في العديد من القضايا، يتم اللجوء إلى الحكم بالمدة التي قضاها المتهم أو الظنين بالسجن، أو ما يصطلح عليه "بما قضى"، وهي صمام الأمان الذي يتم اللجوء إليه لأجل تغطية أو تبرير الخطأ، الذي قد تكون النيابة العامة أو قضاة التحقيق سقطوا فيه، من خلال اعتقال الشخص المتابع، دون النظر إلى مدى توفره على الضمانات القانونية التي تتيح محاكمته في حالة سراح، خاصة إذا كان الفعل المرتكب لا يحتمل أي خطر من بقاء المشتبه فيه خارج أسوار السجن، وتوفرت فيه الضمانات القانونية للحضور. وتكون المحكمة سايرتهم في ذلك، من خلال رفض السراح المؤقت وتبريرها بانعدام الضمانات القانونية. مغالاة النيابة العامة أو قضاة التحقيق في الاعتقال الاحتياطي، تجد تبريرها عند البعض في أنها رغبة في التطبيق الحرفي للقانون وضمان مبدأ المساواة أمامه، وأنه، في حالات معينة، عندما تلجأ النيابة العامة أو قضاة التحقيق إلى استعمال سلطة الملاءمة، يتهمون بالمحاباة، خاصة في الملفات الحساسة، وقد تكون معرضة للمساءلة، ما يدفعهم إلى اعتماد الاعتقال لأجل امتصاص غضب المواطنين، سيما في القضايا والملفات التي يكون له صدى معين. إلا أن غضب المواطنين لا يمكن امتصاصه إلا بالتطبيق السليم للقانون وليس بخرقه أو التعسف في استعماله، فالدستور المغربي أقر بإمكانية رفع دعوى من قبل المتضرر من الخطأ القضائي، خاصة إذا ثبت أنه بريء من الجرم المرتكب، وأنه قضى مدة معينة في السجن دون موجب حق، وهو ما يشكل خطأ قضائيا يستوجب أن تعمل الدولة على تعويض المتضرر منه. الأصل في المحاكمة، كما ينص على ذلك الفصل الأول من قانون المسطرة الجنائية، أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، إلا أن الملاحظ أن التطبيق السليم لهذا الفصل مغيب على أرض الواقع، إذ يعمل بأن الأصل في المتابعة هو الإدانة إلى أن تثبت البراءة، هذه البراءة البعدية تشكل، في العديد من الحالات، صك إدانة ولا يعتد بها من قبل المجتمع، وهو ما "يزعزع" ثقة الناس في القضاء. إن سلطة الملاءمة التي منحها المشرع للنيابة العامة وقضاة التحقيق، في إمكانية متابعة الشخص في حالة اعتقال أو حالة سراح مؤقت، لم تأت اعتباطيا، وترك صلاحية المتابعة، لا يعني أبدا التعسف في استعمالها، خاصة أن المغرب، بعد دستور 2011، دخل عهدا جديدا في الحريات، وكرس مبادئ المحاكمة العادلة التي ينبغي أن ينخرط فيها الجميع من خلال التطبيق السليم لروح النصوص القانونية دون مغالاة، ومن خلال الاحتكام إلى الضمير المهني في التعامل مع القضايا واستحضار مبدأ البراءة والمساواة أمام القانون. كريمة مصلي للتفاعل مع هذه الزاوية: mayougal@assabah.press.ma