شهيد: تم الإجهاز على آلية تناول الكلمة في حدث طارئ والتويزي: المعارضة تمارس السياسة من بابها الضيق هددت فرق المعارضة بمجلس النواب بالانسحاب، مرارا، من جلسة الأسئلة الشفوية، احتجاجا على عدم تفاعل الوزراء مع طلبات الإحاطة علما بحدث طارئ. وانتظرت المعارضة طويلا لتفعيل المادة 152 من النظام الداخلي لمجلس النواب، بخلاف ما وقع في الولايات التشريعية السابقة، دون جدوى. وأمام تهرب الوزراء من المحاسبة الفورية حول قضايا طارئة، لإخبار الرأي العام بمواقف الحكومة، نفذت فرق ومجموعات المعارضة تهديداتها وانسحبت للمرة الأولى لدقائق، ورجعت إلى القاعة العامة، وانسحبت للمرة الثانية، طيلة أشغال الجلسة، بما فيها جلسة التشريع في سابقة غير معهودة، بعدما تمت عرقلة تطبيق النظام الداخلي، فأضحت المادة 152 المنظمة لقواعد العمل البرلماني، مثيرة للجدل. ورغم المساعي التي بذلها رئيس مجلس النواب، أثناء تعليق الجلسة للتشاور، لضمان عودة نواب فرق المعارضة للجلسة على غرار ما حدث سابقا، إلا أن نوابها أصروا على مقاطعتها احتجاجا على رفض أغلب الوزراء التفاعل مع أسئلة آنية لتناول الكلمة ومناقشة ملفات طارئة تتطلب تفاعلا آنيا، عوض انتظار 20 يوما للإجابة عن الأسئلة الشفوية في قاعة الجلسات. وترافع رؤساء فرق ومجموعات المعارضة عن أحقيتهم في استدعاء الوزراء، وفق المادة 152 لتناول الكلمة حول حدث طارئ يخص مثلا وضعية 25 ألف طالب بكليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، الذين قاطعوا الدراسة لمدة 8 أشهر، ورفضوا اجتياز الامتحانات، وإضرابات الأطقم الطبية والتمريضية رغم توقيع محضر الزيادة في الأجور ورفع الملف إلى تحكيم رئيس الحكومة، وغلاء أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية من خضر ولحوم حمراء وبيضاء، وفواكه، وكشف لائحة المستفيدين من دعم استيراد الأضاحي التي لم تنخفض أسعارها رغم إنفاق 200 مليار، وارتفاع حدة البطالة في صفوف الشباب. ونصت المادة 152 من النظام الداخلي لمجلس النواب السابق، والتي أضحت هي المادة 163 في النظام الداخلي الجديد، المصادق عليه قبل إغلاق دورة أبريل الماضي، على أنه يحق للبرلمانيين تناول الكلمة عند نهاية الجلسة الأسبوعية للتحدث في موضوع عام وطارئ، يستلزم إلقاء الضوء عليه وإخبار الرأي العام الوطني به. ويقوم رئيس الفريق أو المجموعة النيابية، تضيف الفقرة الموالية من المادة 152 (163 حاليا)، بإشعار رئيس المجلس كتابة بالطلبات الواردة من قبل البرلمانيين للتحدث في هذا الموضوع قبل افتتاح الجلسة بـ 24 ساعة على الأقل، وتوجه الطلبات مباشرة إلى رئيس المجلس الذي يشعر الحكومة، على أساس برمجة المواضيع باتفاق معها. وفي حال ردت الحكومة سلبيا بعدم التجاوب، أكدت المادة نفسها، أنه إذا تعذر برمجة الموضوع في الأسبوع الأول، يبرمج في الأسبوع الموالي، وهذا ما لم يكن يطبق واقعيا، ما دفع بفرق المعارضة إلى الاحتجاج مرارا. ولتسليط الضوء على المادة المثيرة للجدل، قال عبد الرحيم شهيد، رئيس الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية لـ "الصباح"، إنه «تم استهداف فرق ومجموعات المعارضة ومنعها من تطبيق النظام الداخلي بشأن المادة 152 لأجل محاسبة ومساءلة الوزراء". وأكد شهيد أن مكتب مجلس النواب والأغلبية أرادا الإجهاز على آلية تناول الكلمة في حدث طارئ، مثل غلاء الأسعار والأضاحي، وأزمة كليات طلبة الطب، مضيفا أن فرق الأغلبية مارست التشويش على المعارضة للترافع عن غياب الوزراء بمبررات واهية. ومن جهته، أوضح رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية، في تصريح مماثل لـ "الصباح"، أن الأغلبية الحكومية أصبحت تتحكم في تسيير جلسة مجلس النواب، وتجاوزت حدود القانون، وأرادت بجرة قلم حذف المادة 152 رغم التنصيص عليها في النظام الداخلي، مضيفا أن الحكومة ترفض التفاعل مع الأسئلة الآنية لمجلس النواب، والوزراء يتهربون ويفرون من المواجهة خوفا من المحاسبة لأن فاقد الشيء لا يعطيه. وسجل إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي، الموقف نفسه، موضحا أن انسحاب المعارضة من الجلسة العامة ليس لأجل تأكيد أنها موجودة سياسيا، بقدر ما تريد تطبيق القانون الذي ترفضه الأغلبية الساعية إلى حجب أصوات المدافعين عن حقوق وهموم الشعب. وأضاف السنتيسي أنه من العار سماع وزير يقول لبرلماني أتحداك، إذ انقلب المشهد المؤسساتي في هذه الولاية التشريعية، الذي جعل الوزراء يراقبون البرلمانيين. ومن جهة أخرى، نفى رؤساء الأغلبية حذف المادة 152 من النظام الداخلي، وقال أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، لـ "الصباح"، إن انسحاب المعارضة تريد من خلاله القول إنها تمارس السياسة لكن من بابها الضيق، لأنه تم عقد 3 اجتماعات مع رئيس المجلس وحصل اتفاق على كيفية تطبيق المادتين 151 المتعلقة بنقطة نظام، و152 المتعلقة بتناول الكلمة. وأكد التويزي، أنه عوض تطبيق القانون، يلقي نواب المعارضة خطابات سياسية شعبوية، لا علاقة له بمضامين المادة 151، ويتناولون الكلمة خارج إطار الاتفاق الحاصل مسبقا بينهم وبين الحكومة، وقرار مكتب مجلس النواب. وأوضح المتحدث نفسه، أن الأقلية تريد أن تمارس هيمنة على الأغلبية في مجلس النواب، وقلب الآليات الديمقراطية وهذا مس بالعمل البرلماني. وقال عمر احجيرة، رئيس الفريق الاستقلالي، إنه لمن المؤسف عقد اجتماعات ندوة الرؤساء، وأعضاء المكتب والتوافق على كيفية تدبير الجلسة، ليخرج نواب المعارضة بمواقف مخالفة تماما. وعوض إثارة ذلك في الجلسة العامة، يضيف احجيرة، كان على المعارضة مناقشة الملف في الفضاء الذي يليق به، أي بمكتب مجلس النواب وندوة الرؤساء، مضيفا أن ما جرى مجرد "تسخينات سياسية" لا معنى لها، لأن الرأي العام ينتظر التفاعل مع انتظاراته الحقيقية وليس سماع السياسة الشعبوية. أحمد الأرقام