تقرير مجلس المنافسة قال إن هامشه يصل إلى 34 في المائة من سعر البيع النهائي رغم الكلام الكثير الذي يثار حول الوسطاء كلما شهدت أسعار المواد الغذائية، خاصة الخضر والفواكه ارتفاعا، تقف الدولة عاجزة أمام سلسلة من المصالح يصعب كسرها أو اختراقها، بل إن مسؤولين صرحوا بأنهم يرغبون في إدماج الوسطاء. ويملك الوسطاء معرفة كبيرة بمجال اشتغالهم، ويتميزون بالقدرة على ربط علاقات مع تجار الجملة والفلاحين، ويملكون مخازن كبيرة يحتفظون فيها بأطنان من الخضر والفواكه، ويتحكمون في الأسعار بطريقة أو بأخرى. وحسب رأي أدلى به مجلس المنافسة، حول وضعية المنافسة في أسواق الخضر والفواكه بالمغرب، فإن هناك اختلالا كبيرا في توزيع الأرباح داخل قطاع الخضر والفواكه، ففي الوقت الذي يكافح فيه المزارعون للحفاظ على الربحية، وغالبا ما يكونون في طليعة التحديات الزراعية والاقتصادية، يتمتع الوسطاء بحصة غير متناسبة من الأرباح. وتبين لمجلس المنافسة أن الوسطاء هم أكثر الفئات التي تسيطر على نسبة مهمة من الربح، رغم أنها لا تقوم بجهد كبير، مقارنة بالفلاح المنتج أو البائع بالتقسيط، إذ أشار الرأي إلى أن "الأسعار المدفوعة للمنتجين نسبة صغيرة نسبيا من سعر البيع النهائي، أقل بقليل من 30 في المائة لجميع المنتجات التي تمت دراستها، وهذا يسلط الضوء على الفجوة بين الدخل الذي يحصل عليه المنتجون والسعر النهائي الذي يدفعه المستهلكون". وتابع رأي مجلس المنافسة، أن الأسعار ترتفع مع انتقال المنتجات على طول السلسلة من المنتج إلى المستهلك، مشيرا إلى أن "الهامش الإجمالي للوسطاء يمثل العنصر المهيمن في تشكيل أسعار البيع، حيث يمثل في المتوسط 34 في المائة تقريبا من السعر النهائي، وبالتالي يتجاوز الهامش الإجمالي لتجار الجملة وتجار التقسيط". وأبرز التقرير أن "هيكل الأسعار بين المنتجين والموزعين وتجار التقسيط يظل مستقرا نسبيا حسب مجموعة المنتجات، أي المنتجات الأساسية (الطماطم والبصل والبطاطس مقارنة بالمنتجات غير الأساسية الموز والتفاح)". وأكد رأي مجلس المنافسة أنه "غالبا ما يحصل المنتجون الموجودون في الصفوف الأمامية على جزء ضئيل جدا من سعر البيع النهائي، في حين يحقق الموزعون وتجار التقسيط هوامش ربح أعلى. ويؤدي هذا التفاوت في توزيع الأرباح إلى حرمان المنتجين من الأرباح، مما يضر بقدرتهم على الحفاظ على استدامة الإنتاج وتلبية احتياجات السوق من حيث الكم". وأشار مجلس المنافسة إلى مسألة أن الوسطاء لديهم قوة وسلطة على الأسواق، إذ قال إن "الوسطاء يتمتعون بقوة سوقية كبيرة، مما يمنحهم دورا مهيمنا في تحديد الأسعار وظروف السوق في مقابل كل من المنتجين والمستهلكين النهائيين، في الواقع يعمل الوسطاء باعتبارهم صانعي أسعار، ويؤثرون على الظروف الاقتصادية لقطاع الخضر والفواكه". وسلط المجلس الضوء على الموقع الإستراتيجي للوسطاء، الذي يمكنهم من فرض الأسعار التي يمكن للفلاحين بيع منتجاتهم بها، والأسعار التي يجب على المستهلكين النهائيين شراؤها بها، ويثير هذا الوضع اختلالا في توازن القوى، يمكن أن تكون له تداعيات على امتداد سلسلة القيمة". وسبق لوزير الفلاحة الحالي، أن صرح بأن الدولة لا تريد محاربة الوسطاء أو "الشناقة"، بل ستحاول إدماجهم في السلسلة، لأنهم يقومون ببعض الأدوار، التي تساهم في وصول السلع إلى المستهلك، خاصة في الخطة المستقبلية التي تعدها وزارتا الفلاحة والداخلية وقطاعات أخرى، من أجل جعل أسواق الجملة تدبر بطريقة عصرية وشفافة. عصام الناصيري