بايعوا أميرهم على القتل والتخريب وخططوا للالتحاق بمعسكرات «داعش» عاشت منطقة السوالم، منذ الساعات الأولى لصباح أمس (الأحد)، أحداثا استثنائية، إذ استفاق السكان على دوي إنذارات التدخل وهدير مروحية تابعة للدرك، كانت تمسح الأمكنة لإيقاف مشتبه فيهم من نوع خاص، تسللوا إلى المنطقة الآمنة ليتخذوها قاعدة خلفية للتحضير لهجمات دموية نوعية، تمكنهم من ارتكاب ما وعدوا به أميرهم المزعوم، تنفيذا لأجندة التنظيم الإرهابي العالمي "داعش". إنجاز: المصطفى صفر / تصوير: (عبد اللطيف مفيق وعبد الحق خليفة) كان منظر تدخلات القوة الخاصة التابعة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، لافتا، إذ وازى التدخل بين مختلف الاحتياطات الواجبة، وفعالية وسرعة العمليات الميدانية، التي أسفرت عن شل حركة أربعة مشتبه فيهم، ثلاثة منهم أشقاء، شكلوا خلية كانت محط تتبع من "ديستي"، قبل إعطاء الضوء الأخضر لإيقافهم، عندما أضحى خطرهم وشيكا والتنفيذ المادي لجرائمهم الإرهابية قريبا، بعد أن أعدوا مختلف المواد واللوازم والأسلحة لإنجاح مخططاتهم بواسطة التفجير عن بعد. عملية استباقية متميزة علمت "الصباح" أن العملية الاستباقية المتميزة بإجراءات ميدانية عبر التدخل والاقتحام، التي عهد بها إلى عناصر القوة الخاصة التابعة لـ"ديستي"، بتنسيق مع عمداء وضباط المكتب المركزي للأبحاث القضائية، وتعاون ميداني مع عناصر الفرقة الجوية والمركز القضائي للدرك الملكي، مكنت من إيقاف أربعة مشتبه فيهم، ثلاثة منهم أشقاء، يرتبطون بتنظيم "داعش" الإرهابي، ويبلغون من العمر على التوالي 26 سنة و29 و31 و35. نفذت العملية الأمنية في مكانين مختلفين، عبارة عن منزلين سكنيين يوجدان بكل من تجزئة العمران ودوار أولاد جامع بمنطقة حد السوالم، وشارك فيها تقنيو الكشف عن المتفجرات، وعناصر الفرقة السينوتقنية التي تضم الكلاب المدربة للشرطة المتخصصة في رصد المتفجرات والعبوات الناسفة، بالإضافة إلى مروحية للدرك الملكي قامت بتمشيط أماكن التدخل من الأعلى، وكانت تحمل قناصة متخصصين في الرماية عالية الدقة تابعين للقوة الخاصة للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تحسبا لأي خطر محتمل، أو لفرار أي واحد من المشتبه فيهم. أسلحة ومواد للتفجير أسفرت إجراءات التفتيش في أماكن التدخل عن حجز أسلحة بيضاء من مختلف الأحجام، ومجموعة كبيرة من القنينات تضم سوائل ومساحيق كيميائية، وأكياس تضم كمية كبيرة من أسمدة كيمائية، ومادة الكبريت ومسحوق الفحم، إلى جانب أملاح ومواد مشبوهة، بالإضافة إلى أسلاك كهربائية ومعدات للتلحيم وأشرطة لاصقة، يشتبه في تسخيرها لتحضير وصناعة المتفجرات، والتي تم وضعها رهن إشارة خبراء الشرطة العلمية والتقنية من أجل إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة. تحر وترصد عن بعد عملية السوالم، جاءت إثر المجهودات الكبيرة التي تبذلها عناصر مديرية مراقبة التراب الوطني، لتجفيف منابع الإرهاب ولتحييد الخطر الاستباقي وإعطاء الضوء الأخضر لعمليات ميدانية استباقية، بعد تجميع كل العناصر والمعطيات، الدالة على تحول المشتبه فيهم إلى قنبلة موقوتة تهدد أمن وسلامة المجتمع. وقد انطلقت الأبحاث الاستخباراتية حول أفراد الخلية، منذ مدة، بعدما رصدت مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني شريط فيديو يعلن فيه الأشخاص الموقوفون "البيعة والولاء" لتنظيم "داعش" الإرهابي، مع التعهد بارتكاب أعمال إرهابية وشيكة. وما عجل بالتدخل، بلوغ المشتبه فيهم درجة من الخطر، لم تعد تحتمل الانتظار، إذ أن إجراءات البحث والتعقب مكنت من الاهتداء إلى النوايا الحقيقية