غيب الموت خلال الساعات الأولى من صباح أول أمس (السبت) الفنان الأمازيغي عموري مبارك، بإحدى مصحات البيضاء بعد معاناة مع المرض، عن سن ناهز الرابعة والستين.لم يكن عموري مبارك اسما عابرا في خارطة الأغنية المغربية، خاصة الأمازيغية، إذ شكل مدرسة قائمة الذات، في التعاطي مع الموروث الغنائي الأمازيغي وفتحه على إمكانات تعبيرية وموسيقية استهدفت قاعدة جماهيرية أرحب وصلت إلى العالمية.بلغت شهرة هذا الفنان الاستثنائي المتحدر من منطقة "إيركيتن" بتارودانت، مداها أواسط الثمانينات من خلال أغنية حين حصل على الجائزة الأولى في مهرجان لأغنية المغربية بالمحمدية عن طريق أغنية "جانفيلي" للشاعر علي صدقي أزايكو التي صورت معاناة مهاجري سوس بفرنسا.واعتبر الباحث والناشط الأمازيغي أحمد عصيد، رحيل عموري مبارك بمثابة خسارة كبرى للفن المغربي والأمازيغي، لكن العزاء الوحيد لعشاقه، هو أنه شكل مدرسة أنجبت جيلا كاملا من الفنانين الشباب الذين ساروا على نهجه في تطوير الأغنية العصرية.وأضاف عصيد، في حديث مع "الصباح"، أن الراحل عرف بمواهبه في التأليف الموسيقي، واستلهام ألحان المقام الخماسي الذي يميز الموسيقى الأمازيغية، إضافة إلى مواهبه في التوزيع الموسيقي وتطعيم الأغنية الأمازيغية بآلات كانت تبدو غريبة عليها مثل الفلوت والكيتار والكمان وغيرها.وتحدث الباحث الأمازيغي عن تجربة عموري مبارك مع مجموعة "أوسمان" قائلا إن هذه المجموعة كانت استجابة لحاجة اجتماعية لجيل جديد من الشباب الأمازيغي تفتح وعيه في الأوساط الحضرية، كما كان أفراد المجموعة جلهم من المثقفين والدارسين للموسيقى ويستطيعون كتابتها وتدوينها بالنوتة، ما أعطى مشروعهم الفني بعدا أكاديميا جادا.وتتميز تجربة عموري مبارك، يؤكد عصيد، في أنه تعاطى مع نصوص الحداثة الشعرية الأمازيغية، أمثال علي صدقي أزايكو وإبراهيم أخياط ومحمد مستاوي وغيرهم، ولم يقتصر فقط على الشعر الأمازيغي التقليدي الموزون. وكان الراحل عموري مبارك بدأ مساره الفني رفقة مجموعة "سوس فايف"، التي كانت تؤدي أغاني بالأمازيغية والفرنسية والإنجليزية، قبل أن ينضم إلى العمل الجمعوي من خلال انخراطه في الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي التي كانت وراء تأسيس مجموعة "ياه" التي ستحمل ابتداء من 1975 اسم مجموعة "أوسمان" وتعد أول مجموعة أمازيغية تدخل عالم المجموعات بالمغرب، إلى جانب مجموعات ناس الغيوان، وجيل جيلالة، ولمشاهب.هي فرقة موسيقية متخصصة في الطابع الأمازيغي شعرا و لحنا و إيقاعا.أسسها رفقة كل من بلعيد العكاف وسعيد بجعاض (عازف كمان بالجوق الوطني التابع للإذاعة المغربية) وعازف الأورغ المعروفي وعازف الإيقاع بوتروفين إضافة إلى عنصرين آخرين (الأول عازف القيثار باص و الثاني عازف كمان).وتميزت مجموعة "أوسمان" عن باقي المجموعات الموسيقية الأمازيغية الأخرى، بتأثرها الكبير بالموسيقى من خلال الاعتماد على آلات القيثارة، والكمان، والأكورديون، والمقامات الموسيقية الحديثة.عزيز المجدوب