التشويق سيد المحاكمة والأنظار تتجه لجلسة الغد لمعرفة قرار المحكمة دقت الساعة العاشرة وتسع دقائق من صباح الجمعة الماضي، ليفتح الباب الذي يلج منه المتهمون في حالة اعتقال، إلى القفص الزجاجي، في انتظار دخول هيأة المحكمة بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية البيضاء، التي يرأسها علي الطرشي، إلى القاعة والشروع في الاستماع إلى تعقيبات محامي المتهمين في ملف "إسكوبار الصحراء" على النيابة العامة في شأن الطلبات الأولية التي سبق أن تقدموا بها، ولم تتجاوب معها النيابة العامة في العديد من النقاط. إعداد: كريمة مصلي دخل ملف "إسكوبار الصحراء" مرحلة التشويق، رغم أنه لم تتم بعد مناقشة موضوع القضية ومازالت الجلسات الأولى التي تخص المطالب الأولية والدفوع الشكلية هي المؤطر للمحاكمة، لكن الإثارة والمفاجآت التي يحملها الدفاع في جبته تؤكد أن الملف لن يكون عاديا في الجلسات المقبلة. المالي بين شاهد ومطالب بالحق المدني على امتداد الجلسات السابقة، مازال ملف "إسكوبار الصحراء"، في البداية، ولم يتجاوز بعد الطلبات الأولية، إذ خصصت جلسة الجمعة الماضي، إلى تعقيبات المحامين على النيابة العامة في شأن معارضتها للعديد من الملتمسات. كانت البداية مع محامي سعيد الناصري، الرئيس السابق لمجلس عمالة البيضاء، ومن بين النقاط التي كانت مثار تعقيب تلك المتعلقة برفض استدعاء الحاج بنبراهيم، إذ رفضت النيابة العامة بمبرر أنه طرف مدني والطرف المدني ليس ملزما بالحضور، في حين أن الدفاع في تعقيبه استدل بدستور المملكة الذي جاء في ديباجته أن الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة تسمو فور نشرها على القوانين الوطنية و تم الاستدلال بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يعطي الحق للمتهم في أن يواجه بشهود الإثبات وتعطيه الحق في إحضار شهود النفي، خاصة أن المدعو المالي استمع إليه قاضي التحقيق شاهدا في البداية، بل وعلل الأمر بالإحالة بتصريحات المالي الشاهد متعدد الصفات والمراكز القانونية. الزمن القضائي لتحقيق المحاكمة العادلة سبق للنيابة العامة في تعقيبها على الطلبات الأولية، أن التمست رفض طلب استدعاء شهود اللائحة، لأن ذلك سيؤدي إلى إهدار الزمن القضائي، وهو ما فنده دفاع الناصري، المحامي جدوي، في جلسة الجمعة الماضي، إذ أكد أن الفصل 120 من الدستور الذي يحث على صدور الأحكام في آجال معقولية وأهم وجه من أوجه المعقولية هو التطبيق السليم للقانون، حيث لا يمكن التذرع بالسرعة لبخس المتهمين حقوق دفاعهم، وتم الاستدلال بالخطاب الملكي السامي المؤرخ في 15/12/1999 لمناسبة افتتاح أشغال المجلس الأعلى للقضاء و الذي جاء فيه، "على أن تكون هذه الأحكام صادرة عن التطبيق السليم للقانون وفق مقتضيات نصوصه وما يمليه ضمير القاضي". شهود اللائحة ضروريون شدد دفاع سعيد الناصري، على طلبه استدعاء مدير سجن مدينة الجديدة، لأن المالي "أجرى مكالمات هاتفية كثيرة مع الناصري كما ورد في المحاضر، من الخط الثابت وهو ما ينافي القوانين، الخاصة بالمؤسسات السجنية التي تتطلب للسماح للسجين بإجراء مكالمات مع شخص خارج السجن أن تكون هناك روابط قرابة وأن يتم مد المؤسسة بالاشتراك الهاتفي للشخص الراغب في إجراء المكالمة معه، وهو ما يطرح أسئلة، هل المالي تربطه أي علاقة بالناصري لإجراء تلك المكالمات؟ أم أنه كان يحظى بمعاملة تفضيلية وأن حضور مدير السجن ضروري لكشف الحقائق؟ وذكر المحامي، أن هذه المكالمات المتكررة التي أجراها المالي مع الناصري، تمت من هواتف ثابتة داخل السجن، مستغربا، كيف حدثت كل هذه المكالمات بدون علم مدير السجن. وفي السياق ذاته، أثار المحامي ما اعتبره "تناقضا في تصريحات لطيفة رأفت حول واقعة زواجها مع المالي"، وقال المحامي جدوي، إن "إسكوبار الصحراء" زعم في تصريحاته "أن لطيفة رأفت نظمت حفل عشاء من أجل احتفالها بعقد قرانها مع "المالي"، إلا أن المالي، قال في المحاضر إن هذا الحفل كان بمثابة لقاء تنسيقي في منزلها بحضور الناصري وغيزاوي، في 17 دجنبر2013، وارتباطا بما أثاره دفاع الناصيري، قدم الأخير نسخة من عقد زواج الطرفين الذي يثبت بحسبه، أن تاريخ عقد القران هو 16 يناير 2014، ملمحا إلى أن التضارب في التصريحات يثبت عدم وجود لقاء تنسيقي