للموقوفين، خصوصا أنهم ترددوا في يوم واحد، على أربعة محلات لبيع العقاقير بمنطقة حد السوالم، واختاروا أن ينوعوا من هذه المحلات، حتى لا ينكشف أمرهم، سيما أن المواد التي اقتنوها تثير الشكوك، وهو ما حاولوا تجنبه. وأظهر الترصد عن بعد، أنهم اقتنوا من المحلات الأربعة لبيع مواد العقاقير، كميات من المواد الكيميائية الأولية التي تدخل في صناعة المتفجرات، قبل أن يعمدوا إلى تخزينها بمنزل أحدهم، من أجل تحضيرها لتكون جاهزة، للقيام بعمليات تجريبية للأجسام المتفجرة المصنوعة من قبلهم. استطلاع أماكن التنفيذ كشفت الأبحاث والتحريات الاستخباراتية، أن اثنين من الأشقاء الموقوفين، كلفا بمهام الاستطلاع وتحديد الأهداف المحتمل ضربها، وضبط الإحداثيات الخاصة بهذه الأماكن، إذ نفذا زيارات ميدانية تعرفا خلالها على أماكن حيوية متفرقة ورواجها حسب أوقات مختلفة، كما أنهما وثقا زياراتهما الاستطلاعية بالصور وأشرطة الكاميرا، محددين العديد من الأهداف المحتملة للمخططات الإرهابية. وبعد نجاح عملية التدخل، التي استحسنها سكان السوالم، تم اقتياد المتهمين الأربعة، من قبل عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذراع القضائي لـ"ديستي"، لوضعهم رهن تدبير الحراسة النظرية على خلفية البحث القضائي، الذي تباشره عناصر المكتب نفسه تحت إشراف النيابة العامة، المكلفة بقضايا الإرهاب، للكشف عن ارتباطات الخلية بالتنظيمات الإرهابية، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، وتشخيص كل العناصر المرتبطة بهذه الخلية الإرهابية، من أجل مباشرة مساطر الإيقاف في حقهم. وتشير المعلومات الاستخباراتية التي أكدتها إجراءات البحث، إلى أن المشتبه فيهم كانوا يعتزمون تنفيذ عمليات تخريبية باستخدام مواد متفجرة وعن بعد، قبل الالتحاق بمعسكرات تنظيم "داعش"، في منطقة الساحل جنوب الصحراء. السوالم قاعدة خلفية اتخذ الجناة منطقة السوالم قاعدة خلفية للتستر والإعداد لمخططاتهم الإرهابية، سيما أنها منطقة إستراتيجية غير بعيدة عن البيضاء وشواطئ دار بوعزة، حيث توجد مطاعم وشواطئ خاصة وغيرها من المؤسسات الأجنبية والسياحية، ناهيك عن أنهم اعتقدوا أن السوالم منطقة آمنة، بالنسبة إلى التحضير لعملياتهم الإرهابية، خصوصا أنه رغم تزايدها العمراني، وضمها لأربع جماعات تشكل قبائل أولاد حريز الغربية، إلا أنها مازالت تدار أمنيا، من قبل مراكز للدرك، إذ بالسوالم فقط التي بلغ بها السكان 100 ألف نسمة مازالت تدار أمنيا من قبل 15 دركيا، تتعدد مهامهم بين تنظيم السير والجولان بالمنطقة وبالطرق الحيوية (الطريق السيار والطريق الوطنية البيضاء الجديدة والطريق الشاطئية، في اتجاهي البيضاء وآزمور)، ويتكلفون بمختلف الأدوار الأمنية الأخرى، ومنها الخدمات الإدارية والأمنية ومحاربة الظواهر الإجرامية والقيام باختصاصات الشرطة القضائية وغيرها من المهام، ما كان سببا في رفع مطالب فعاليات سياسية وجمعوية بإحداث مفوضية أمنية، وهو ما دفع أيضا الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، إلى رفع سؤال كتابي لوزير الداخلية، في شتنبر الماضي، حول الحاجة إلى إحداث مفوضية للشرطة بحد السوالم، إذ اعتبر الفريق الاتحادي، أنه بالرغم من الجهود المبذولة من قبل الدرك الملكي رغم قلة عناصره، فإن الوضعية الأمنية التي تعرفها المنطقة تستدعي تسريع إحداث مفوضية للشرطة، للحد من مظاهر الجريمة واتساع رقعتها، وما يعنيه ذلك من مخاطر على أمن وسلامة السكان. وسبق للفريق نفسه أن طرح السؤال ذاته على وزير الداخلية في 2022، إلا أن جواب الداخلية أرجأ المطلب، بدعوى أن الشروط الموضوعية مازالت لم تتوفر.