تكريس العدالة الناجزة وإيصال الحقوق لأصحابها داخل الآجال المعقولة قال مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، إن اضطلاع رئاسة النيابة العامة، ومن خلالها باقي النيابات العامة لدى محاكم المملكة، بأدوارها الدستورية الرامية إلى المساهمة في حماية حقوق الأفراد والجماعات وحرياتهم، فرض عليها بذل المزيد من الجهود في سبيل الارتقاء بأدائها. وأضاف، في كلمة له لمناسبة افتتاح السنة القضائية 2025، أن الجهود التي قام بها قضاة النيابة العامة وأطرها أثمرت نتائج متميزة طبعتها مقومات الجدية والتفاني في أداء الواجب الوطني، والفعالية الصادقة في تكريس العدالة الناجزة وإيصال الحقوق لأصحابها داخل الآجال المعقولة، وهو ما تترجمه النتائج المسجلة على مستوى مختلف درجات النيابة العامة خلال 2024. إعداد: كريمة مصلي/ تصوير (عبد المجيد بزيوات) تمكن قضاة النيابة العامة لدى محكمة النقض من تدبير القضايا الرائجة بالمحكمة خلال 2024، إذ قدموا مستنتجات كتابية في مجموع القضايا المحكومة، وبمعدل سنوي يقدر بأكثر من 1017 مذكرة لكل محام عام، علما أنه من المفترض أن تعرف هذه السنة تسجيل زيادة في عدد القضايا على غرار السنة الماضية، سيضاف إليها مخلف 2024، الشيء الذي يتطلب مضاعفة المحامين العامين لجهودهم ضمانا للرفع من جودة العمل وتعزيز فعالية حضور النيابة العامة. مضاعفة الجهود بمحكمة النقض شدد الداكي على أنه إذا كان المشرع قد أوكل لمحكمة النقض النظر في الطعون المقدمة ضد الأحكام والقرارات الصادرة عن محاكم المملكة، فقد أبان قضاتها من خلال تدبيرهم لمختلف القضايا المعروضة عليهم عن حس عال بالمسؤولية والجدية. وأشار في هذا الصدد إلى قضايا أخرى تعرض على أنظار غرفها حصريا من قبل النيابة العامة لدى محكمة النقض، إذ تم تقديم 63 طلب التسليم خلال 2024، و67 طلب المراجعة، إلى جانب تقديم 7 طعون بالنقض لفائدة القانون، و27 طلب الإحالة من أجل حسن سير العدالة. كما بسط الداكي باقي أنشطة النيابة العامة لدى محكمة النقض، موردا أنه تم البت في ما مجموعه 154 طلبا للمساعدة القضائية، والنظر في الشكايات المتوصل بها، إذ تم خلال 2024 تسجيل نشاط ملحوظ لشعبة الشكايات بما مجموعه 1103 شكايات اتخذت بشأنها كلها الإجراءات القانونية المناسبة. وأكد الداكي أنه إذا كان نشاط النيابة العامة لدى محكمة النقض خلال 2024 قد تميز بجدية قضاتها وأطرها والتفاني في أداء المهام المنوطة بهم، مما مكن من تحقيق النتائج المنوه بها، فإن الروح والإيجابية نفسهما ميزتا أيضا عمل النيابات العامة لدى المحاكم بمختلف أقاليم المملكة. طفرة نوعية شهد عمل النيابات العامة لدى محاكم المملكة طفرة نوعية خلال 2024، إذ تم تسجيل ما مجموعه 565874 شكاية، أنجز منها 484066 شكاية، أي بنسبة إنجاز بلغت 88 في المائة، توزعت هذه الشكايات بين 31664 شكاية لدى محاكم الاستئناف، صفيت منها 28594 بما نسبته 91 في المائة، بينما بلغ عدد الشكايات أمام المحاكم الابتدائية 534210 شكايات صفيت منها 455.472 شكاية، أي بنسبة 86 في المائة. أما على مستوى المحاضر الرائجة أمام النيابات العامة، فقد بلغ عددها خلال 2024 ما مجموعه 2.324.109 محاضر، أنجز منها 2.179.746 محضرا، أي بنسبة إنجاز بلغت 94 في المائة، موزعة بين محاكم الاستئناف التي سُجِّل بها 80.697 محضرا، أنجز منها 73.484، أي بنسبة فاقت 91 %، بينما وصل عدد المحاضر الرائجة أمام المحاكم