ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺗﻤﺜﻞ ﺧﻄﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ ﻳﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻛﺎﻓﺔ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﺩﻭلا ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﺃﻭ ﻧﺎﻣﻴﺔ، ﻓﺮﻏﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻛﺎﻥ ﻳﻄﻠﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓـﻲ ﺍﻟﺴﺎﺑﻖ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﻓﻴﺎ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧـﺖ ﻣﺎﻓﻴﺎ ﺇﻳﻄﺎﻟﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺃﻭ ﺭﻭﺳﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻥ ﺃﺧﻄﺎﺭﻫﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻧﺴﺒﻴﺎ ﻭﺗﺴﺘﻬﺪﻑ ﺩﻭلا ﻣﺤﺪﺩﺓ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻭﻣﻊ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺍﻷﻟﻔﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﻭﺑﺪﺍﻳﺔ ﺍﻷﻟﻔﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻭﻣﺎ ﺷﻬﺪﻩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣـﻦ ﺗﻐﻴﺮﺍﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻧﻔﺘﺎﺡ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻭﺣﺮﻳـﺔ ﻟﻠﺘﺠﺎﺭﺓ ﻭﺗﻼﺷﻲ ﻣﻌﻈﻢ ﺣـﺪﻭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻝ (ﻛﺎﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻷﻭﺭﺑﻲ) ﻭﺳﻬﻮﻟﺔ ﺗﻨﻘﻞ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻟﺒﻀﺎﺋﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻟﻴﺼﺒﺢ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻗﺮﻳﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺃﺩﻯ ﺇﻟﻰ ﺗﻄﻮﺭ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭﻫﺎ. أصبحت الجريمة ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻟﻠﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ وﺧﻄﺮا ﻳﻬـﺪﺩ ﻣﻌﻈﻢ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺳﻴﻤﺎ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ ﻛﺎﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻟﻘﻴﺎﻣﻬﺎ ﺑﺘﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺘﺴﻬﻴﻼﺕ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻛﺎﻓﺔ ﻟﺠﺬﺏ ﺭﺅﻭﺱ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎﺏ ﺭﻗﺎﺑﺔ ﻣﺼﺪﺭ ﻫـﺬﻩ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻐﻼﻟﻬﺎ ﻟﺘﻄﻮﺭ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻛﺎﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﻭﺍﻷﻗﻤﺎﺭ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﺎ ﻭﺟﺮﺍﺋﻤﻬﺎ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻣﻦ ﻭﺭﺍﺋﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺮﺑﺢ، ﻛﺘﺠﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﺴﻼﺡ ﻭﺍﻵﺛﺎﺭ ﻭﺍﻟﺘﺤﻒ ﻭﺍﻻﺗﺠﺎﺭ ﺑﺎﻷﺷﺨﺎﺹ ﻭﺍﻷﻋﻀﺎﺀ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻭﻏﺴﻴﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ، ﻭﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﺮﺍﺋﻢ . ﻭﻻ ﻳﻘﺘﺼﺮ أﺛﺮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻌﻴﺪ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﺑﻞ ﻳﺘﻌﺪﺍﻩ ﻟﻴﻬـﺪﺩ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﻟﻌﺪﻡ ﺗﺮﺩﺩﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻭﺳﺎﺋﻠﻬﺎ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻏﺮﺍﺿﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﻨﻒ ﻭﺗﻬﺪﻳﺪ ﻭﺭﺷﻮﺓ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻓﺸﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ، ﻓﻀﻼ ﻋـﻦ ﻧﺸﺮﻫﺎ ﺍﻟﻔﺴﺎﺩ ﺑﻴﻦ ﺃﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻮﻡ ﻋﺼﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺑﺘﻮﻇﻴﻒ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﺍﻟﻄﺎﺋﻠﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻘﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﻗﻄﺎﻉ ﻣﻨـﻪ، ﻭﺗﺨﻔﻲ ﺃﻧﺸﻄﺘﻬﺎ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﻪ ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺬﻭﻱ ﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ، ﻛﺎﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻭﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﻭﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺩﻱ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺘﺄﺛﻴﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ، ﻭﺯﻋﺰﻋﺔ ﺍﻷﻣﻦ ﻭﺍﻻﺳﺘﻘﺮﺍﺭ ﻓﻴﻬﺎ، ﻭﺑﺎﻷﺧﺺ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻨﺎﻣﻴﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﺩﻭﻝ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ وهيأة ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺗولي ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ . ﺍﻟﻔﺼﻞ الأول : ﻣﻔﻬﻮﻡ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻭﺧﺼﺎﺋﺼﻬﺎ ﻭﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﻭﺁﺛﺎﺭﻫﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺷﻜﻼ ﻣﻦ ﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻹﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﺠﺴﻴﻢ، ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺸﻜﻞ ﺗﺤﺪﻳﺎ ﺧﻄﻴﺮﺍ ﻷﺟﻬﺰﺓ ﺍﻟﻌﺪﺍلة ﺍﻟﺠﻨﺎﺋﻴـﺔ ﻓـﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣـﻦ ﺑﻠﺪﺍﻥ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ، ﺣﻴﺚ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺑﻌﻨﺎﺻﺮﻫﺎ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺗﺠﻨﻲ ﺃﻣﻮﺍﻻ ﻃﺎﺋﻠﺔ، ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﻣﺼﺎﺩﺭ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋـﺔ ﻛﺎﻻﺗﺠﺎﺭ ﺑﺎﻟﻤﺨﺪﺭﺍﺕ ﺃﻭ ﺍﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺳﻠﺤﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﺭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺃﻭ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﺃﻭ ﻏﺴﻴﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺇﺩﺧﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﺘﺼﺒﺢ ﺃﻣﻮﺍﻻ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺗﺰﺩﺍﺩ ﻳﻮﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻭﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻣﻘﺘﺼﺮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻔﻘﻴﺮﺓ، ﺑﻞ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺁﺛﺎﺭﻫﺎ ﺗﻄﺎﻝ ﺍﻟﺪﻭﻝ ﺍﻟﻐﻨﻴﺔ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ ﻫـﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﺔ ﻭﺍﻟمهمة ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻪ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ. 1) ﻣـﻔـﻬـﻮﻡ ﺍﻟـﺠـﺮﻳـﻤـﺔ ﺍﻟـﻤﻨـﻈـﻤـﺔ ﻋـﺒـﺮ ﺍﻟــﻮﻃـﻨﻴــﺔ ﺮﻏﻢ ﺍﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻟﻠﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ، ﻭﻣﻊ ﺗﻌﺪﺩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎﻭﻟﺖ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻹﺟﺮﺍﻡ ﺍﻟﻤﻨﻈﻢ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻧﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ ﺃﻭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺪﻭﻟﻲ، ﺇﻻ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺣﺘﻰ ﺍﻵﻥ ﺗﻌﺮﻳﻒ ﺟﺎﻣﻊ ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﻴـﻪ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻌﺪﺩ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﻭﺃﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈمة كما أنه ﺗﻮﺍﻟﺖ ﺍﻟﺠﻬﻮﺩ ﺍﻟﻔﻘﻬﻴﺔ ﻟﻠﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺻﻴﻐﺔ ﻣﺜﻠﻰ ﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، ﻟﺬﻟﻚ ﺗﻌﺪﺩﺕ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﻴﺰ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻋﻨﺼﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ، ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻴﺴﻴﺮ ﺍﻷﻣﺮ ﻟﻠﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ. ﻭﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻔﺎﺕ ﺍﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮﺓ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ تكون ﻭﺭﺍﺀﻫﺎ ﺟﻤﺎﻋﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ ﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺃﺳﺎﺳﺎ ﻟﻨﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻲ ﻭﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺮﺑﺢ، ﻭﻗﺪ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺩﺍﺧﻞ ﺇﻗﻠﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺄﻧﺸﻄﺔ ﺇﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﻋﺒﺮ ﻭﻃﻨﻴﺔ، ﺃﻭ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻬﺎ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺑﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﻣﺘﺸﺎﺑﻬﺔ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ. ﻭﺗﺠﺪﺭ ﺍﻹﺷﺎﺭﺓ ﻫﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﻟﻸﻭﻃﺎﻥ، ﺻﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﻠﺤﻖ ﺑﺎﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻭﻗﺪ ﻻﺗﻠﺤﻖ ﺑﻬﺎ، ﻓﺈﻥ ﺗﻮﺍﻓﺮﺕ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺼﻔﺔ ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻋﺒﺮ ﻭﻃﻨﻴﺔ، ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﺍﻓﺮ ﺍﻋﺘﺒﺮﺕ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﺩﺍﺧﻞ ﺣﺪﻭﺩ ﺍﻟﺪﻭﻝ. ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻓﻌﻞ ﺃﻭ ﺃﻓﻌﺎﻝ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ ﺗﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺇﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﻫﻴﻜﻠﻲ ﻣﺘﺪﺭﺝ، ﻭﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺼﻔﺔ ﺍﻻﺳﺘﻤﺮﺍﺭﻳﺔ ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺃﻋﻀﺎﺅﻫﺎ ﻭﻓﻖ ﻧﻈﺎﻡ ﺩﺍﺧﻠﻲ ﻳﺤﺪﺩ ﺩﻭﺭ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻢ ، ﻭﻳﻜﻔﻞ ﻭﻻﺀﻫﻢ ﻭﺇﻃﺎﻋﺘﻬﻢ ﻟﻸﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺭﺅﺳﺎﻫﻢ، ﻭﻏﺎﻟﺒﺎ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻬﺪﻑ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺍﻟﺤﺼﻮﻝ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺑﺢ، ﻭﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺮﺷﻮﺓ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ، ﻛﻤﺎ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﻤﺘﺪ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﺪﺓ ﺩﻭﻝ. ﻭﻳﻌﺮﻓﻬﺎ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺇﺟﺮﺍﻣﻲ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ ﺃﺷﺨﺎﺹ ﻳﻮﺣﺪﻭﻥ ﺻﻔﻮﻓﻬﻢ ﻟﻠﻘﻴﺎﻡ ﺑﺄﻧﺸﻄﺔ ﺇﺟﺮﺍﻣﻴﺔ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻭﻣﺴﺘﻤﺮﺓ، ﻭﻳﺘﻤﻴﺰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﻈﻴﻢ ﺑأﻧﻪ ﻳﺸﺒﻪ ﺍﻟﺒﻨﺎﺀ ﺍﻟﻬﺮﻣﻲ ﻭﺗﺤﻜﻤﻪ ﻟﻮﺍﺋﺢ ﻭﻧﻈﻢ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻟﻀﺒﻂ ﺳﻴﺮ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺩﺍﺧﻠﻪ، ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻪ باستخدام ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ، ﻣﻦ ﻋﻨﻒ ﻭﺗﻬﺪﻳﺪ ﻭﺍﺑﺘﺰﺍﺯ ﻭﺭﺷﻮﺓ ﻹﺧﻀﺎﻉ ﻭﺇﻓﺴﺎﺩ ﺍﻟﻤﺴﺆﻟﻴﻦ، ﺳﻮﺍﺀ ﻓﻲ ﺃﺟﻬﺰﻩ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺃﻭ ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺍﻟﻌﺪﺍﻟﺔ ﻭﻓﺮﺽ ﺍﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ، ﺑﻬﺪﻑ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻻﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﺍﻟﻘﺼﻮﻯ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺸﺎﻁ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻲ، ﺳﻮﺍﺀ ﻛﺎﻥ ﺫﻟﻚ ﺑﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ، ﺃﻭ ﻏﻴﺮ ﻣﺸﺮﻭﻋﺔ . ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻻﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﺷﺨﺺ ﻭﺍﺣﺪ، ﺗﻬﺪﻑ ﺇﻟﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﺭﺑﺎﺡ ﻣﺎﺩﻳﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻣﻤﺎﺭﺳﺘﻬﺎ ﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻷﻧﺸﻄﺔ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻋﺔ ﻭﺍﺳﺘﺨﺪﺍﻣﻬﺎ ﻟﻠﻌﻨﻒ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺨﻮﻳﻒ، ﺃﻭ ﺃﻱ ﺃﺩﻭﺍﺕ ﺗﺮﻏﻴﺐ ﺃﺧﺮﻯ، ﻛﺪﻓﻊ ﺍﻟﺮﺷﺎﻭي ﻭﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻟﻤﻦ ﻳﺘﻌﺎﻭﻥ ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺃﻫﺪﺍﻓﻬﺎ ﺍﻹﺟﺮﺍﻣﻴﺔ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﺼﺎﺭﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﻫﻴﻜﻠﻬﺎ ﺍﻟﺪﺍﺧلي . *باحث في العلوم القانونية ـ برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال – جامعة محمد الخامس بالرباط .