شاءت الصدف أن يعرض ملفان جنحيان، الاثنين الماضي، بمحكمة عين السبع، الأول في الفترة الصباحية، ويتعلق بعبد المومني، المتابع في سراح بجنحة إهانة هيآت منظمة، والتبليغ عن جريمة خيالية يعلم بعدم حدوثها وغيرها، والملف الثاني كان في فترة بعد الظهر، ويتعلق بملف "ولد الشينوية"، المتابع من أجل السب والقذف والمس بالحياة الخاصة، عبر نشر ادعاءات بواسطة الأنظمة المعلوماتية، بغرض التشهير والهجوم على محل الغير والسب والشتم وغيرها. المحكمة كانت مطوقة، منذ الثانية عشرة ظهرا، والبوابة الضيقة يحرسها أمنيون، كان الله في عونهم بسبب الازدحام الكبير الذي ميز ذلك اليوم. رغبة جامحة من قبل الوافدين للولوج، وإصرار صارم من قبل رجال الشرطة على ألا يدخل إلا من له قضية أو غرض إداري. زحمة البوابة الضيقة المحاصرة بسياج حديدي، منعت حتى بعض المحامين من الولوج، فأجساد النساء والشباب تحولت إلى سياج مانع، لولا يقظة رجال الأمن، الذين كانوا يعتمدون سياجا جانبيا، يسمحون من خلاله بولوج المهنيين. البوابة تفضي إلى ممر ضيق يوصل للباب الرئيسي للمحكمة الزجرية، وبجانب ذلك الممر سياج، يفصل عن ممر فسيح لعمالة عين السبع. ترى هل ترك بوابة فسيحة وكبيرة لبناية تابعة للداخلية، وتضييق تلك المخصصة للمرفق القضائي، يحملان رسالة ما؟ الله والراسخون في الإدارة أعلم، لكن المشهد يفضح الصورة، والصورة تتحدث عن نفسها. لم يكن الازدحام مميزا للبوابة الضيقة فقط، بل كانت الفضاءات الجانبية مملوءة بدورها، البعض اختار أن يبتعد إلى الحديقة المقابلة للمحكمة بعد عبور خط "الترامواي"، وآخرون ظلوا متكدسين بين البوابة المخصصة للنيابة العامة وولوج المعتقلين، وتلك الضيقة المخصصة للعموم. أما أسباب هذا الإقبال المنقطع النظير، فكانت محاكمة "ولد الشينوية"، فالأتباع لا ينتظرون ما سيكتبه الإعلام عنها، ولا ما سيبث في "تيكتوك" و"فيسبوك" و"يوتوب"، بل يريدون أن يروا مشاهد حية لـ "ولد الشينوية"، وأن يحضروا هذا اليوم التاريخي المشهود بالنسبة إليهم؟ داخل المحكمة، وبالقاعة التي خصصت للنظر في قضية هذا المعتقل الفريد، امتلأت الكراسي قبل موعد المحاكمة بأزيد من ساعة، وعند انطلاقها، تحولت بوابة القاعة إلى ما يشبه ما عاشته البوابة الضيقة عند مدخل المحكمة الزجرية، وحاصرت الأجساد البشرية من جديد كل راغب في الولوج، ولو كان محاميا. ملحوظة مهمة لها علاقة بما سبق، هي أن الجلسة الصباحية التي خصصت لقضية الحقوقي والخبير الاقتصادي، عبد المومني، مرت بسلام ورخاء ولم يحضرها إلا بضعة أشخاص، وظلت بعض الكراسي المخصصة للعموم فارغة. للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma