عجز المغرب عن استثمار ارتباط الجالية المغربية بالخارج بأرض الوطن، ورغبتها في المساهمة في تنميته. فالجالية، في نظر كثير من المسؤولين، هي مصدر تحويلات مالية، و"كنز" من العملة الصعبة يجب الظفر به... وكفى المؤمنين شر القتال. لا يرى المسؤولون أن الشعارات والبلاغات التي تحتفي بعودة أفراد الجالية في العطلة الصيفية، تبخس في عمقها علاقة الجالية بوطنها، فتنظيم لقاءات مع فئات من المهاجرين أو الاحتفال باليوم الوطني للجالية، لن يحجبا حقيقة علاقة موسمية تنتهي بانتهاء العطلة الصيفية، رغم العدد الكبير من المؤسسات والجمعيات، التي تدعي مواكبتها لأفراد الجالية. لا نتحدث عن شكاوى أفراد الجالية، التي تتنوع بين منازعات عقارية وقضايا شخصية، مثل الزواج والطلاق، إلى جانب مشكلات إدارية تتعلق برخص البناء أو إقامة مشاريع استثمارية، والتي قد تجعل مقام الوافد إلى المغرب شاقا، وربما قد يعصف بأيام عطلته القصيرة، بل يتعلق بغياب التشجيع على الاستثمار في المغرب، وتذليل الصعاب أمام المئات، الذين يرغبون في العودة إلى وطنهم بصفة نهائية، شريطة فتح الأبواب أمامهم للمساهمة في التنمية. هناك تحديات كثيرة تحكم علاقة الجالية بوطنها، فيكفي الإشارة إلى ضعف المبادرات التشريعية التي تعالج هموم هذه الفئة بشكل مباشر، فالحكومات المتعاقبة لم تقدم تشريعات كافية تعنى بمغاربة العالم، علما أن الملك محمد السادس سبق أن دعا المشرعين إلى العمل على تشريعات ملائمة، إضافة إلى جعل المغاربة المقيمين بالخارج ضمن قلب اهتمامات الحكومات. يحكي مغربي يقيم في أوربا أنه قرر العودة إلى الوطن للاستثمار فيه، واعتقد أن كل الشعارات التي تشير إلى الاهتمام بأفراد الجالية كفيلة بفتح الأبواب أمامه، لكن صدمته كانت كبيرة جدا، فرغم أنه يمتلك تجربة كبيرة في مجاله وتعامل مع مؤسسات دولية في أوربا، إلا أنه وجد نفسه في المغرب يواجه أخطبوطا من الفاسدين، الذين ينظرون إلى أمواله، أكثر من سعيهم إلى مساعدته في الاستثمار، قبل أن يتراجع عن مشروعه، ويعود بخفي حنين إلى أوربا. تجربة المستثمر تكشف التحدي الكبير في احتضان أفراد الجالية المغربية وطموحها في مشاركة الوطن في التنمية، إذ كيف يمكن تشجيع مغاربة العالم على القيام باستثمارات توفر ثروة حقيقية وتساهم في توفير فرص عمل، أمام بيروقراطية قاتلة؟ لن ينفع الاهتمام بالجالية المغربية، إذا لم تواكبه طمأنة أفرادها بتعزيز آليات التواصل وتذليل العقبات أمام الراغبين في إقامة المشاريع الاستثمارية، عبر تبسيط الإجراءات الإدارية ومختلف المساطر، والأهم تغيير العقليات تجاههم. خالد العطاوي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma