قال إن المرحلة تطلبت ولوجه الإخراج فاختار الأصعب قدم الكثير من الأدوار على شاشة التلفزيون، ومن خلالها تعرف عليه الجمهور المغربي ونجح في فرض نفسه في الساحة الفنية، لكن بعيدا عن التمثيل، عرف بتقديم بعض الحفلات والأنشطة الفنية، واتقن المهمة، وخاض تجربة الإخراج، ومازال يحضر لتجارب أخرى في هذا المجال. هشام الوالي، فنان يسعى إلى المشاركة في العديد من الأنشطة الخيرية، بعيدا عن التلفزيون والمسرح والتمثيل. هو فنان، لكن قبل ذلك، يحرص على أن يكون أبا مثاليا،وزوجا متفهما. في هذا الخاص نتقرب من هشام الوالي الإنسان، ونعيش معه بعض تفاصيل يومه بعيدا عن التمثيل. إنجاز: إيمان رضيف/ تصوير (عبد المجيد بزيوات) يحرص الوالي على الاستيقاظ باكرا، وإيصال أطفاله إلى المدرسة، ليعود إلى المنزل، وقضاء أغراضه، وفي الكثير من الأحيان يقصد منزل والديه ويقضي معهما بعض الوقت "مازالا يقطنان بحي العكاري، رغم أننا حاولنا اقناعهما بالسكن رفقة أحدنا، أو تغيير المنزل واقتناء آخر جديد، لكنهما يرفضان الأمر ويحرصان على البقاء في المكان ذاته الذي يضم ذكرياتهما لسنوات طويلة". صديق أطفالي "ملاك روحي في عمر 15 سنة، وزينة الحياة 11 سنة، ومحمد الغالي على قلبي في سن السادسة"، هكذا تحدث الوالي عن أطفاله الثلاثة، وبهذه الكلمات حاول تلخيص مشاعره اتجاه أبنائه والحب الذي يجمعهم. "ابنتي ملاك، هي روحي وأول فرحتي وأول من قال لي كلمة "بابا"، أما زينة فهي زينة حياتي، فبعدما جاءت إلى هذه الحياة زينت حياتي، وبعد مجيئها صرت أعيش أميرا وسط 3 أميرات، بنتاي ووالدتهما، إلى أن جاء، إلى هذه الحياة محمد الغالي على قلبي، والذي يحمل اسم والد زوجتي الذي فارق الحياة بعد تعرضه لحادث سير، كان عزيزا على قلبي وبمثابة صديق مقرب". يقول الوالي إنه قلص دائرة الأصدقاء ليتفرغ لأطفاله وحتى يكون قريبا منهم والاهتمام بتفاصيل حياتهم. فخارج أوقات العمل، يكون دائما في المنزل ولا يغادره إلا لقضاء بعض الأغراض، أو التردد على منزل العائلة بحي العكاري بالرباط، حيث ولد وترعرع. "كنت حريصا على أن أكون صديق أطفالي، قريبا منهم، سيما ابنتي الكبيرة، لأنها في مرحلة المراهقة، لكن صارت هي صديقتي، وأتقاسم معها معاناتي واحباطاتي وأيضا نجاحاتي"، حسب تعبيره. يشعر الوالي أن ابنته الصغرى تحاول أيضا أن تكون صديقته المقربة، وتنافس شقيقتها في ذلك، وهو ما يسعده كثيرا "أعيش رفقة أطفالي أسعد اللحظات، لن يمنحها لي أي صديق أو زمان أو مكان، هي لحظات أعيشها في منزلي ورفقة أسرتي"، حسب تعبيره. أنا "بيتوتي"... بعيدا عن التمثيل والإخراج، يحرص الوالي أن يكون دائما رفقة أسرته وقضاء أطول وقت مع أطفاله وزوجته. يهتم بأدق التفاصيل، ويساعد أطفاله على مراجعة دروسهم، وفي أحيان أخرى يتجول رفقتهم بكورنيش المدينة والتحدث في مواضيع مختلفة. يفضل الوالي أن يملأ فراغهم بأنشطة يكون خلالها رفقتهم، سيما أنه قلص دائرة أصدقائه من أجلهم. "أنا "بيتوتي" إلى درجة أن إخواني إذا أراد لقائي يقصدون منزلي أو منزل العائلة، دون حتى أن يتصلوا بي على الهاتف، لأنهم يعلمون جيدا أنهم سيجدونني في أحدهما"، حسب تعبيره. يقول الوالي إن كل مرحلة في الحياة، تتطلب طريقة للتسيير "في الوقت الذي كنت فيه في العشرينات من العمر، كانت لدي أولويات واهتمامات أخرى، علما أنني كنت بعيدا عن المشاكل وعن "البلية" وهو ما أحمد عليه الله كثيرا، لكن في الوقت ذاته لم أكن بيتوتيا إلى هذه الدرجة التي صرت عليها اليوم". يؤكد الوالي أنه اليوم في الخمسينات من العمر، أي في سن النضج الأكبر بالنسبة إليه، وخلال هذه المرحلة "نجحت نسبيا في نيل مكانة محترمة لدى الجمهور، حتى لو كانت النسبة لا تتجاوز 10 في المائة، فأنا سعيد بما حققته، لكن الأهم أن أكون بين أسرتي وعائلتي، واخترت أن تكون سعادتي في يدي، وغير مرتبطة بأشياء أخرى". السرطان انتصر من بين أهم الأنشطة التي يحرص هشام الوالي على ممارستها، زيارة بعض المؤسسات الخيرية، سواء الخاصة برعاية كبار السن، أو الأطفال، لأنه يعتبر أن الفنان من المهم أن يحمل رسائل إنسانية. لكن في اليوم الذي التقته "الصباح"، كانت للوالي، مهمة أخرى، إذ كان يشرف على تقديم وتنظيم حفل تكريمي لنساء يواجهن مرض السرطان بإصرار وعزيمة. كان أمام الوالي يوم "مشارجي"، ففي حدود الساعة الواحدة بعد الزوال، حل بالمكان الذي كان سيحتضن الحفل، ووقف على بعض الإجراءات التقنية، وبحماس المنظمين، كان يتحدث مع تقنيي الصوت والصورة وغيرهم، لكن في الوقت ذاته يراقب ساعته حتى لا يفوته موعد خروج أطفاله من المدرسة، لأن عليه نقلهم إلى المنزل بعد خروجهم. "فقدت أختي بسبب السرطان، وهو حادث ترك جرحا عميقا في قلبي، مازال إلى اليوم مستمرا. أعتقد أن الكثير من الأشخاص مروا من التجربة ذاتها، لأن السرطان، للأسف ينتصر في الكثير من الأحيان. من أجل ذلك، فكرنا في الاحتفال بنساء نجحن في الانتصار على المرض، ومررن من رحلات شاقة للعلاج، رغم مجهودات الدولة والتي تقوم بها من أجل التخفيف من معاناتهن"، قبل أن يضيف أن مريض السرطان يحتاج أيضا إلى الدعم النفسي والمعنوي ليواصل حربه ضد المرض. يقول الوالي إنه لا يتردد في تقديم الدعم المعنوي لكل مريض، سيما النساء، وهو ما يدفعه إلى الانخراط في عدد من التظاهرات للتعبير عن موقفه، وحتى يشجعهم على الاستمرار والتحلي بالقوة في حربهم ضد المرض "الخايب". بعيدا عن الأضواء "عدم التوفيق ليس بالضرورة رسوبا"، هذا ما قاله الوالي عند الانتقال للحديث عن الإحباطات، التي مر منها خلال مسيرته الفنية، وأيضا كيف أنه يحرص على أن يتقاسم مشاعره مع أسرته الصغيرة، قبل أن يضيف أن "العملية الفنية معقدة، فإذا كان طرف واحد فيها غير جيد، فسيؤثر ذلك على الجميع، وتنقلب العملية بأكملها، من أجل ذلك يصعب التحكم في الأمر، لكن غالبا ما يكون التوفيق من الله". وتابع الوالي حديثه بالقول إن "الفنان ابن بيئته، والاحباطات ليست شخصية أو مادية. "قد يشتغل الفنان مدة، ويعيش البطالة 11 شهرا "صارت لدي المناعة والقدرة على تدبير وضعي بشكل عقلاني، ودون الدخول في أزمات. والأكثر من ذلك، صرت على يقين أن السعادة لا يمنحها أشخاص غرباء ولا أربطها بسيارة أو هاتف، إنما بأشياء أخرى، لأن السعادة اختيار". ومن اختيارات هشام الوالي، أن يبقى في الظل بعيدا الأضواء "اخترت ألا أكون تحت الأضواء، وحتى إذا نلت الشهرة، فلن يكون ذلك على حساب سمعتي، وبعيدا عن "الشوهة " و"البوز"، الذي يسعى إليه الكثير من الأشخاص، فقط من أجل الوصول إلى عالم الشهرة المزيفة"، حسب تعبيره، قبل أن يضيف أنه يحرص دائما أن يكون بعيدا عن "الفضيحة"، أو عن "الحضور التلفزيوني من أجل الحضور". وتابع الوالي حديثه بالقول إن هاجس الحضور الرمضاني يمكن أن يكون هدف بعض الأسماء الشابة، والتي مازالت في بداياتها الفنية "أنا اليوم وبعد سنوات من العمل في المجال الفني، لا أبحث عن الحضور، إنما عن دور نبيل، سيما في الوقت التي انتشرت فيه التفاهة والقبح، مع انتشار أعمال لا تشبهنا وبعيدة عن واقع المجتمع المغربي، والأكثر من ذلك، أن بعض الفنانين يكرسون ذلك بخرجاتهم غير الناضجة عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي". الشهرة تحرجني يحرص هشام الوالي أن تكون كل زاوية في منزله خاصة، لا يهتم بالمظاهر وبالقيمة المادية للأشياء، بقدر ما يهتم أنه يكون مرتاحا رفقة أفراد أسرته. "أهتم بطبيعة علاقتي بجمهوري دون أن يكون هدفي الشهرة" هذا ما قاله الفنان، قبل أن يضيف أن "الشهرة ما كتوكلش الخبز". وتابع حديثه بالقول "عندما أمر من أزمة مادية، فالشهرة لا تدق بابي، ولا تساعدني على تجاوز المحنة، لكن في بعض الأحيان قد تضعني في مواقف محرجة، وأكون فيها مضطرا إلى التنازل عن حقي لأنني لا أقوى على المطالبة به، أو حتى التعبير عن غضبي". اخترت الأصعب في الإخراج فاجأ هشام الوالي جمهوره، ودخل عالم الإخراج، ليعلن، أخيرا، عن اشتغاله على إخراج أول فيلم سينمائي طويل من إنتاجه الخاص، لكنه، إلى اليوم لم ير النور. خطوة الوالي لم تكن مفاجئة بالنسبة إليه، لأنه خاض عدة تجارب في هذا المجال، قبل الوصول إلى مرحلة إخراج فيلم سينمائي طويل، كما أشرف على إخراج أفلام قصيرة، واشتغل مساعد مخرج في أعمال تلفزيونية وسينمائية عديدة. قال الوالي إن المرحلة التي وصل إليهاـ صارت تتطلب ولوجه عالم الاخراج "رغم أنني في سن الخمسين، مازال بعض المخرجين يقترحون علي تجسيد دور شاب، ربما مازال يتابع دراسته، بالإضافة إلى أن الأدوار التي قدمتها لم تشبعني فنيا، من أجل ذلك كان علي التفكير في الإخراج". وعن أسباب تأخر أول مشروع سينمائي طويل خاص به، أوضح الوالي أنه "اختار الأصعب"، قبل أن يضيف "للأسف اخترت الأصعب لأنني كنت أهدف إلى توزيع الفيلم بفرنسا، ووجدت أن ذلك شبه مستحيل، والأكثر من ذلك، أن سيناريو الفيلم كان يتمحور حول الفكاهي بوديغ، ونظرا لانشغاله بأعمال أخرى، لم يكن من الممكن تصوير الفيلم وتخصيص أربعة أسابيع من وقته لذلك، فقررت تغيير السيناريو". هي خطوة يشتغل عليها الوالي في الوقت الراهن، ويسعى من خلالها إثبات نفسه أيضا في عالم الإخراج، وفرض اسمه.