح على المحيط الخارجي وإشراك القطاعات الحكومية وغير الحكومية، في مجال تأهيل السجناء. ولا تتوقف برامج السجن المحلي عين السبع 2 عند البرامج سالفة الذكر، بل تمتد إلى أنشطة أخرى رياضية وثقافية وترفيهية، عبر تنظيم مباريات في كرة القدم بالملعب المخصص لهذه الرياضة، أو حفلات فنية يشارك فيها فنانون، وغيرها من الأنشطة. وتعمل المؤسسة على ترسيخ نهج تواصلي مع الجهات الحكومية وغير الحكومية، بما يسهم في تحسين الأوضاع الاجتماعية للنزلاء وتعزيز انفتاح المؤسسة على محيطها المحلي والجهوي. بنيات تحتية في المستوى روعيت في التصاميم التعميرية والفنية للسجن، أناقة الفضاءات، سواء بألوان الصباغة أو بتزيين الممرات بمزهريات بها نباتات، وأيضا بنظافة الأرضية، فالنظافة جانب مقدس داخل أروقة السجن كله، وبمختلف البنيات التحتية التي يضمها. مطبخ كبير مجهز عن آخره بآخر طراز من أدوات الطبخ، وبمنافذ تهوية. لا مكان لقنينات وأنابيب الغاز بهذا المرفق، فكل الآليات تشتغل بالكهرباء، تسهر على تسييره إدارة السجن وتفوض تدبيره إلى شركة خاصة، فالطباخون المكلفون بتهييء الوجبات للنزلاء، مؤهلون علميا كما أن الإدارة أخضعتهم لفحوصات تؤكد خلوهم من أمراض لا تسمح بممارسة هذه المهنة. حركة دؤوبة منذ الصباح، لإعداد الوجبات اليومية في الوقت المحدد وتوزيعها على نزلاء الأحياء، كما أن هذه الوجبات تخضع لمراقبة صارمة من حيث المقدار المخصص لكل سجين وفق ما تمليه شروط التغذية الصحية، وتحرص الإدارة على مراقبة تنويع الوجبات خلال أيام الأسبوع، إذ يعلق برنامج الغذاء على السبورة الخاصة بالإعلانات، وفق تنظيم يراعي وزن الوجبة ونوعها في كل يوم. بجانب المطبخ، وغير بعيد عنه، توجد غرفة خاصة بنزلاء من نوع خاص، إنهم من يطلق عليهم "الكلف"، وهم سجناء مصنفون في الخانة التي تسمح لهم بالقيام بمهام داخل السجن، وخضعوا لفحوصات وتحاليل، أهلتهم كي يكونوا مساعدين في المطبخ، تناط بهم مهام نظير التنظيف أو تقشير الخضر وغيرها، وعند انتهائهم يتوجهون إلى غرفتهم القريبة والمعزولة عن باقي الأحياء التي تؤوي النزلاء، وهي غرفة مجهزة بحمام، وصممت بالقرب من المطبخ، نظرا للالتزام اليومي، كما أنهم يتقاضون أجرا عن الخدمة. وضمن البنيات أيضا الجناح الإداري، الذي يضم مختلف المصالح، والمقصف الخاص بالموظفين، ومكتب الاستقبال والإرشاد لتزويد المرتفقين بالمعلومات الضرورية. ثلاثة أسئلة: مقاربة التفريد هل لكم أن تمدونا بنوعية النزلاء بالسجن المحلي الجديد؟ يعد السجن المحلي عين السبع 2 مؤسسة سجنية تخصص لإيواء النزلاء المحكومين نهائيا، وهو فضاء لتنفيذ العقوبات السالبة للحرية لفائدة فئة من السجناء، الذين اقترب موعد الإفراج عنهم، وتعتبر هذه الفئة مؤهلة بشكل كبير للاستفادة من برامج إعادة التأهيل والإدماج، التي يتم تنزيلها وفق الاستراتيجية العامة المعتمدة من قبل المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، بهدف تيسير إعادة إدماجهم داخل النسيج الاجتماعي بعد الإفراج عنهم. كيف تنزلون البرامج التأهيلية لفائدة النزلاء؟ نعتمد على مقاربة التفريد التي تنهجها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج في تنزيل البرامج التأهيلية، بناء على رصد حاجيات النزلاء مع مراعاة وضعيتهم الجنائية والعمرية، وكذا خصوصياتهم الثقافية والتعليمية. وتنقسم هذه البرامج إلى أربعة أقطاب أساسية: القطب الثقافي والفني والقطب الرياضي، وقطب التأهيل الديني والدعم النفسي والروحي وقطب المساعدة القانونية والاجتماعية. كما تحرص المؤسسة على الانفتاح على المجتمع المدني عبر شراكات فعالة مع الجمعيات الجادة، من خلال برامج هادفة مثل «سجون بدون عود»، و"التغيير من أجل التغيير»، و»فرصة ثانية»، إلى جانب برامج التعليم ومحو الأمية والصحة النفسية لمعالجة الإدمان والاضطرابات السلوكية. كيف تواجهون إكراهات الاكتظاط لتنزيل هذه البرامج؟ تكتسي هذه البرامج أهمية خاصة بالنسبة إلى الفئات العمرية الشابة (19-38 سنة)، التي تمثل 76 في المائة من مجموع النزلاء. كما نؤكد ضرورة إيلاء عناية خاصة للفئات الهشة، باعتبارها محورا أساسيا ضمن إستراتيجية المندوبية العامة، لتعزيز فرص إعادة تأهيلها ودمجها في المجتمع بعد الإفراج. إلا أن تنفيذ هذه البرامج يواجه أحيانا إكراهات مرتبطة بظاهرة الاكتظاظ، التي قد تسجل من حين لآخر، نتيجة تزايد أعداد النزلاء. ومع ذلك، يتم تدبير هذه الوضعية وفق الإمكانيات المتاحة، مع الحرص على ضمان استمرارية البرامج التأهيلية بطريقة فعالة وناجعة، تحقيقا للأهداف المسطرة في مجال إعادة تأهيل السجناء وإدماجهم بشكل إيجابي في المجتمع. محسن أرفون مدير السجن المحلي عين السبع 2 حاصل على الدكتوراه في القانون العام