الابتدائية 2.243.412، أنجز منها 2.106.262 محضرا، بنسبة إنجاز قاربت 94 %، بالإضافة إلى تسجيل حوالي 1.812.206 محاضر إلكترونية، تتعلق بمخالفات السير، تم اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنها كلها. الاعتقال الاحتياطي... انخفاض غير مسبوق قال الداكي إن نسبة الاعتقال الاحتياطي إلى غاية نهاية دجنبر 2024 بلغت حوالي 32.56 في المائة، وهي نسبة غير مسبوقة، مقابل 37.56 في المائة خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، مما يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه السلطة القضائية لموضوع ترشيد الاعتقال الاحتياطي والبت في قضايا المعتقلين في آجال معقولة. وأضاف الداكي أن عدد زيارات الأماكن المخصصة للحراسة النظرية بلغ 22137 زيارة من أصل 19032 مفترضة، أي بنسبة 116 في المائة، إلى جانب 177 زيارة لمختلف المؤسسات العلاجية للأمراض العقلية والنفسية من أصل 136 زيارة مفترضة، أي بنسبة تقدر بـ130 في المائة. أما بخصوص الزيارات المنجزة للمؤسسات السجنية، فقد بلغ عددها خلال السنة نفسها ما مجموعه 1104 زيارات من أصل 912 زيارة مفترضة، أي بنسبة بلغت 121 %. مما يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه النيابات العامة لموضوع حماية حقوق وحريات الأشخاص. الفئات الهشة... حمايتها أولوية تعمل النيابات العامة بمختلف المحاكم على حماية الفئات الهشة، وتعتبرها ضمن أولوياتها، إذ سجل رئيس النيابة العامة معالجة حوالي 84.822 شكاية تتعلق بالعنف ضد النساء، توبع بشأنها ما يناهز 21.898 شخصا وفتح لهم 17.822 ملفا، علاوة على 195 قضية تتعلق بجريمة الاتجار بالبشر اتخذت بشأنها التدابير والقرارات القانونية اللازمة. كما حرصت النيابات العامة على ضمان حق الأطفال في التعلم والتمدرس، وعملت على تفعيل مضامين الاتفاقية المبرمة بين رئاسة النيابة العامة والاتحاد الوطني لنساء المغرب ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بشأن الحد من الهدر المدرسي بهدف الوقاية من زواج القاصر، فساهمت في التعبئة القوية لإعادة إدماج المنقطعين عن الدراسة، إذ بلغ عدد الأطفال المسترجعين برسم الموسم الدراسي 2023 - 2024 ما مجموعه 71.662 تلميذا وتلميذة، شكلت نسبة الفتيات منهم 38 في المائة، وبلغ عدد الملتمسات الصادرة عن النيابة العامة برفض الإذن بزواج القاصر ما مجموعه 13762 ملتمسا، أي بمعدل 86 في المائة من مجموع الطلبات المسجلة خلال 2024. الخط المباشر... التخليق مستمر أكد الداكي انخراط رئاسة النيابة العامة في السهر على تنفيذ السياسة الجنائية بشأن محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة وحماية المال العام، مبرزا أن الاعتماد على آلية الخط المباشر الذي وضعته رئاسة النيابة العامة للتواصل مع مرتفقي العدالة أظهر نجاعته وسيلة فعالة للتبليغ عن جرائم الرشوة والفساد، حيث مكن استعمال هذا الخط خلال 2024 من ضبط 61 مشتبها فيهم في حالة تلبس بالرشوة، فيما بلغ مجموع الحالات منذ اعتماده في أبريل 2018 ما مجموعه 360 حالة. وأبرز رئيس النيابة العامة أنه في إطار تفعيل التنسيق والتعاون مع هيآت الرقابة والحكامة المالية والمؤسسات ذات الاهتمام المشترك المعنية بمكافحة الفساد، توصلت رئاسة النيابة العامة خلال 2024 بـ 12 تقريرا من المجلس الأعلى للحسابات، تمت إحالتها كلها على النيابات العامة المختصة قصد فتح الأبحاث اللازمة بشأنها. 801 قضية غسل الأموال شكلت 2024 مرحلة متميزة لقياس نجاعة الإجراءات المتخذة والبرامج المعتمدة في هذا الإطار، إذ تم تسجيل 801 قضية على مستوى المحاكم الابتدائية الأربع المختصة في هذا النوع من القضايا. وفي هذا الصدد، قال الداكي إن رئاسة النيابة العامة توصلت بمجموعة من طلبات التعاون القضائي وطلبات تسليم المجرمين تمت إحالتها على النيابات العامة المختصة لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة بشأنها، كما عملت على إبرام اتفاقيات تعاون أو مذكرات تفاهم مع النيابة العامة لبعض الدول الصديقة خلال 2024، من بينها توقيع مذكرة تفاهم مع النيابة العامة بروسيا الاتحادية، ومع النيابة العامة الفدرالية بالمملكة البلجيكية. إلى جانب انتخاب رئاسة النيابة العامة بالمغرب لتولي منصب الأمانة العامة لجمعية المدعين العامين الأفارقة واختيار المغرب مقرا دائما لهذه لجمعية، على هامش انعقاد المؤتمر السابع عشر للجمعية بمدينة مراكش. التكوين المستمر... مدخل النجاعة القضائية أقر الداكي بأهمية التكوين المستمر باعتباره أحد المداخل الأساسية للرفع من النجاعة القضائية، مشيرا إلى أن رئاسة النيابة العامة نظمت عدة دورات تكوينية استفاد منها حوالي 911 مشاركا، موزعين على قضاة النيابة العامة وقضاة التحقيق وقضاة الحكم، بالإضافة إلى ضباط الشرطة القضائية وممثلي إدارات أخرى، كما عملت رئاسة النيابة العامة على مراجعة هيكلها التنظيمي، عبر إضافة قطب خاص بالتحديث ونظم المعلومات، من أجل كسب رهان التطوير والتحديث والرقمنة. وأكد الحرص على مواصلة تنفيذ إستراتيجية رئاسة النيابة العامة في مجال تنفيذ السياسة الجنائية، من خلال العمل على تعزيز سيادة القانون من أجل ضمان أمن المجتمع واستقراره، بما يكفل حماية حقوق وحريات الأفراد والرفع من مستوى الجاهزية للتصدي لمختلف أنواع الجرائم، خاصة الخطيرة منها، وتخليق الحياة العامة، والسهر على مضاعفة الجهود، من أجل ضمان احترام الآجال المعقولة للبت في الشكايات والمحاضر، والعمل على تجويد مؤشرات قياس النجاعة وتعزيز القيم الأخلاقية في مجال العدالة الجنائية، وغير ذلك من النقط التي استعرضها. ولم يفت رئيس النيابة العامة التأكيد على محورية العنصر البشري في كل عمل مؤسساتي، مطالبا بتعزيز الموارد البشرية للنيابة العامة، من خلال تعزيز صفوفها بعدد كاف من القضاة يقدر بحوالي 1000، وأيضا من أطر كتابة الضبط المؤهلين. الداكي: ضرورة الإسراع بإخراج القوانين طالب مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، ورئيس النيابة العامة، بالإسراع بإخراج القانون الجنائي والمسطرة الجنائية والنصوص المنظمة للمهن القانونية والقضائية، مشيرا إلى أن حجم التحديات التي لا تزال تنتظر النيابة العامة من أجل أداء رسالتها كبير جدا، وأنها ستواصل العمل من أجل تعزيز الآليات المناسبة لاشتغال النيابات العامة، خاصة ما يتعلق بالمنظومة التشريعية، داعيا في الوقت نفسه إلى تعزيز الآليات المؤسساتية المساعدة لضمان حقوق الفئات الهشة بمختلف أصنافها، والزيادة في عدد مراكز الإيواء وتعزيز البرامج الحمائية للنساء والأطفال ضحايا العنف مع إيلاء الأهمية اللازمة للأفراد ضحايا الاتجار بالبشر والتسريع بإخراج مشروع القانون المتعلق بالوكالة الوطنية لحماية الطفولة إلى حيز الوجود، والذي يعتبر لا محالة لبنة متميزة للعناية بأطفالنا وإعادة إدماجهم في بيئتهم الطبيعية.