من أجل شحن مخدرات. وأضاف المحامي، أن "لطيفة صرحت أمام قاضي التحقيق بأنها تعرفت على المالي بنبراهيم، في مهرجان زاكورة بتاريخ 27 دجنبر 2013، أي بعد التاريخ الذي زعم فيه المالي حدوث اللقاء التنسيقي المذكور في منزلها"، معتبرا أن هذه التناقضات في التصريحات تثير الشكوك في مصداقية المالي، كما تشكك في وجود علاقة بين الناصري وتجارة المخدرات. النيابة العامة تحمل "فيتو" الرفض واجه ممثل الحق العام في غرفة الجنايات باستئنافية البيضاء، في رده على الطلبات الأولية في ملف "إسكوبار الصحراء"، في جلسة سابقة عن تلك التي عقدت الجمعة الماضي، بالرفض، خصوصا ما تعلق باستدعاء تاجر المخدرات الدولي المالي، إلى جانب الرئيس السابق للاتحاد الإفريقي لكرة القدم أحمد أحمد. وعبر نائب الوكيل العام للملك رفضه الطلب الذي تقدم به دفاع الرئيس السابق لنادي الوداد البيضاوي سعيد الناصري، المتعلق باستدعاء المالي "إسكوبار الصحراء"، مسجلا أنه طرف مدني في الملف، وأنه لا وجود لمسوغ قانوني يمنح الازدواجية في المواقع القانونية ويتيح الإمكانية لشخص انتصب طرفا مدنيا، وفي الوقت نفسه يحضر شاهدا. وبخصوص الطلب الذي تم التقدم به، المتعلق باستدعاء رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم السابق أحمد أحمد، وسبق لدفاع الناصري التأكيد على أنه أوكل لهذا الأخير اقتناء فيلا بكاليفورنيا، فإن النيابة العامة عبرت عن رفضها ذلك، طالما لا يوجد ما يبرر. وذهب نائب الوكيل العام للملك في مرافعته إلى أن الناصري لم يقدم عبر دفاعه ما يثبت أن الرئيس السابق لـ"الكاف" يملك الفيلا المذكورة، أو قام بتحويل مالي لهذا الغرض. وشدد ممثل الحق العام على أنه يتوجب تقديم تصريح جمركي يفيد إدخال المسؤول المذكور أموالا تتجاوز ما هو مسموح به قانونا، أو بتقديم موافقة مكتب الصرف في حال تحويل الأموال عبر المؤسسات البنكية، معتبرا أن استدعاء أحمد أحمد للمثول أمام المحكمة، يبقى إجراء معقدا، على اعتبار أنه ليس مواطنا مغربيا وليس مقيما فوق التراب الوطني. إنسانية قاض في كل جلسة من جلسات المحاكمة للهيأة، التي يترأسها علي الطرشي، تظهر ملامح إنسانية القاضي في التعامل مع أبسط الأمور، والتي قد لا يبالي بها الكثير، ولكنها تشكل "تيرموتير" الإنسانية التي يجب ان يحتدى بها أي قاض، ففي جلسة الجمعة الماضي، أثار انتباه علي الطرشي رئيس هياة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية باستئنافية البيضاء، التعب الذي شعر به عون المحكمة في تلك الجلسة من كثرة الوقوف فطلب منه أن يحضر كرسيا للجلوس عليه، ولم تكن تلك الالتفاتة الوحيدة التي شهدتها تلك الجلسة بل تلتها أخرى بعدما أوقف محاميا كان يقدم ردوده على المطالب المدنية، ليطلب من كاتب الضبط بالجلسة الذي كان يعمد إلى تدوين مجرياتها بتغيير مكانه والجلوس بجانب الهيأة بسبب أشعة الشمس التي عاقت عمله، وانتبه لها القاضي. التنقيب في الوثائق الدقة في التعامل مع الملف، دفعت علي الطرشي، بعدما منحه محامي سعيد الناصري وثيقة تتعلق بتاريخ انعقاد مهرجان زاكورة، والتي تضم تاريخا لاحقا عن اللقاء المزمع انعقاده في فيلا لطيفة رأفت، إلى الانتباه إلى شيء ما بالوثيقة ليطلب من المستشار الذي بجانبه أن يتصفح وثائق الملف التي كانت أمام الهيأة، لمقارنة ربما تلك التواريخ، وهو ما يؤكد أن هيأة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لا تترك أي تفاصيل ولو كانت صغيرة تمر مرور الكرام من أمامها، واستغرق الأمر مدة من الزمن، ظل فيها الطرشي ينتبه لما يروج أمامه، فيما المستشار الثاني بالهيأة ينقب والثالث يسطر بعض النقاط التي ستشكل محور المداولة في تلك الطلبات الأولية. الحسم في المطالب قررت هيأة الحكم بغرفة الجنايات الابتدائية تأخير ملف ما يعرف بـ»إسكوبار الصحراء»، إلى غد (الثلاثاء)، للبت في المطالب الأولية التي تقدم بها دفاع المتهمين، أبرزهم القيادان السابقان في حزب الأصالة والمعاصرة، سعيد الناصيري الرئيس السابق عمالة البيضاء، وعبد النبي بعيوي الرئيس السابق لمجلس جهة الشرق، على أن تشرع الهيأة بعد ذلك في جلسة الجمعة المقبل في الاستماع إلى الدفوع الشكلية، التي سيتقدم بها محامو المتهمين، قبل الشروع في الدخول إلى جوهر الملف ومناقشته مع المتهمين.